مرايا – تجددت المظاهرات المدنية في محافظة البصرة جنوبي العراق بعد توقف نشاطها منذ سبتمبر/أيلول الماضي، لتشهد مع انطلاقتها الجديدة توحد معظم المحتجين بارتداء السترات الصفر في مواجهة القوات الأمنية التي شنت حملة اعتقالات ومطاردة العشرات في أحياء وشوارع المدينة.
يقول الناشط المدني حسن العلي إن تجدد المظاهرات يأتي بعد فشل السلطات الحكومية في تغيير “الواقع المأساوي” الذي تعيشه مدينة البصرة والمتمثل في فقدان أبسط الخدمات.
تحذير من عنف
وأضاف العلي للجزيرة نت أن الناشطين سيطلقون مظاهرات يومية أمام مبنى محافظة البصرة حتى تتحقق المطالب التي أعلن عنها في مظاهرات الصيف وفشلت الجهات الحكومية في تنفيذها.
وتتمثل أبرز المطالب التي أعلن عنها في المظاهرة، في توفير الخدمات، ومعالجة ملوحة المياه في المحافظة، وتوفير فرص عمل للعاطلين، والقضاء على الفساد.
وكانت المظاهرات التي شهدتها البصرة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول الماضيين، قد رافقتها أعمال عنف وحرق لبعض المؤسسات الحكومية ومكاتب الأحزاب السياسية والقنصلية الإيرانية.
وبينما حذر العلي من أن العنف الذي استخدم من قبل القوات الأمنية ضد المتظاهرين سيعود بتصعيد الاحتجاجات الشعبية، أكد زميله علي النور أن المظاهرات التي انطلقت أمس الثلاثاء هي امتداد لمظاهرات الصيف الماضي.
ولفت علي النور إلى أنه لا دور للقوى السياسية أو الحزبية أو جهات متنفذة في تجدد المظاهرات، مشيرا إلى أن ما يميزها هذه المرة هو ارتداء أغلب المتظاهرين للسترات الصفر للتعريف بأنفسهم.
السترات الصفر
وقال علي النور الذي تعرض للاعتقال في مظاهرة سابقة، إن ارتداء السترات الصفر لا يمثل تقليدا للاحتجاجات في فرنسا، مشيرا إلى أن هذه السترات تم ارتداؤها في المظاهرات المدنية التي خرجت في البصرة عام 2015.
وأشار إلى أن عودة التظاهر بالسترات الصفر في هذا الوقت يمثل تعبيرا احتجاجيا عالميا ضد السلطات التي تغيّب أولويات مواطنيها.
حراك مدني
بالمقابل رأى الناشط السياسي عباس عجيل أن المظاهرات في البصرة لم تتوقف منذ الصيف الماضي، لكن قد خفّ أوارها نسبيا وتنوعت أشكالها، فقد أخذت طابعا قطاعيا، فتجد مظاهرة للمعلمين، وأخرى للشباب العاطلين عن العمل، وما يجمعها هو عدم زوال أسباب الاحتجاجات السابقة.
ورأى أن هنالك مؤشرات على عودة الحراك المدني بشكل أكبر من السابق، وأضاف أن ما يثار من أحاديث عن تفرد محافظ البصرة بالتصرف بالأموال المرصودة للمحافظة بشكل خارج الرقابة وبالشراكة مع نواب سابقين “خلق أجواء من اليأس لدى البصريين وبالخصوص الشباب منهم، ستشكل حافزا قويا لاستمرار المظاهرات وربما بأساليب جديدة”.
تجدر الإشارة إلى أن محافظة البصرة فيها ميناء العراق الرئيسي ومنفذه البحري الوحيد، وتشكل مركز صناعة النفط في البلاد، وتختزن ما يربو على ثلثي احتياطي نفط العراق، وتحتضن حقول نفط عملاقة مثل الرميلة والزبير وغرب القرنة، فضلا عن حقول الغاز الطبيعي.
وأشار عجيل إلى أن استمرار المعاناة في البصرة من شأنها أن تهيئ للمطالبة بتشكيل إقليم ذي حكم ذاتي في البصرة على غرار إقليم كردستان العراق.
من جهته اعتبر عضو مجلس محافظة البصرة كريم شواك أن عودة المظاهرات في المدينة نتيجة طبيعية لاستمرار معاناة البصريين من حرمان وتهميش.
وأضاف أن البصرة التي أسقطت كتلا سياسية وحكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي سيكون لها دور مؤثر في زوال أو بقاء حكومة رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي إن استمرت الأوضاع التي تعيشها دون اهتمام الحكومة المركزية.