مرايا – كتب : عمر كلاب

رغم أن فكرتها قائمة على النقد والتأشير على الخلل القائم, الا ان صدور المعارضة تضيق من النقد حد الانفجار, ربما بحكم العادة فهي اعتادت توجيه النقد لا استقباله, وربما بحكم العادة ايضا ادمنت الحكومات النقد, الى الدرجة الذي لم تعد تتفاعل وتتعامل معه, فاصبحت الشكوى الشعبية تحصيلا حاصلا ولا تجد استجابة لائقة, وما زالت المعارضة على سخطها وحنقها من النقد, وايضا دون استجابة, سوى التشهير بالناقد, حسب المرجعية الفكرية للمعارضة, مثل مفردات التكفير والعياذ بالله اذا كانت المعارضة اسلامية, او التخوين والتسحيج اذا كانت ال?عارضة يسارية وقومية.

ثمة معارضة جديدة لم تجد بعد وصفاتها للمخالفين او المعارضين, ربما بحكم حداثة التجربة في المعارضة, واقصد طبقة الموظفين السابقين على اختلاف مراتبهم الوظيفية, من رؤساء وزارات الى وزراء الى محافظين اي رتب باشوية الى اخر القائمة, ولا يجب انكار هذه الفئة الجديدة, التي باتت كبيرة نسبيا, وكلها كانت مليئة بالرغبة لتحسين احوال البلاد والعباد لكن الاقالة او التقاعد جاءهم على بغتة, رغم قضائهم سنوات طويلة في المنصب والوظيفة, دون ادنى ملمح من ملامح المعارضة, مما يعني ان منسوب الوعي بالخلل الذي يستدعي المعارضة, يأتي بعد ا?خروج من الموقع.

هذه المعارضة لم تجد بعد وصفاتها وسماتها, فلا هي قادرة على اتهامك بالتسحيج, لانها الى ما قبل فترة كانت في رحم السلطة, ولا هي قادرة على اتهامك الكفر او الخيانة بحكم تلازم المسارات في المواقف الى حد قريب, فلم تجد لفظتها اللازمة, وهذا يدفعنا الى ضرورة مساعدتها في انتاج تهمة طازجة لمخالفيها, ولكنها قابلة للطي, لان الناقد اليوم قد يصبح حليفا او شريكا في المعارضة غدا, فلذلك يجب ان تكون التهمة قابلة للتوبة والمغفرة الوطنية, وهذا يحتاج الى اسناد من المعارضة الاسلامية, التي تفننت في منح صكوك الغفران لفاسدين ومارقين ?مجرد انهم اصبحوا معارضين, حتى ولو لتغطية فسادهم.

اخر وصفات او تهم هذه المعارضة الطازجة, تهمة لزجة وتأخذ شكل النصيحة اكثر من شكل التهمة, فيقول لك كبيرهم, لقد خدمنا السلطة اكثر من غيرنا والقتنا على قارعة الطريق, فلا تحمّل نفسك اكثر مما تحتمل واهدأ, او يأتي واحد اكثر حكمة ويقول لك السلطة تاكل ابناءها, وسيأكلوك غدا, الى اخر قاموس هذه المصطلحات والمرادفات, ولكن القنبلة الاكثر صوتا, هي عندما يقول: لا تستعجل ستصل وستصبح مسؤولا, وتلك موجعة فعلا, لانها تاتي من رجل مجرب وعارف بالسلطة, فهل فعلا اسرع طرق الوصول للسلطة هي المعارضة, وهل هذه الطريق سالكة لجميع الاردنيي?, ام لفئة منهم, فقد استمعت بالامس الى وزير عامل, يشكو بثه وحزنه, ويؤكد ان طريق السلطة وحتى الوظيفة لعينة محدودة من منتهجي المعارضة وليس للجميع.

حديث الوزير خطير, ويبدو ان الرجل في طور التحمية لدخول ابواب المعارضة, او للحفاظ على مقعده بنفس الطريقة, لكن المشهد العام لا يسر, وتحديدا على قاطع المعارضة الجديدة التي تأتي مسلحة بمعلومات يميل الناس الى تصديقها بحكم مكانة العمل السابقة, وهذه المعارضة باتت فاكهة المعارضات الاخرى واحد ابرز استشهاداتهم, فهل تلفت الدولة ولا اقول السلطة الى هذا الخطر, ربما عليها اعداد خطة طوارئ لمثل هذا الامر.

omarkallab@yahoo.com