مرايا –

من بوابة مشروع التحديث السياسي، وقرب الأردنيين من خوض معركة الانتخابات النيابية بقانون جاء تعزيزا لقوة الأحزاب وطمس المكونات التقليدية، فتحت الصالونات السياسية التكهنات والحديث عن تشكيل حكومة على أساس حزبي، خصوصا أن الأحزاب ستظفر بواحد وأربعين مقعدا وصولا إلى مرحلة أن تكون غالبية التمثيل البرلماني منوطة بالأحزاب السياسية.

ووفق استطلاع أجراه مركز الحياة – راصد، أظهرت النتائج أن عدد الأحزاب السياسية التي تنوي المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بلغ 32 من أصل 35 حزباً أجابت على الاستطلاع، فيما وصل عدد الأحزاب التي لم تحسم أمرها بعد بما يتعلق في المشاركة بالترشح للانتخابات النيابية المقبلة إلى 3 أحزاب سياسية.

 

 

وفي هذا الصدد تساءل الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة هل سيتم تشكيل الحكومة القادمة على أساس حزبي من داخل البرلمان؟ 

وقال الرواشدة: “استدعاء السؤال ضروري لسببين، الأول: استدراك محاولات رفع سقف التوقعات لعملية التحديث السياسي التي صُممت لتكون متدرجة، متراكمة، ومتكاملة ومستمرة، وعلى ثلاث مراحل، تبدأ بتمكين التجربة الحزبية داخل البرلمان، وصولا إلى إفراز حالة حزبية ناضجة وقادرة على التنافس للمشاركة في صناعة القرار. ‏الثاني: تصحيح مسار بعض السباقات الحزبية التي تحاول ركوب موجة الانتخابات، بأسماء أشخاص وزعامات، لا باسم أحزاب لها برامج وطنية واضحة، هؤلاء الاشخاص بدأوا بتقديم أوراق اعتمادهم إلى الناخبين تحت لافتة (رئيس وزراء قادم)، فيما الحقيقة أن هذا غير وارد ، ربما يُدرج في سياق الدعاية الانتخابية المغشوشة، لكنه ليس صحيحا، ولا يعكس الفهم المطلوب لمشروع التحديث السياسي، ولا الدور الذي يجب أن تنهض به الأحزاب في هذه المرحلة الانتخابية، لهؤلاء، ولمن يفكرون بمقايضتهم في أسواق ( العرض والطلب)، أقول : اهدأوا، لا حكومات حزبية في هذه المرحلة”.

 

 

وأضاف: “‏منذ ثلاث سنوات، أطلق الملك قطار التحديث السياسي، وبعد اكتمال التوافقات الوطنية والبُنى التشريعية اللازمة للبناء عليه، وضمان استمراره، جاءت الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات الأولى وفقا لهذا المسار، الآن من واجب الأحزاب التي تشكل رافعة أساسية لإنجاح التجربة أن تتقدم للأردنيين ببرامج وخرائط سياسية واقتصادية حقيقية، تتناسب مع طموحاتهم، ولكي تنجح بإقناعهم للمشاركة والتصويت لابد أن تتحرر من خطابات الزعامة المتفردة، وجردة المكاسب الشخصية، ومنطق توزيع الغنائم السياسية، لابد، أيضا، أن تصارح الناخبين، وأن تتعامل معهم بشفافية في إطار مصالح الدولة وإمكانياتها، لا في إطار دغدغة العواطف، أو تسويق الأوهام، أو محاولة شراء الذمم”.

 

وتابع الرواشدة: “‏لا يوجد، حسب معلومات موثوقة، أي قرار، حتى الآن، بموعد محدد لحل البرلمان، أو رحيل الحكومة، كما أن نتائج “البروفة” الأولى للتجربة الحزبية في البرلمان القادم، باعتبارها تمرينا قابلا للقراءة والتقييم، لا تساعد، وربما لا تصلح، لإنتاج حالة تشاورية وآلية ناضجة لتنسيب أسماء لرئاسة حكومة جديدة، هذا يعني أنه لا تغيير على آليات اختيار رئيس الحكومة في هذه المرحلة، ولا نصيب للأحزاب أو الكتل البرلمانية في ذلك؛ الدولة الأردنية حين اختارت مسار التحديث السياسي على مركب الأحزاب وفق دسترة مراحله بتدرج مدروس، أرادت أن تتجنب القفز في المجهول، إذ لا يمكن رفع مداميك الانتقال الديمقراطي إلا بضمان بناء أساسات قوية، تستند إلى مشاركة الأردنيين بالعملية الحزبية، وثقتهم بها، وإصرارهم على إنجاحها”.

 

 

وقال الرواشدة: “‏للتذكير، مشروع التحديث السياسي هو مشروع الدولة الأردنية، ولن يُسمح لأي جهة – كما قال الملك مرارا- بالتدخل فيه، أو إعاقته، أو تعطيله، فهو ضرورة لتجديد قوة الدولة واستقرارها واستمرارها، كما أنه يشكل قوة دفع وحماية للنظام السياسي، وفرصة مهمة لمشاركة الأردنيين في بناء دولتهم، واستعادة ثقتهم بأنفسهم ومؤسساتهم، وصناعة مستقبلهم. ‏وعليه، لابد أن يتوافق الأردنيون، أقصد إدارات الدولة و المجتمع بأحزابه ونخبه، على عنوان واحد، وهو «الفشل ممنوع»، صحيح أننا أمام امتحان وتجربة انتخابية جديدة، لكن الصحيح أنها فرصتنا، لإثبات قدرتنا وعزيمتنا على النجاح والتقدم للأمام، وهذا ما سيكون بإصرار الأردنيين وإرادتهم الصلبة. هذه الانتخابات تتزامن مع وضع قادم مزدحم بالأخطار والاستحقاقات التي يواجهها بلدنا، والمنطقة كلها، نخوضها في اجواء ملبدة بالغيوم السياسية والتحديات، ولا يمكن أن نتجاوزها إلا بمؤسسات قوية، وجبهة وطنية متماسكة، وهمة أردنية تتسامى على السباق للمواقع، أو الاستغراق باليأس، أو الهروب من تحمل المسؤولية”.