مرايا – عمر كلاب – يقول اهلنا ان العمر ” بروح سوالف ” وتلك سالفة لها ما بعدها وما قبلها لان المجالس مدارس , فخلال رحلة لمجموعة من اصدقاء الجيل الجديد وقف الفريق او ” الجروب ” على مفرق مأدبا الجمعة الماضية لاداء صلاة الجمعة قبل ان يباغتهم عضو من الفريق وهو اقتصادي شارك في لجان مهمة ومرشح لمناصب هامة بالقول بأنه يريد الاستراحة عند ” جبل نيدو ” .
طبعا يقصد جبل نيبو , ومع ذلك مارس الرجل اصراره على ان الاسم جبل نيدو , والسبب ايها الاعزاء ان احدى اللافتات وبسبب عابث تحول اسم جبل نيبو الى جبل نيدو لأن نقطة حرف الباء تم محوها والرجل لم يسبق له ان داس المنطقة بقدميه ليظل محتفظا بما علق بذهنه من اللافتة وليس من الجغرافيا ودروس التاريخ .
ما يحدث من مسلكيات النخب الحديثة يدعو الى القلق وإحاطة المشهد كله بالريبة من المواطن الاردني المنتمي الى الجغرافيا ليس بوصفها اطلسا بقدر ما هي مواقع ووقائع , فما من بقعة اردنية الا وعليها موقعة وواقعة ثابتة في عقول ووجدان الاردنيين ونسيان الجغرافيا او عدم معرفتها يعني ببساطة عدم معرفة التاريخ وعدم الالتفات الى ما يمكث في الارض وينفع الناس .
النخبة الحديثة بمجملها امتلكت فرصة تاريخية لتحديث المشروع الوطني الذي بنته نخبة التأسيس والتطوير وبعكس المأمول والمعقول قادت المشروع خطوات الى الخلف بحكم انتاجها وقائع على الارض سيتطلب الخروج منها ومن تداعياتها كلفة مضاعفة لاننا بحاجة الى كلفة فك البناء واعادة تركيبه وليس كلفة بناء مداميك جديدة , فتلك النخبة تعاملت مع الواقع بمفردات إلغائية لا بنائية وتطويرية .
هذه المعاكسة للبناء الوطني بسياقه الطبيعي وتطوره المنهجي رفعت كلفة التطوير والتحديث على المجتمع ,لان تطوير الواقع السياسي والاقتصادي يتطلب فك البناءات الجديدة واعادة البناء , فكل المنظومة التشريعية والقانونية طالها التغيير بإدارة النخبة الحديثة ” بشكل وتطبيق ” يعاكس الحالة الاردنية ويوقف تطورها او على الاقل قطع جذر التواصل بين الماضي والحاضر وسيشوه المستقبل وهي النقطة الحرجة التي يقف المجتمع عندها الان , فكل ما يجري تعديله وتطويره في اللحظة الراهنة , هو البناء المشوه الذي بنته النخبة الحديثة وليس البناء المألوف والطبيعي الذي بناه جيل التأسيس والذي يتطلب حكما تطويرا وتحديثا وفي بعض المفاصل فكا وإعادة تركيب .
فنحن نتحدث عن تطوير قانون الانتخاب كمثال من حيث الدائرة النسبية لا من نقطة قانون 1989 , وعلينا ان نتخيل الفرق في المخرجات لو ان الانطلاق كان من قاعدة قانون 89 وليس من قاعدة النسبية , ويمكن القياس على باقي القوانين الاقتصادية والاجتماعية لنكتشف اننا بحاجة الى اعادة تحديد قاعدة الانطلاق في الاصلاح وتمتينها للاصلاح , فالقاعدة الحالية لا يمكن ان تفضي الى اصلاح حقيقي لانها بمجملها قواعد ومنصات وليست قاعدة ثابتة واحدة فلا يوجد ناظم بين كل التشريعات القائمة اقتصاديا واجتماعيا كما يقول كثيرون وهذا ابرز اسباب التشوه .
قناعة الناس بالاصلاح قناعة راسخة لكن قناعتها بأدوات الاصلاح هي محط السؤال وعلى مكونات الدولة ان تلتفت الى نقطة التصادم المجتمعية بين المواطن والمشاريع الاصلاحية المطروحة لنكتشف ان بمجملها عدم ثقة بقاعدة الانطلاق اساسا لان من لايعرف الفرق بين جبل نيدو وجبل نيبو لا يعرف القاعدة المجتمعية الاساسية التي يثق بها وبمخرجاتها الاردنيون .//
omarkallab@yahoo.com