بهدوء
مرايا – كتب: عمر كلاب
لا أظن حدثا فلسطينيا, اعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية, كما السابع من اكتوبر المجيد, بعد ان دخلت القضية برمتها في غياهب الجُب, وفي توهان المفاوضات العدمية, والتنازلات المجانية, من سلطة اوسلو, ولا امنح القيادة السياسية لحركة حماس البراءة, عندما قبلت ان تدخل لعبة اوسلو, بمشاركتها في الانتخابات التشريعية والرئاسية في العام 2006, ومن ثم في القيادة السياسية, بدل ان تبقى في خانة المعارضة السياسية للسلطة وفسادها, الذي اوصل الحركة الى الفوز بالانتخابات التشريعية, اضافة الى قوة الحركة جماهيريا.
السابع من اكتوبر, كان ابرز فعل ثوري قدمه الشعب الفلسطيني, وحركاته المقاومة, ولو كان سلوك منظمة التحرير الفلسطينية, في تأسيس مقاومة على الارض الفلسطينية المباركة, كما فعلت حركة حماس, بدل تأسيسها بين المدن والاحراش, لكنا على الاقل انهينا, برنامجنا المرحلي, واقمنا الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967, مستثمرين حجم التعاطف العالمي مع القضية, وحجم التأييد والتفاعل العربي ايضا, وجموع العرب والاحرار المشاركين في الثورة الفلسطينية, يشهد على ذلك بوضوح.
الحدث العظيم, جاء كما كل الثورات العظيمة السابقة, في لحظة تاريخية حرجة, على مستوى العالم وليس الاقليم فقط, وتحت راية قيادة فلسطينية اقل من الحدث والمرحلة, بل انه تميز عن غيره في سوء الطالع والقيادة, حيث جاء والقيادة الفلسطينية الحالية, ترفض المقاومة اصلا, حتى ولو بسكين فواكه, مضافا اليه حجم الانشقاق الافقي والعامودي, بين فصائل منظمة التحرير وقيادتها, وحجم الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية, رئتا الدولة الفلسطينية المنتظرة او المتوافق عليها عالميا, ولو بالكلام والقرارات الدولية غير النافذة.
السابع من اكتوبر قام بتظهير الوحشية الصهيونية, وليس كاشفا لها, فهي متأصلة في عقل اليمين الصهيوني وحتى المعتدلين, ومن لم يقرأ اوراقهم وخططهم, فهذا قصور منه وليس من حماس وباقي فصائل المقاومة في قطاع غزة, التي قامت بواجبها الوطني, فهي لم تنتج حرب الابادة ولكن قامت بتظهيرها, وسواء قامت المقاومة بالعمل ام لم تقم, فحال الفلسطينيين لم يكن سمنا على عسل, فقضم الضفة الغربية يسير بوتيرة متسارعة, وتقطيع الاوصال مستمر وحصار غزة قائم, وكل ما فعلته المقاومة انها رفعت كلفة الاحتلال وعرته امام العالم, الذي بات يتحدث بلغة غير مألوفة ولا مسبوقة عن الكيان الصهيوني وكيانه المزعوم.
اعرف ان بعض الذين ينتقدون حماس والمقاومة, قادتهم عواطفهم النبيلة, وهم يرون حجم الابادة والتجويع في قطاع غزة, وقادهم اكثر, رغبتهم في انهاء المأساة الانسانية, فجاء نقدهم على اساس وقف المجزرة وانقاذ ما تبقى من ارواح ما زالت صلبة رغم الجوع والحصار والقتل الجماعي, لكن ثمة من ينتقد على برنامج نقيض لفكرة المقاومة وجذوتها, ويستغلون تصريحات لقيادة حماس السياسية في عواصم الثراء, اقل ما توصف بانها عقيمة, ولم تقرأ الحالة قبل السابع من اكتوبر وبعده, لكن هذه التصريحات لا تمثل المقاومة في غزة, التي من حقها ان تتامل بالشعوب العربية خيرا, وهي ترى حجم التفاعل العالمي الشعبي, وما يأتي من رسائل من اهل غزة تحديدا الى الاردن ودوره, يكفينا.
لا يجوز الاسراف في نقد المقاومة الفلسطينية, وكانها هي سبب الابادة والتجويع, وان عليها ان تكسر رمحها وترتمي في الحضن الصهيوني معتذرة عن فعلها, رغم بشاعة المجزرة وبشاعة الابادة والتجويع, حتى لا يكون ثمن كل هذا صفرا في المحصلة النهائية, ومن يريد نقد المقاومة على اسس منهجية وثورية فهذا ليس اوانه ولم يحضر وقته ولا اهله, عاش الاردن وعاشت فلسطين.
omarkallab@yahoo.com