مرايا – شؤون فلسطينية – يعم فلسطين المحتلة، اليوم، غضب شعبي عارم ضد نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، التي تتزامن مراسم تدشينها مع عشية الذكرى السبعين “للنكبة”، وسط حالة استنفار أمني إسرائيلي غير مسبوقة لقمع احتجاجات الشعب الفلسطيني بالقوة العسكرية العاتية.
ويحتشد الفلسطينيون من مختلف أرجاء الوطن المحتل للمشاركة في “المسيرة الكبرى للعودة”، التي دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية، مصحوباً بإضراب شامل، ومسيرة غاضبة تجاه المقر المخصص للسفارة الأميركية بالقدس، وتنظيم وقفة احتجاجية أمامه، وأمام مقرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
تزامن ذلك مع توجه وفد قيادي من حركة “حماس”، برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، إلى القاهرة أمس، تلبية لدعوة مصرية لبحث الوضع الفلسطيني، ومسيرات العودة، في ظل ما يتردد من ضغوط عربية ودولية على الحركة لمنع تصعيد الحراك الشعبي في قطاع غزة.
وقال ممثل حركة “حماس” في لبنان، علي بركة، في حديثه لـ”الغد”، إن “هناك اتصالات عربية ودولية مع “حماس” لجهة عدم تجاوز الحراك الشعبي الغاضب للسياج الحدودي الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948″.
وأضاف إن “الشعب الفلسطيني صاحب القرار والكلمة حيال مسار المسيرات، لاسيما وأن الحركة سمعت عن مساع شبابية لقيام آلاف من الفلسطينيين باجتياز السياج الفاصل عن قطاع غزة والسياج الحدودي نحو الأراضي المحتلة عام 1948 لأجل العودة”.
واعتبر أنه “لا يحق لأحد منع الشعب من ممارسة حقه، المعترف به أممياً ودولياً، في العودة لأراضيه ودياره التي هُجر منها قسراً بفعل الاحتلال الصهيوني عام 1948″، لافتاً إلى أن “جماهير الشعب الفلسطيني تستعد ليومي 14 و15 الجاريين والمفصليين في تاريخ القضية الفلسطينية”.
وأفاد بأن الوفد القيادي للحركة أراد أن يستمع من مصر لما لديهم من أفكار أو عروض لرفع الحصار وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لاسيما وأن “حماس” قد سمعت سابقاً أنهم لا يمانعون من استمرار مسيرات العودة، ولكنهم يتمنون أن تكون بعيدة عن السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة 1948″.
وقد علت الأعلام الفلسطينية واللافتات الرافضة لنقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، والمؤكدة بأن القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية، في أرجاء الأراضي المحتلة، التي من المرجح أن تشهد تصعيداً شعبياً غاضباً ضد الخطوة الأميركية، “غير الشرعية والخطيرة”، وفق مضمون اليافطات المنصوبة، بحسب الناشط أحمد أبو رحمة لـ”الغد” من فلسطين المحتلة.
ومن المقرر تنظيم المسيرات الاحتجاجية الحاشدة، اليوم، في كافة محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تطلق الصفارات وأبواق السيارات، غداً الذي يصادف ذكرى “النكبة”، لمدة 70 ثانية، كما يتم إطلاق من كل مدينة 70 بالوناً بعدد سنوات نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة.
بينما عززت سلطات الاحتلال من إجراءاتها ونشر قواتها عند الحدود بين الضفة الغربية وقطاع غزة تحسباً للاحتجاجات الجماهيرية العارمة المتوقعة، اليوم، إزاء ما أبداه مسؤولون إسرائيليون من قلق حيال تجاوز الحراك الشعبي الغاضب في قطاع غزة للسياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948. من جانبها، دعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، جماهير الشعب الفلسطيني للمشاركة في “مليونية العودة وكسر الحصار”، اليوم، بالضفة الغربية والقدس المحتلتين وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 والمخيمات والشتات.
وأعلنت عن تعطيل المؤسسات العاملة والجامعات ومرافق الحياة للمشاركة فيما سمته “يوم الزحف الأكبر”، باستثناء وسائل النقل التي ستنقل الجماهير للمناطق الشرقية من قطاع غزة.
كما حثت القوى الوطنية والإسلامية على المشاركة في الوقفة الاحتجاجية أمام المقر المخصص للسفارة الأميركية في مدينة القدس. وأعلنت، في بيان صحفي، عن إضراب جزئي، اليوم، لمدة ساعة واحدة، ودعت للتصعيد في أرجاء مدينة القدس، حيث يتم فيه إحراق الأعلام الإسرائيلية والإطارات ورفع أعلام فلسطين، لتأكيد أن “القدس عاصمه فلسطين الأبدية”. ودعت لأوسع مشاركة جماهيرية في محافظات الوطن المحتل ضمن مسيرات غاضبة نحو نقاط التماس مع قوات الاحتلال، حيث يشمل برنامج إحياء الذكرى كافة المحافظات الفلسطينية، ويتنوع بين مسيرات وندوات ووقفات، والاحتكاك مع جيش الاحتلال في مناطق التماس، وذلك للدفاع عن القدس ضد ما تتعرض له من اعتداءات وانتهاكات وقرارات عنصرية بحقها.
وأوضحت أن التوجه العام هو بالنفير عند أقرب المناطق المحاذية لمدينة القدس، فيما سيتم تزويد اللجان والمؤسسات بالمواد الإعلامية اللازمة لإحياء الذكرى 70 للنكبة مثل البوسترات، واليافطات والجداريات والأعلام الفلسطينية والرايات السوداء والموازنات الكفيلة بتلبية الاحتياجات الضرورية المتبقية لإنجاح البرامج.
“عالقدس راجعين”
وتردف حملات دعم الشعب الفلسطيني عبر مواقع التواصل الاجتماعي الغضب الشعبي على المستوى الميداني، حيث تصدرت “مسيرات العودة” ضد القرار الأميركي تلك الوسائط، لتأكيد التضامن والإسناد للشعب الفلسطيني.
فيما أطلق مركز “قدس نت” الفلسطيني، للإعلام والدراسات والنشر الإلكتروني، حملة تغريد على هاشتاغ “#عالقدس_راجعين” لاستنكار خطوة الرئيس ترامب بنقل السفارة الأميركية لمدينة القدس، وذلك بحضور واسع من الشخصيات الوطنية والإسلامية وطلاب الجامعات والمؤسسات المدنية والمختصة، والكتاب والمحللين.
استنفار واسع
من جهته اعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي حالة استنفار قصوى في مدينة القدس، تستمر على مدى الأيام المقبلة، حسب ما أفادت تقارير إسرائيلية.
وتجري اليوم مراسم نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بحضور حشد كبير من السياسيين، ووفد أميركي تتقدمه ابنة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وزوجها جيراد كوشنير، ومن المتوقع أن يلقي ترامب كلمة عبر الفيديو المباشر. وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن 30 سفيرا من أصل 86 سفيرا لدى إسرائيل سيشاركون في “الحفل”.
من جهتها بادرت لها لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، بالتنسيق والشراكة، مع القيادات السياسية والدينية والمجتمعية في القدس المحتلة. على مناهضة القرار الأميركي، والتأكيد على أن القدس عاصمة فلسطين في مظاهرة تعم المدينة، كما تشارك حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، الداعية الى”قدس عاصمتين للدولتين” في مظاهرة موازية.
وتجري جماعات المستوطنين في الوقت ذاته وفي نفس المكان، وقفة تأييد للقرار الأميركي، من شأنه أن يرفع حالة التوتر في المكان، والمدينة، لما يعرف عن هذه الجماعات عنفها واعتداءاتها المستمرة على الفلسطينيين وناشطي السلام الإسرائيليين.
الى ذلك اعلن الجيش الاسرائيلي عن حالة استنفار قصوى في الضفة والقدس المحتلة، وبشكل خاص عند جدار الاحتلال غرب قطاع غزة. وقالت صحيفة هآرتس، إن جيش الاحتلال نشر ابتداء من يوم أمس، 11 كتيبة، وهذا أكثر بثلاثة اضعاف من حجم القوات العادي قبيل المظاهرات الأخيرة. وحسب الصحيفة، فإن جيش الاحتلال يستعد لمواجهة حوالي 100 ألف متظاهر في غزة، ومحاولات جماهيرية، اكثر من السابق، لاقتحام جدار الاحتلال.
وقالت صحيفة “معاريف”، إن جيش الاحتلال وأجهزة الاستخبارات، تتحسب من أن تندلع المظاهرات بقدر أشد في الضفة والقدس، استمرارا للمظاهرات والمسيرات المتوقعة في قطاع غزة اليوم وغدا الثلاثاء.