السهيل: سناء أسعد كتبت للخلود بحبر الروح لا بحبر اللغة.
مرايا –
رعت الشيخة الدكتورة سارة طالب السهيل حفل إشهار كتاب “أنشودة الخلود” للكاتبة اللبنانية الدكتورة سناء أسعد ، الذي أقيم مساء الثلاثاء في دائرة المكتبة الوطنية، بحضور نخبة من الأدباء والنقاد والإعلاميين وشهد الحفل مشاركات متعددة لكل من الدكتور جروان المعاني، والشاعر والناقد الدكتور عدنان السعودي، والدكتور إسماعيل السعودي، والفنان والإعلامي أسعد خليفة الذي قدّم فقرات الحفل، وسط تفاعل الحضور مع ما حملته الكلمات من قراءات فكرية وجمالية.
وفي دراستها النقدية التي قدّمتها خلال الحفل، تناولت الدكتورة سارة السهيل البنية الفكرية والجمالية للكتاب، مشيرة إلى أن “أنشودة الخلود” تمثل تجربة إنسانية عميقة تزاوج بين الشعر والفلسفة، وتغوص في تأملات الوجود والخلود بمعناهما الإنساني والروحي. وأضافت أن الكاتبة سناء أسعد قدّمت عملاً مختلفًا يجمع بين الحس الشعري الرقيق والرؤية الفكرية الناضجة، مما يمنح النصوص بعدًا فلسفيًا يلامس القارئ ويحفّزه على التأمل في معاني الحياة.
واصافت السهيل أن هذا العمل يشكّل رحلة معرفية وجمالية نحو جوهر الإنسان، ويقدّم مقاربة فلسفية للشعر بوصفه فعلاً من أفعال الخلود، لا مجرد وسيلة للتعبير أو الإبداع. وأضافت:”في أنشودة الخلود لا نقرأ نصوصًا نقدية بقدر ما نعيش تجربة عبورٍ نحو الأعماق، حيث تتحوّل اللغة إلى كائنٍ يتنفّس، وتغدو الكلمة مرآةً للروح، وصوتًا يضيء دروب الوجود المظلمة. لقد استطاعت الكاتبة أن تمنح الحرف بُعده الإنساني، وتحوّل الشعر إلى كيانٍ نابض بالحياة والفكر والجمال.”
وتابعت السهيل:”تبدو سناء أسعد في هذا العمل كمن تصعد سلّم الضوء درجةً درجة، تحمل القارئ معها إلى فضاءاتٍ يتماهى فيها الحسّ الجمالي بالفكر الفلسفي، فيصبح الشعر جسرًا بين الحضور والغياب، بين الفناء والخلود. إنّها قراءة للروح أكثر منها قراءة للنص، ومحاولة لإعادة تعريف معنى الكتابة في زمنٍ تتناقص فيه المعاني وتزدحم الأصوات.”
وترى السهيل أنّ أنشودة الخلود ليست دراسة أدبية تقليدية، بل هي مشروع تأملي في ماهية اللغة ودورها في صياغة وعي الإنسان بذاته وبالكون من حوله. وتقول:”اللغة هنا ليست أداة طيّعة في يد الكاتب، بل كائنٌ متمرّد يقود صاحبه إلى اكتشاف ذاته. كل جملة في الكتاب تبدو كنبضة فكرٍ أو شهقة دهشة، تُعيدنا إلى تلك العلاقة الأولى بين الإنسان والكلمة، بين الخلق واللغة، بين السؤال واليقين.”
وأضافت الأديبة السهيل :”ما يميز هذا العمل هو صدقه، فالدكتورة سناء أسعد لا تكتب لتُبهر، بل لتُعبّر عن انفعالٍ وجوديٍّ صادق. ومن هنا تنبع قوة النص وجماله، إذ يتحوّل الفكر إلى إحساس، والنقد إلى نوع من الشعر الموازي، فيتلاقى العِلم بالعاطفة، والعقل بالحدس في نسيجٍ واحدٍ من الدهشة.”
واختتمت الدكتورة سارة السهيل دراستها بالقول: “أنشودة الخلود ليست مجرّد كتاب، بل هي عبور نحو ضفةٍ أخرى من الجمال، حيث تلتقي الروح بالحرف، ويصبح الشعر طريقًا إلى الخلاص الإنساني. إنه نصّ يذكّرنا بأن الأدب العظيم هو الذي يوقظ فينا ما نظنّه خمد، ويعيدنا إلى إنسانيتنا الأولى بكل ما فيها من دهشة ونور، وهذا العمل الأدبي يعيد للشعر روحه الفكرية، ويؤكد أن الكلمة قادرة على أن تصنع الخلود الإبداعي حين تنبع من الصدق الإنساني ومن وجدان الكاتب”.
وقالت الكاتبة والأديبة اللبنانية الدكتورة سناء أسعد إنّ كتابها الجديد “أنشودة الخلود – مرايا الشعر وتجربة الوجود” هو محاولة للعبور عبر اللغة إلى عمق التجربة الإنسانية، والتأمل في معنى الخلود بوصفه فعلًا فكريًا وجماليًا يتجاوز حدود الزمن والمكان وأشارت إلى أنّ الكتاب لا يقدّم قراءة تقليدية للنصوص الشعرية، بل يسعى إلى كشف البنية الفلسفية الكامنة في الشعر باعتباره مرآةً تعكس الإنسان في لحظات بحثه الدائم عن المعنى.
وأضافت :”كتبت أنشودة الخلود وأنا أؤمن بأن الشعر ليس ترفًا لغويًا ولا مجرد حالة وجدانية، بل هو وعيٌ متجدّد بالوجود، ولغةٌ قادرة على أن تمنح الإنسان امتدادًا في الذاكرة والخلود. كل نص شعري يولد من عمق التجربة الإنسانية يحمل في طياته بذرة الأبدية، لأن الكلمة الصادقة لا تموت، بل تظل تتردّد في وجدان القرّاء عبر الأجيال.”
وبيّنت المؤلفة أن فكرة الكتاب جاءت نتيجة بحث طويل في العلاقة بين الشعر والفلسفة، ومحاولة لدمج البعد الجمالي بالبعد التأملي، بحيث يصبح النص الأدبي مجالًا لاكتشاف الذات والعالم في آنٍ واحد.
وقالت:”الكتابة بالنسبة لي ليست مجرّد فعل إبداعي، بل عبور نحو وعيٍ أوسع فكلّ قصيدة أو نصّ يحمل داخله بذرة خلاصٍ من الفناء، ورغبة في بلوغ الخلود من خلال الجمال والمعنى. لذلك جاءت أنشودة الخلود لتحتفي باللغة بوصفها وطنًا روحيًا، ولتقول إن الشعر هو الطريق الأجمل نحو الإنسان.”
واختتمت الكاتبة الدكتورة سناء أسعد حديثها بالتأكيد على أن هذا العمل هو دعوة للتأمل لا للقراءة السريعة، ورسالة إلى كلّ من يؤمن بأن الأدب الحقيقي هو الذي يعيد للروح بريقها وللكلمة قدرتها على الخلق والتجدد.
وفي ختام الأمسية، عبّرت الكاتبة الدكتورة سناء أسعد عن شكرها للدكتور جروان المعاني، والشاعر والناقد الدكتور عدنان السعودي، والدكتور إسماعيل السعودي، والفنان والإعلامي أسعد خليفة والدكتورة سارة طالب السهيل والحضور مع الكتاب والأدباء والتقاد ، مؤكدة أن النقد الهادف والإضاءة الواعية على التجارب الأدبية يشكلان جسرًا أساسيًا لدعم الإبداع في العالم العربي.