درعا واسلاك الكهرباء الاردنية الى لبنان حاضرة

الخصاونة: تراجع نظرية سقوط النظام السوري لصالح النغمة الواقعية

كبح النفوذ الايراني مطلب حتى للنظام السوري

 قصي ادهم

لا تغرق العاصمة عمان بالاوهام او المزايدات وهي تتفاعل مع الظروف المحيطة بمجالها الحيوي, وتحديدا في فضاء الجوار السوري وتشابكاته المعقدة, وإن كانت لا تُدير ظهرها لواقع هذه التشابكات, فرغم حساسية الوضع في درعا, خاصرة الاردن الشمالية, الا انها ليست الورقة الوحيدة التي تتعامل معها في تعقيدات المشهد السوري, فهذه الخاصرة بمقدور الجيش العربي – القوات المسلحة الاردنية – التعامل معها ويتعامل حتى داخل العمق السوري, وفق تفاهمات مع النظام السوري, الذي بات يدرك ان حدوده مع عمان يجب ان تكون مفتوحة, ليس بالمعنى الجغرافي فقط بل بالمعنى السياسي الكبير.

اليوم يعقد الملك قمة ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, وسيكون الملف السوري هو الحاضر الاكبر, وبالطبع ستكون درعا المواجهات مفتاح اساس, لكن ما قبل زيارة موسكو والقمة الثنائية, ثمة تمرين سياسي كامل الدسم أجراه الملك عبد الله, بلقاءات مع عواصم الاشتباك المسلح على الارض السورية, فكانت لقاءات وزراء خارجية السعودية وقطر وتركيا على التوالي في العاصمة عمان, وقبل ذلك كله زيارة واشنطن وتقديم شرح واقعي للملف السوري لادارة الرئيس الامريكي جون بايدن, فالنغمة التي تتحدث عن إسقاط النظام السوري يبدو أنها باتت تميل إلى الواقعية أكثر، من خلال التركيز على تغيير سلوك النظام السوري، بدل الاستمرار في وهم العمل على إسقاطه، وهو أمر تحدث عنه علناً الملك عبدالله الثاني للادارة الامريكية, كما قال رئيس الورزاء الدكتور بشر الخصاونة لصحيفة تركية.

الدرس السوري تمت مراجعته جيدا, قبيل القمة في موسكو, صاحبة التأثير الاكبر في العقل الرسمي السوري, فكما اسلفنا, لا يميل العقل الاردني الى الاوهام او الامنيات والمزايدات, بل بحكم خبرته العسكرية, يميل الملك عبدالله الثاني الى الحسم في السياسة, ولذلك كانت خطوات القوات المسلحة الاردنية حاسمة على صعيد درعا, والفصائل الايرانية الصنع في تلك المحافظة, واليوم يبدأ الملك بسط رؤيته لمعالجات الملف السوري بالكامل, وهو صاحب نظرية الحل السياسي في سورية, بل ثمة رأي غربي يزيد على ذلك, بالقول ان الملك عبد الله هو صاحب نظرية الدخول الروسي على الارض السورية مباشرة.

من موسكوالى درعا, تبدو المسافة شاسعة في الجغرافيا, لكنها الاقرب في السياسة, فالدور الروسي حاسم في هذا المضمار وتحديدا في كبح جماح ايران التي حاولت الاشتباك بأكثر مما هو مطلوب ومسموح في الملف السوري, وسط اراء كثيرة حتى من داخل النظام السوري بضرورة تراجع الاثر الايراني في المسألة السورية وطبعا لصالح المعادلة الاردنية الروسية, لذلك بارك الرئيس السوري بإبتسامة عريضة مرور الكهرباء الاردنية الى لبنان عبر الاراضي السورية, وسط موافقة امريكية صامتة.

الطبق السوري هو الطبق الرئيس على مائدة القمة الاردنية الروسية, لكن ثمة اطباق اخرى, فمخرجات الخروج الامريكي من افغانستان ستكون حاضرة, فقد زار وزير الخارجية الافغاني المأسوف على سلطته عمان مؤخرا, وبالضرورة ثمة دخول في تفاصيل هذا الملف, الذي يراه كثيرون اكثر من هزيمة لواشنطن, وبالتالي هناك رؤيا لما بعد تداعيات هذه الهزيمة على المنطقة, فالملف العراقي بالضرورة حاضر, بعد تمركز النسخة الحديثة من طالبان على حدود ايران, وكل هذا سيجعل من الاثر الايراني اقل تعبيرا في المنطقة, او اكثر رشاقة وليونة على اقل تقدير.

درعا واسلاك الكهرباء الى لبنان, موجودة على مائدة القمة كما يقول الدكتوربدر الماضي لوكالة الاناضول التركية, لكن المسألة السورية برمتها ستكون الاكثر حضورا, وتحديدا ضرورة ارسال القيادة السورية تطمينات عبر موسكو, لاستكمال ملف عودة سورية الى الفضاء  العربي كما السابق, بعد تراجع ان لم يكن سقوط اوهام السقوط للنظام السوري.

الانباط