عمر كلاب

لسنا بصدد الحديث عن الذوات الخارجين او الداخلين في التعديل الحكومي, الذي يمكن قراءته برغائبية سوداء او بيضاء, حسب زاوية الرؤية والحسابات الذاتية او الجمعية, لكن التعديل الطازج والذي يحمل الرقم سبعة قانونيا والرابع سياسيا, يحمل دلالات مهمة, اولها اسقاط فكرة توزير النواب بعد تقديمهم الاستقالة من مجلس النواب, فالفكرة حسب ظني مبكرة جدا وربما غير ناجزة في هذه اللحظة السياسية التي تستهدف البناء الحزبي, وإن كان اسقاط فكرة توزير النواب لم تكن خاضعة لهذا التصور, بل خضعت لنكايات افرزت ما حدث من استبعاد للفكرة.

التعديل السابع جاء حاملا لفكرة جديرة بالتوقف للقراءة, وهي توزير اربع ذوات ينتمون لاحزاب ناجزة او حاصلة على صفة تحت التأسيس, وهذه تحدث للمرة الاولى في القرن الحديث, وتمنح اشارة ذات دلالة ان فكرة الحزب لا تتعارض مع المنصب الرسمي, واظنها ابلغ رسالة على جدية الدولة في السير نحو الحكومة الحزبية, ودليل ساطع على فكرة انتهاء رحلة معاناة الحزبيين والتضييق عليهم, صحيح أن الفكرة لم تسوق بشكل جيد حتى اللحظة فما زال الوقت مبكرا, لكنها واجبة القراءة, حتى نمنح الاحزاب والحزبيين فرصة للظهور والترقي, ونقطع دابر الشك عند ال?ترددين في الانضمام للاحزاب.

هذا التواجد والتمثيل لطيف حزبي واسع من اليمين الى الوسط الى اليسار, احزاب الميثاق الوطني وإرادة واليسار الديمقراطي والنهج الجديد, يعني ان «الفيتو» على الحزبي قد انتهى, وتلك قضية تحسب لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة, الذي تماهى مع مخرجات لجنة التحديث السياسي ومخرجاتها ومآلاتها, مرسلا رسالة تبييض وجه للدولة, وجديتها في التحديث السياسي, وهو الملف ربما الوحيد الذي نمتلك فيه حركة مرنة وقوية, واثبت الرئيس انه راغب وقادر على احداث اختراق في هذا الملف, فدفع باربعة حزبيين في تعديل شمل سبع حقائب.

القضية الثانية التي تستحق التوقف والقراءة, هو ارتفاع تمثيل المرأة في الحكومة بشكل مثير للاعجاب, فالوزيرات القادمات الى الحكومة او الجالسات على المقاعد الوزارية ممن يملكن قدرة وفكرا على العمل, ولا يعوزهن اي شيء سوى الفرصة للتقدم واثبات الذات, ولعل هذه اول حكومة في تاريخ الاردن ترفع التمثيل النسوي الى هذا الرقم اللافت للنظر, والذي يتماهى ايضا مع رؤية التحديث السياسي, التي ضمنها الملك واستجابت حكومته بوقار للضمانة, فالرئيس الخصاونة حريص على ان تسير الحكومة ضمن الرؤية الملكية, وان يمنح المزيد من الامل للمرأة ا?اردنية التي تتفوق في السنوات الاخيرة في كل المجالات.

التعديل الأخير كان فارقا على صعيد المبنى السياسي, من حيث دلالة الجزبيين والمرأة, اما من حيث المعنى السياسي, فهذه قصة تتباين فيها الاراء, وخاضعة للأمزجة المتباينة, ولا أظنها ضرورية أمام الصورتين الأشمل والأكثر أهمية, فالشخوص بالنهاية ذوات نحترم من غادر ومن جاء, والمهم البرنامج والاداء العام, وهذا محكوم بسياق وطني وليس بقدرة فرد أو رغبته.

omarkallab@yahoo.com