– بدأ برحيل حكومة الملقي وتغييررئيس الديوان

– الاستعجال بالرزاز جاء لوعيه الشخصي وارثه القومي لتنفيذ القرار

– مناورة الضغط بالمياه محسوبة سلفا وهذه احد اسرار الاستعانة برائد ابو السعود

– قانوني بارز اطلع الانباط على اسئلة تفصيلية حول الوضع القانوني للغمر والباقورة

مرايا – قصي ادهم –  ليس بحكم التقليل من شأن الموقف الشعبي والسياسي الرافض لتجديد الاتفاقيتين , نؤكد بأن قرارا بحجم عدم تجديد اتفاقيتي الغمر والباقورة لا يمكن الوصول اليه قبل جلسات طويلة ومعمّقة جلستها خلية مركبة , فيها كل التكوينات السيادية في الدولة , بعد ان قرر الملك في ايار الماضي حسم القرار بعدم التجديد , ولكن احتكاما لمجريات الحالة السياسية التي شهدتها الحالة الاردنية منذ ايار الماضي والمتوجة باعتصامات الدوار الرابع , فإن القرار صدر بعد قراءة واعية تؤكد بأن اتخاذ القرار سابق لاعلانه بكثير , وتمسك الانباط عن ذكر مصدرها وهو أحد المحامين البارزين في القانون الدولي والتحكيم , كان قد أطلعها على ورقة تحتوي على حوالي 12 سؤالا متعلقة بالغمر والباقورة على مختلف الاصعدة لوضع اجاباته ومطالعاته عليها في بواكير تشكيل حكومة الدكتور عمر الرزاز .

منذ حسم القرار , كان واضحا في ذهن صاحب القرار ان شخصية بتراث الدكتور هاني الملقي العضو البارز في الوفد الاردني المفاوض لا يمكن ان تكون جزءا من تنفيذ القرار الملكي , وهذا البعد طال ايضا رئيس الديوان الملكي السابق الدكتور فايز الطراونة العضو الحاضر في تركيبة الدولة منذ مدريد وحتى لحظة خروجه من المنصب الاخير , وحضر اسم الدكتور عمر الرزاز بقوة – رغم انه كان احد المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة بعد انقضاء عمر مجلس النواب الثامن عشر – لكن حسم مسألة الغمر والباقورة بعدم التجديد , سارع في ترشيحه للرئاسة بحكم ما يحمل الرجل من إرث قومي ولضرورة ان يكون الفريق المفاوض لما بعد الغمر اكثر تقنية وحرفية من الفريق السابق الذي وقع في اكثر من حفرة حفرها المفاوض الاسرائيلي , ليس اولها عدم الاطلاع على اوراق ملكية الباقورة والغمر حسب الادعاء الاسرائيلي ولا آخرها اتفاقية التبادل التجاري والاقتصادي مع السلطة الفلسطينية وما بينهما من اختلالات جوهرية .

سيناريو الدوار الرابع وتعظيم اثره وتأثيره كان خطوة مدروسة من خلية العمل الاستراتيجي لاسترداد الباقورة والغمر ولكن على مستويات متدرجة , تبدأ بالحكومة الجديدة وتنتهي بتشكيل فريق حيوي داخلها يملك مهارة التعامل في القضايا التي ستظهر خلال المفاوضات , فاستعانت الدولة بمخزونها القانوني من خارج رحم الحكومات , وتشكل فريق قانوني محترف لدراسة كل الاثار , ثم الاستعانة بخبرات مطلوبة في التعديل الحكومي الاخير بفريق تقني كان ابرز مفاتيحه الوزير رائد ابو السعود الذي تفاعل وتعامل مع الاسرائيليين في ملف قناة البحرين وانجزها بالكامل لكن التعديل على حكومة عدنان بدران وخروجه منها جعل وزيرا غيره يطرحها للتنفيذ وكان الرجل قد انجز ملف جر مياه الديسة بكفاءة , وليس خارج حسابات الدولة ان ملف المياه هو اول خطوة ستلجأ اليها حكومة اليمين الاسرائيلي , من أجل ليّ ذراع الاردن وهكذا حصل , فبعد سويعات من القرار كان وزير الزراعة الصهيوني يلوّح بتعطيش عمان , قبل ان يتصدى وزير المياه للرد بأن اتفاقية الارض غير اتفاقية المياه .

الرزاز وعندما تلقى تحذيرات شخصية بعدم الاقتراب من الحكومة قبل حسم ملف الغمر والباقورة حماية لإرث عائلته من اصدقاء مقربين , كان يبتسم ويقول ندرسها وفق المصلحة الوطنية , لكنه كان على علم بقرار الملك , وهو الذي قام بتوزيع المهام على الفرق القانونية والتقنية , وكانت الاجهزة السيادية قد انجزت درسها مبكرا في اسناد القرار السيادي بعدم التجديد احتكاما للدستور في بنده الاول , واستدراك ما فرضته ظروف الاردن اثناء اتفاقية وادي عربة , ورغم كل محاولة الشد الشعبي الا ان الدولة ورأسها كانا مسترخيين في هذا الملف وبانتظار التوقيت الابعد حتى لا يتعرض القرار الى ضغط دولي وبعض الاراء المحلية التي ما زالت مسكونة بعقدة الثقل الاسرائيلي في مطابخ القرار الامريكي والغربي .

قرار الملك جاء اعلانه مباغتا وفي لحظة فاصلة , وربما هذا مسنود بالعقلية العسكرية للملك التي تعتمد عنصر التفكير بهدوء ثم اتخاذ القرار بسرعة وحسم , وهذا ما اربك كثيرين من اعداء الاردن والقاطنين في الحضن الاسرائيلي , حد الشطح في التحليل بأنه جزء من صفقة القرن وليس نسفا لها كما هو الواقع , فالملك لن يكافئ حكومة اليمين المتطرف على ضربها عرض الحائط بكل الاتفاقيات مع الاردن او مع الاشقاء في فلسطين , وجاء القرار صادما لكل دوائر صنع القرار في دولة الاحتلال وصاعقا لرهانات طبقة سياسية ضحلة ومأزومة ومأجورة بان الاردن غير قادر على بسط سيادته على كل اراضيه , لكنه بالقطع ليس قرارا مستعجلا او تحت وطأة ضغط شعبي او حراكي , ليس تقليلا ، ولكن الملك يملك خلاياه الحساسة التي تعرف طموحات وامال الشارع الاردني بكل تكويناته , فهو المعبر والضامن لحقوق البلاد والعباد .

(الأنباط)