بهدوء- عمر كلاب
لم يعد السؤال المطروح ان كان هناك انتفاضة فلسطينية ثالثة ستحدث ام لا, ولكن السؤال هو: ما الذي يمكن عمله لتجنبها, جولة بلينكن لا تحمل اي افق, فقد كشف نفسه عن السبب الذي يدعو لعدم توقع شيء من الولايات المتحدة, سوى بعض الدعوات الغامضة للتهدئة وهذه لن توقف الأزمة, فحل الدولتين قد تراجع بشكل كبير بين الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين لأدنى المستويات, وبدون طريق حقيقي لدولتهم، يرى الفلسطينييون المستوطنات وهي تقضم المزيد من الأراضي بدون منظور لتغير الظروف التي تصفها منظمة «أمنستي إنترناشونال» و”هيومان رايتس ووتش» ?مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وكذا منظمة بتسيلم الإسرائيلية، بأنها شكل من أشكال الفصل العنصري.
المؤسسات الدولية بما فيها اليسارية الاسرائيلية ترى الافق مسدود, في حين ما زالت الديلوماسية الفلسطينية تنفخ في القربة المثقوبة, دون ادنى تفسير مقنع, فهناك حكومة متطرفة فاشية في إسرائيل، ووزير الأمن القومي فيها هو إيتمار بن غفير، المدان سابقا بالعنصرية, والمنطق يقول, لا يمكنك أن تتوقع من مخرب أن يطفئ النار, على الجانب الاخر, لم يعد الرئيس الفلسطيني قادرا على فعل شيء, وبات المقاومون الجدد يخرجون من تحت عباءة الفصائل المعروفة، حماس وفتح, والخطر الأكبر هو شحن الخطاب السياسي برفض السلطة والاحتلال معا.
الانتفاضة القادمة ستحمل شعارا ثنائيا, كما اسلفت, وهي مسلحة بالضرورة, لان السلاح منتشر الان بين الفلسطينيين والمستوطنيين, ولمن يجهل الواقع الفلسطيني أو يتجاهله, ان يعرف حقيقة لا يخالجها الشك بأن الفلسطينيين عندما منحوا التمثيل والشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية منحوها على اساس المقاومة, وعلى العقل العربي والعقل في السلطة ان يتذكر مقولة هنري كيسنجر التاريخية: » ان دينامكية الحركة الفلسطينية تجعل من الاعتدال امرا لا يمكن الوثوق به في المستقبل”, وهذا قول صحيح, فالاعتدال بالمعنى القائم هو تفريط واستسلام بالواقع? وهذا يفسر كيف عاد الفلسطينيون الى الاصل فكرتهم ومقاومتها, بل ويفسر دعمهم للتيارات الدينية المسلحة, والتي باتت بديلا او اقرب الى البديل لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يعتقد الفلسطينيون انها تحولت الى الحزب الحاكم في السلطة.
على الجميع ان يستعد لربيع قائض في فلسطين, وسيكون رمضان وعشرته الاخيرة مرورا بيوم الارض, عاملا حاسما في شكل السلطة ووجودها, وعلى من يعتقد نفسه بديلا لرئيس السلطة المنتهية ولايته, ان يتحضر لدرس جديد من الشارع الفلسطيني, وعلى العواصم العربية ان تنتظر وضعا قاسيا في شوارعها, تحديدا اذا تناغم القومي مع المعاشي والاصلاحي في العواصم التي ابتعدت كثيرا عن التزامات مرحلة الربيع العربي الاصلاحية واعادت تدوير زواياها كما السابق وربما بتضييقات اكثر واوسع, وحتى دول النعمة والثراء لن تسلم من تداعيات الانتفاضة القادمة التي?ستكون بالضرورة اكثر عنفا ودموية, مما يخلق حالة شارعية محتقنة ومتصلة.
الكيان العنصري يزداد فاشية, والمنظومة العربية تزداد اندياحا نحوه, وبدلا من الضرب على يد إسرائيل، تشجب الولايات المتحدة وبريطانيا الفلسطينيين لأنهم يريدون ملاحقتها أمام المنظمات الدولية, وتصاعد العمليات الفلسطينية رغم الة الارهاب الصهيونية يقول اننا سائرون الى انتفاضة غير مسبوقة وغير محدودة الاثر والتاثير, وربما الى ما يشبه الهاوية بالنسبة لدول الرهان على الحكومة الفاشية.
omarkallab@yahoo.com