مرايا –

مجد كيال* – (أوريان 21) 28 آذار (مارس) 2023
لم يتوقف عدد المتظاهرين ضد التعديل القضائي المقترح في تل أبيب عن التزايد منذ كانون الثاني (يناير) 2023. وهناك فئة قليلة فقط من هؤلاء المحتجين تعارض سياسة الاستيطان في الأراضي المحتلة، وتبقى الأغلبية غير معنية بالسياسة التي تنتهجها الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية ضد الفلسطينيين. وفيما يلي وجهة نظر فلسطينية حول هذه الحركة الاحتجاجية.

* *
بلغت الاحتجاجات من أجل الديمقراطية في إسرائيل ذروة غير مسبوقة: دفاعًا عن حريتهم وحقوقهم المدنية، يهدد آلاف العسكريين الإسرائيليين بالإضراب عن ارتكاب جرائم الحرب.
في هذه الاحتجاجات، تتنظم قيادات قوات المدفعية وضباط المخابرات العامة، أبطال الموساد الخارقون وقديسو سلاح الجو، ويعلنون أنهم لن يؤدوا “واجباتهم العسكرية” -المعروفة أيضًا بروتين الإعدامات الميدانية، وفرض العقوبات الجماعية، وقصف التجمعات السكنية وإدارة يوميات حصار غزة وغير ذلك- إذا ما تمسكت حكومة نتنياهو بباقة التعديلات القضائية التي تمنح الأغلبية الحاكمة صلاحيات تشريعية واسعة، وتقزم رقابة المحكمة العليا وتحجم مهامها الدستورية. وهي عملية تراكمت وتصاعدت حتى خروج وزير الأمن، يوآف غالانت، الجنرال المسؤول عن المجازر في غزة في العام 2009، ليعارض التشريعات ويعتبرها خطرًا على تماسك جيش الاحتلال، مما دفع نتنياهو إلى إقالته، قبل أن يقرر تعليق خطة التعديلات القضائية، من دون التنازل عنها.
جرائم حرب “ديمقراطية”
وقع 460 من رجال المخابرات العامة رسالة موجهة إلى آفي ديختر، رئيس جهاز الشاباك السابق، والمسؤول المباشر عن كل جرائم المخابرات إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، الذي أصبح وزيرًا في الحكومة الحالية. وناشدته الرسالة أن لا يساند “خطوات تهدد الأسس الديمقراطية لإسرائيل”. وفي محاولةٍ لاستعطافه وملامسة قلبه المرهف، توجهت إليه الرسالة بكنيته المستعرِبة -“أبو نبيل”- التي اشتهر بها خلال مسيرته الطويلة في ترهيب وتعذيب الفلسطينيين.
وفيما يخص سلاح الجو، تساءل القائد السابق لسلاح الجو بحزنٍ عبر شاشة التلفزيون(1): “إذا كان الشرخ السياسي بين الطيارين عميقًا إلى هذا الحد، فكيف سيتعاونون في قُمرة قيادة واحدة وهم في طريقهم لقصف إيران؟”. وفي الأسلحة البرية، صعد مخضرمو سلاح المدرعات احتجاجهم حين سرقوا رمزًا من رموز الحرية الإسرائيلية -دبابة- ونقلوها في مسيرةٍ احتجاجية، بعد أن كتبوا عليها كلمة “ديمقراطية”.
وتقدم جريدة “هآرتس” مثلًا، ملكة جمال اليسار الإسرائيلي، تقريرًا مطولًا يجمع شهادات من “طيارين وقيادات عسكرية”(2) حول رفضهم “الانقلاب القضائي”. ويبدأ المقال بمقابلةٍ مع طبيبٍ عسكري في جيش الاحتلال يقول فيها:
“لقد خدمنا تحت حكومات اليمين لعقود، نفذنا بإمرتهم خطوات غير قانونية على الإطلاق. استخدمنا سيارات الإسعاف لتدعيم محاور عسكرية وتعزيز الحواجز. أخفينا شارة الإسعاف عن مركباتنا حتى لا يرى ذلك أحد، لأننا كنا نعرف جيدًا ما نفعله، ولم نعترض، لم نرفض الأوامر، كنا نعرف أننا نخدم دولة ديمقراطية…”.
ويقول طيار في سلاح جو الكيان في المقابلة ذاتها: “عندما طُلب منا أن ننفذ غارات في المنطقة الرمادية، على الحافة السوداء، خاصةً في هجماتنا في غزة، كنا نفعل ذلك باسم حكومة تعمل ضمن قوانين اللعبة المعرفة والواضحة، هذه تعليمات المنظومة وأنت متكامل معها”.
وهكذا، تستمر مقابلات “هآرتس” في تعداد جرائم الحرب وتبريرها “بالعقد الديمقراطي” الذي تُنفذ باسمه، وتُهددنا بخطورة انهياره. “لا يُمكن وصف هذه الشهادات، إلا بأنها تكسر القلب…”، كما يقول محررو “هآرتس” في عنوانهم الفرعي للتقرير. “تكسر القلب”.
الآباء المؤسسون: تانغو الجيش والمحكمة
في إسرائيل اليوم قطبان يتناحران على ما يُسمى “شكل الدولة”، أي شكل إدارة المنظومة الاستعمارية الصهيونية. ما الآليات المتبعة لتخطيط وتنفيذ قمع الفلسطينيين وتدميرهم؟ من الطبقة الاجتماعية والأيديولوجية التي تحكم سير العملية الاستعمارية؟ وكيف تُقسم الموارد المسروقة من حياة وأرض وماء ومال الفلسطينيين؟
القُطب الأول قديم، أشكنازي أوروبي، هيمنته العميقة في المنظومة تنبع من أسبقيته. كان هؤلاء المستعمرون الأوائل، الذين خططوا للمشروع وأسسوه، ونفذوا بأيديهم عملية التطهير العرقي الكبرى في نكبة العام 1948. ثم تقاسموا الأراضي والأملاك والموارد المنهوبة. وهم طبقة اجتماعية متماسكة، أحفادها طيارون يقصفون غزة، وآباؤهم قضاة أو محاضرون في الجامعات، وأجدادهم متقاعدون يجلسون في بيوتهم الواسعة على أراضٍ فلسطينية مسروقة، ويتحدثون بأريحية (أمام كاميرا مخرج سينمائي… أشكنازي هو الآخر)، عن المجازر التي ارتكبوها بدمٍ باردٍ في الطنطورة أو كفر قاسم.
وقد فعلوا كل هذا انطلاقًا من وعي استعماري أوروبي وعلماني كلاسيكي؛ يقوم على إيمان بالتفوق العرقي والمعرفي والحضاري على أهل البلاد، وسعي إلى بناء منظومة “حديثة”، موضوعية وعلمانية، بل واشتراكية في بدايتها، فيها تداول ديمقراطي للحكم وفصل للسلطات. وأهم ما فيها أن تعتمد على بنية قانونية ولغة سياسية رسمية “نظيفة” متمكنة من قاموس القانون الدولي، قادرة على تبييض الجرائم، وبالتالي تبييض دعم الدول الغربية للمشروع الاستعماري في فلسطين، دوليًا وعسكريًا.
وقد سيطر هؤلاء على كل مفاصل المنظومة. شكلوا الحزب الحاكم “ماباي”؛ تحكموا بالصندوق القومي ودائرة أراضي إسرائيل؛ احتكروا السواد الأعظم من الموارد، وهيمنوا في مؤسسات تصمم الوعي، من الأكاديميا إلى الإعلام، وطوروا قوتهم الاقتصادية والتكنولوجية أيضًا. وجاء كل هذا على حساب موارد الفلسطينيين المنهوبة وحياتهم المهدورة طبعًا، لكنه لم يكن ممكنًا من دون استغلال اليهود الشرقيين الذين انتُزعوا من أوطانهم ومجتمعاتهم العربية وجُلبوا إلى فلسطين كمستعمرين، ليرجحوا كفة الميزان الديموغرافي لصالح اليهود، وليشكلوا قوة عمل يهودية رخيصة تستبدل قوة العمل العربية. وهم مجتمعات يهودية يمنية ومغربية وعراقية وكردية وغيرها، عاشت في ظل الدونية والفقر، ونُفذت بحقها جرائم، وطُمست هويتها العربية بعنف في “فرن الصهر” الصهيوني الأوروبي.
وكان من ضمن ما سيطروا عليه مؤسستان جوهريتان في “الدولة اليهودية الديمقراطية”: الجيش والمحكمة العليا. وهما مؤسستان بينهما تانغو الجريمة والتبييض. واحدة تُخطط وتنفذ العنف الدموي ضد العرب حفاظًا على سيادةٍ وأغلبية “يهودية”، والأخرى تراقبه لتضمن النجاعة وتوفر غطاءً قانونيًا، ليكون العنف “ديمقراطيًا”. أو بكلمات 460 رجل مخابرات، في الرسالة المذكورة أعلاه إلى قائد المخابرات السابق: “نعرف جيدًا، نحن وأنت، أن المحكمة العليا لم توقف أبدًا أيًا من عملياتنا الوقائية، وإنما وجهتها وحسنتها”.
عمق شَكلُ حروب إسرائيل هيمنة هذه الفئة في الجيش. في العقود الأولى، أمام الجيوش العربية النظامية، لا سيما طبيعة الحرب الخاطفة، رُفعت وحدات عينية -سلاح الجو، جهاز الموساد، ووحدات الكومندوز الأربعة- إلى مرتبة القداسة في الوعي الصهيوني. وهي كلها وحدات حصرية لذكور هذه الفئة الأشكنازية.
أما المحكمة العليا، فظلت كذلك شبه حصرية للفئة الأشكنازية. هناك 72 قاضيًا حكموا في المحكمة العليا منذ العام 1948 وحتى اليوم، 11 منهم فقط كانوا من اليهود الشرقيين. وفي ظل غياب دستور إسرائيلي، لعبت المحكمة العليا دورًا دستوريًا وتحلت بمكانةٍ تشريعية، وباتت مع الوقت قادرة على إلغاء القوانين وإجبار البرلمان على تعديلها.
احتلال جديد، تيار جديد
تحت سطوة الهيمنة الأشكنازية، تشكل تيار جديد في السبعينيات، جمع أطرافًا لا يوحدها إلا غضبها ضد التيار القديم.
وخلق احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967 تحولات جذرية. عاشت كتلة اجتماعية هائلة من اليهود الشرقيين والمتدينين في ضيقٍ اقتصادي نتيجة التضخم غير المسبوق في الدولة في بداية السبعينيات. وقام حزب “ماباي”، التعبير الأبرز عن الهيمنة الأشكنازية في حينه، بفرض سياسات اقتصادية تحمي الشرائح الاجتماعية المقربة من السلطة من التضخم (شركات الدولة، مصانعها، النقابة العامة المتحالفة معها، وغيرها)، بينما تعمق فقر الطبقات غير المقربة من السلطة. وفي ظل سخط الفئات المستضعفة، تمكن حزب الليكود من وصول سدة الحكم في العام 1977، والإطاحة بالحزب الحاكم لأول مرة منذ تأسيس إسرائيل. حدث ذلك بأصوات اليهود الشرقيين ودعم أحزاب الصهيونية المتدينة -الشريحة نفسها التي ما تزال حتى يومنا هذا تشكل الكتلة الصلبة لنتنياهو والليكود في الحكم. وقد أججت تلك الانتخابات الاحتدام الإثني والطبقي. وبدأ الليكود عهد الخصخصة وفتح السوق ليتخلخل الاحتكار الأشكنازي للموارد، وحفزت الحالة نشاطًا سياسيًا هوياتيًا ودينيًا تمثل بتأسيس أحزابٍ جديدة باتت اليوم جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي في دولة الكيان، مثل حزب “شاس”، على سبيل المثال لا الحصر.
كانت هذه أيضًا سنوات تأسيس الحكم العسكري وبدايات الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة. وظهرت “طليعة” جديدة من الصهيونية المتدينة التي تعمل، بدوافع دينية خَلاصية، من أجل توسيع الاستيطان اليهودي في “أرض إسرائيل الكاملة”. وهذه الحركة امتداد لمؤسسة دينية سياسية تاريخية، صارعت التيار العلماني المركزي منذ عشرينيات القرن. ومن أبرز التنظيمات في الحركة كانت “غوش إيمونيم”، التي لم تقبل وصاية مؤسسات الدولة على عملية الاستيطان، على الرغم من أن مؤسسات الدولة كانت قد بدأت تخطيط وبناء المستوطنات على الأرض المحتلة بسرعة البرق. وتحولت العلاقة بين تيار الصهيونية المتدينة والدولة إلى علاقة تعاون وصدامٍ مركبة. الدولة لا تعترف بقانونية بؤرهم الاستيطانية، ولكنها توفر لهم حماية عسكرية، ثم تمدهم بالكهرباء والماء والخدمات تدريجيًا، وتُدير ديناميكية تقنين وتبييض للبؤر، تارةً تعترف بها، وتارةً تدمجها بمستوطنات أخرى تخططها الدولة.
وهذه كلها خطوات خاضعة للتفاوض بين الطرفين، وهي بالتالي ميدان لصراع قوى بينهما، وقد ظهرت أشهر انفجارات هذا الصراع بعد الانتفاضة الثانية، حين أقرت إسرائيل خطة “فك الارتباط” وأخلت مستوطنات غزة وسط مواجهة عنيفة مع الحركة الصهيونية المتدينة.
لكن احتلال الضفة وغزة لم يكن شأن الصهيونية المتدينة فقط. فقد دُفع اليهود الشرقيون إلى واجهة الاحتلال. في البداية، دُفعوا للسكن في المستوطنات التي بنتها الحكومة ووفرت فيها ظروف إسكان ومعيشة مبهرة ومغرية، وحدث ذلك مع المستعمرين الروس أيضًا الذين جاءت هجرتهم الكبرى الأولى في العام 1970. وهكذا تحول مجتمع المستوطنين إلى خليط انسجمت فيه تدريجيًا فئات الصهيونية المتدينة مع فئات ضعيفة طبقيًا وإثنيًا.
وتحرك الجيش ليحكم الضفة الغربية وقطاع غزة أيضًا. وهذه المرة، لم يكن الجنود من أساطير النخبة الأوروبية، لا طيارين ولا كوماندوز. وعشية الانتفاضة الأولى، كان شغل الجيش الشاغل أن يدير حربًا على مجتمعٍ أعزل يقاوم بالحجارة، والجداريات، والرايات، والمولوتوف. ولم يُرسل أبناء التيار القديم، طبعًا، لملاحقة الأطفال وكسر عظام الناس واقتحام البيوت بحثًا عن المناشير. كانت هذه مهام أوكلت إلى شبان الطبقات الأضعف في مجتمع المستعمرين، لتضعهم في حربٍ يومية مباشرة تُشن على مجتمعٍ عنيد لا تنكسر فيه روح المقاومة.
آخر قلاع الأشكناز
مع نضوج هذه التحولات، وبعد أن بات واضحًا أن التيار الجديد قادر على تحقيق أغلبية برلمانية والاستيلاء على الحكم والتشريع، اتضح للتيار القديم، ذي الوعي التنويري، أن المؤاخاة المتزنة بين الجريمة والحياة الديمقراطية لم تعد مضمونة، وأن الواجهة القضائية البيضاء التي غطت بُنية العنف الدموي (واعتُبرت “آليات قضائية محلية” تحمي القيادات العسكرية من الملاحقة في المحاكم الدولية!) بدأت تتآكل. واشتدت المقاومة الشعبية الفلسطينية في نهاية الثمانينيات، وازداد المستوطنون والجيش عنفًا وهمجية. ثم بدأت العملية السلمية لمنظمة التحرير، ونضجت لدى النخبة الأشكنازية القديمة، وعلى رأسها رابين، قناعة بضرورة إعادة بناء منظومة السيطرة بشكلٍ جذري، لا سيما في الضفة الغربية وغزة. وجاءت حقبة أوسلو كمحاولة لترميم المنظومة القديمة -تلك التي تتآخى فيها الجريمة مع القانون- واضطرتهم هذه العملية إلى تأسيس سلطةٍ فلسطينية ثبت على المدى البعيد أنها وكالة للاحتلال.
في العام 1995، أصدرت المحكمة العليا قرارًا تاريخيًا يقول إن قوانين الأساس في الدولة لها مكانة أعلى من القوانين العادية، وإن القوانين العادية التي يسنها البرلمان، يُمكن أن تُلغى بقرارٍ من المحكمة، إذا كانت تتعارض مع قوانين الأساس. وعززت المحكمة من سلطتها على حساب قوة البرلمان. وفتحت ما سُميت في حينه بـ”الثورة القضائية” المجال لتدخلات أوسع للمحكمة في إدارة نظام القمع، أي أنه زاد من سلطة القضاة الأشكناز على أجهزة الدولة، على الرغم من تثبيت التيار الجديد لأغلبيته في البرلمان، لا سيما بعد اغتيال رابين. وهذا ما يسعى رجال نتنياهو، ممثلو القطب الجديد، إلى قلبه اليوم.
يتنافس الطرفان على أن يكونا مصدرًا شرعيًا للجريمة، في صراع بين من يقتلون 11 شهيدًا باقتحام نابلس في إطار “العقد الديمقراطي”، ومن يحرقون بيوت حوارة في اليوم التالي. ويظهر هذا الصدام كثيرًا، وغالبًا ما تكون حلبة الصدام قضائية، مثل إعدام عبد الفتاح الشريف على يد الجندي اليؤور عزريا أمام الكاميرات(3)، والجدل الإسرائيلي الداخلي العنيف حول محاكمة الجندي، وإذا كان جهاز القضاء “يقيد يد الجنود”، وكذلك قرار المحكمة بإلغاء قانون “تبييض المستوطنات”(4)، وغيرها.
ليست الاحتجاجات الجارية اليوم هي التمرد الأول على الحكومة الإسرائيلية. فقد تمرد التيار الجديد على حكومات التيار القديم مرارًا وبأشكالٍ وأيديولوجيات مختلفة. وقد امتدت الاحتجاجات بدءًا من تمرد اليهود الشرقيين في حيفا في العام 1959، وصولًا إلى الاحتجاجات العنيفة ضد “فك الارتباط” وإخلاء مستوطنات غزة، وصولًا إلى اغتيال رئيس الوزراء، إسحق رابين. والفرق اليوم هي أنها المرة الأولى التي يتمرد فيها أبناء القُطب القديم على القُطب الجديد.
أما من جهتنا، فأن تسأل فلسطينيًا عن موقفه من هذا الصراع، يعني أن تسأله: هل تُفضل قتل 11 إنسانا برصاص وحدات النخبة في نابلس، أم إحراق البيوت بنيران صبية المستوطنين المتدينين؟
والسؤال، في حد ذاته، يلغي إنسانيتنا.
*مجد كيال: كاتب وباحث من حيفا، فلسطين. روايته الأخيرة “نهر الكرمل” صدرت بداية العام 2023.

هوامش:
(1) المقابلة جرت في تاريخ 5 آذار (مارس) في القناة 12.
(2) “شهادات الطيارين والقيادات: من يعتقد أن الجيش سيبقى بعد الانقلاب لا يفهم شيئًا”، هآرتس، 2 آذار (مارس) 2023.
(3) هاجم عبد الفتاح الشريف في 24 آذار (مارس) 2016 جنوداً إسرائيليين بسكين في الخليل، وقتله اليؤور عزريا برصاصة في رأسه بينما كان الشريف مصاباً طريح الأرض وأعزل. تم تصوير المشهد مما أدى إلى محاكمة عزريا. استمرت المحاكمة عدة أشهر وخلقت جدالاً واسعاً وسط المجتمع الإسرائيلي. حُكم على الجندي الإسرائيلي بالسجن 18 شهرًا، ولكن أُطلق سراحه في نهاية المطاف بعد تسعة أشهر فقط.
(4) في شباط (فبراير) 2017، تبنى البرلمان الإسرائيلي قانوناً لتشريع أكثر من أربعة آلاف بيت لمستوطنين في الضفة الغربية.
(5) في الثامن من تموز (يوليو) 1959، أطلق شرطي إسرائيلي النار على يهودي مغربي في حي وادي الصليب في حيفا. وأثار الحادث موجة من الاحتجاجات سلطت الضوء على التمييز العرقي والاجتماعي الذي يعاني منه اليهود الشرقيون.