مرايا –  15 سنة كان عمري لما انضميت لقوات البادية الأردنية ، كنت طفل وإشي يمكن ما حد يصدقه بعمر زي هيك بكون الأطفال عندهم تبول لا إرادي أثناء النوم ، كان رقمي العسكري 505 وشوي شوي وترفيعات ودورات لحد ما صرت قائد الجبهة الشرقية للفرقة الأولى بالأردن وكان مهمة هالفرقة حماية الحدود مع فلسطين ، بعد حرب حزيران 1967 كان الكل يحكي عن الجيوش العربية وانسحابهم وهزيمتهم ، وكانت المعنوية والثقة بتتلاشى ، مهمتي كقائد للفرقة تنظيم وتزبيط القوات الأردنية المتراجعة وأرجع هالثقة وأتعامل مع الجنود بأسلوب يرجع هالثقة الهم، بالوقت هذا كان الكيان يحكي انه الجيش الذي لا يقهر ولا يهزم وروج كلام وحكي كبير ، شكل عند شعبه نوع من الغرور على انه جيش صعب ، وزير الحرب الصهيوني موشي ديان جمع صحفيين أريحا وحكالهم تعالوا اشربوا شاي بالسلط كمان يومين وكان واثق من احتلال السلط خلال ساعات ، هذا الوقت كان الفدائيين بالأردن بالأغوار مشكليين ازعاج للكيان وبنفذوا عمليات ضد الكيان وكانوا على خلاف مع الأردن ، لحد ما حرقوا باص جنود للكيان وقدروا يحرجوا الكيان كثير ، الكيان هون انجن قرر إنه يدخل على الأردن ويضرب 3 عصافير بحجر ؛ يقضي على الفدائيين ويعاقب الأردن على احتضانهم للفدائيين ويحتل مرتفعات السلط ويحولها لحزام ودرع أمني للكيان ، ويستغل معنويات الجنود الاردنيين اللي كانت 0 بعد هزيمة حزيران ، الفدائيين كانوا عبارة عن شمعة مضوية بالعتمة والكيان قرر يطفيها ، قبل يومين من دخوله للأردن وصلتني معلومات انه الكيان رح يدخل منطقة الكرامة اللي هي أكبر مكان فيه فدائيين ، ويقضي على الفدائيين ، اجتمعت بالجنود وتعاهدنا انه نضل نقاتل لحتى الشهادة وحلفنا على القران إنه نخنق جنود الكيان بايدينا ، وما في أي جندي صهيوني رح يمر الا من فوق جثثنا ، المدافع تمركزت والمعنويات كانت عالية وقررنا في حال دخول جنود الكيان للأردن نرد اعتبار هالأمة بعد خسارة حزيران ، كانت طيارات الكيان طايرة وبتشكل استفزاز النا ، بالفعل الساعة 5 الفجر بتاريخ 21/3/1968 أجاني اتصال من الضابط المناوب وبلغني انه دبابة صهيونية قطعت الجسر ، وكانت الدبابات بتتقدم من جسر داميا في الشمال لحد جسر الكرامة في الجنوب على طول الحدود ومعهم غطاء جوي وتمركز الدخول على الكرامة لإنها مليانة فدائيين ، وكان الفدائيين منظرهم غير طبيعي ، حتى وصل فيهم انه الفدائي يفتح القنبلة ويزت حاله معها بالدبابة ويتفجر هو والجندي والدبابة ، كان منظرهم مرعب وبزرع بالنفس ارادة كانوا فدائيين فعلا ، أعطيت الأوامر للقوات الأردنية تفتح نار المدفعة ونسقت مع أهالي المنطقة والمزارعين ووزعت عليهم أسلحة ومضادات ونسقت مع الفدائيين وشكلت مجموعة من”جندي أردني وفدائي فلسطيني ومزارع” من المنطقة وتعديت مرحلة الخلاف بين الأردن والفدائيين وتجاوزت كل الخلافات وقررت أكتب التاريخ بدم فدائي وجندي ومزارع ، تمركز الضباط بالمقدمة بالخنادق كنوع من المعنوية للجنود وبلشت المدافع تخبط قذائف ونار وألسنة لهب إرتفاعها 10 متر من دبابات الصهاينة ، الجنود تبعثروا وتشتتوا وتفاجأوا ، كنا بحالة دفاع وشوي شوي صرنا نشوف جثث متفحمة للجنود الصهاينة ، كل البنادق كانت تجاه الكيان ، الجيش الذي لا يقهر طلب وقف النار وهدنة بسيطة مشان يسحب آلياته المعطوبة وجثثهم ويرجعوا يتمركزوا ويزبطوا أمورهم حكيت كلمة وحدة :
على المدافع ألا تتوقف عن القصف مهما كان السبب ومن يخالف سوف يعاقب !
إستمر القصف 12 ساعة بعدها صارت الساعة 5 العصر ، أخذت قرار شخصي وقطعت الاتصال مع القيادات وقررنا تكون هالمعركة زي ما بتطلب منا كرامتنا وبينا كجنود قوميين مع جنود هالإحتلال ومع مرور الوقت كان يزيد الحماس لحد ما صار الوضع خراب ، جنود صهاينة مبطحين آليات معطوبة جثث بالدبابات متفحمة ، وكان ضباطنا اللي استشهدوا كل الطلقات بصدورهم كانوا مقبلين غير مدبرين ، كانت أصابعهم معكوفة على الزناد ، النتجية لهسا مش معروفة بالزبط وتقريبا إستشهد 120 فدائي فلسطيني و 80 جندي أردني مئات الجرحى ، وتدمر 13 دبابة و39 آلية ، بالمقابل كانت خسائر الكيان 250 جندي قتيل وحوالي 500 جريح وتدمير 47 دبابة وعطب 53 آلية ، رغم إنه كان معهم 3 ألوية مدرعة و 3 ألوية مشاة محمولة و 3 كتائب مظليين وسرب من سلاح الجو ، ولو كان معنا غطاء جوي أقسم بالله كان السجون الأردنية ما وسعت أسراهم ، بس الاشي الوحيد اللي كان ثابت ومعروف للكل إنه أنا مشهور حديثة الجازي ابن معان ابن قبيلة الحويطات قائد الفرقة الأولى قدرت أخلط دم الفدائي والجندي والمزارع مع بعض وصبيتهم بوادي الأردن ومردغت خشم الجيش الذي لا يقهر بالتراب ، قدرت أرد إعتبار هالأمة المهدور وبنيت جسر تلاحم وترابط بين الأردن وفلسطين ، كنت مع السلم وكنت أحكي انه دينا بحثنا على السلم بس بدون ما نتنازل عن حقوقنا ، وانه هذا السلم مع الكيان ما رح يخدم هالأمة ، الاحتلال اخذ اشي ما بحلم فيه ، بتاريخ 21/3/1968 قدمت درس مجاني للعالم بالقومية وبالتضحية ، تعينت بعد هالمعركة قائد عام للقوات المسلحة الأردنية وبعدها مستشار للملك حسين وأخذت أوسمة كثير لحد تاريخ 6/11/2001 رحلت بصمت عن هالدنيا ، رحلت بعد ما قدمت درس مجاني وخالد لهالأمة عنوانه :
“كرامة الأردني من كرامة الفلسطيني”

معركة الكرامة
الثوار لا يموتون بل يخلدهم التاريخ
كتب : محمد فخري التلاوي