بهدوء
مرايا – كتب: عمر كلاب
طوال ساعات الحرب المفتوحة منذ ايام, والشاشات مشغولة بتحليل الحرب وموازينها, لكن احدا لم يقرأ نهايات الحرب, والسيناريو القادم للمنطقة والاقليم, ولم نسمع من مراكز الابحاث او مراكز الساسة, عن مستقبل المنطقة في حال ربحت ايران المعركة, او خسرتها لصالح اليمين الصهيوني المتصاعد, وتقدير حجم خسائر الاقليم تبعا لمن يربح الحرب.
وحتى لا نتوسع في القراءة على مستوى الاقليم, دعونا نقرأ السيناريو القادم من عين اردنية, في حال ربح اليمين الصهيوني المعركة, كما يتوقع معظم المحللين على شاشاتنا الاردنية وعلى شاشات دول الاعتدال, التي عاشت فترة متضاربة من العلاقة مع ايران, وصلت في مراحلها الى وضع ايران في خانة العدو الاول, بدل العدو الصهيوني. السلوك الايراني دون شك, سمح لدول كثيرة في التشكك به وبنواياه, ولفترة طويلة فاقت التحرشات الايرانية التحرشات الصهيونية, بالاردن وحدوده, لكن الاردن تحاشى مشر التحرشات التي وصلت في اوقات الى تحرشات شبه يومية, سواء على الحدود, مخدرات واسلحة, او خلايا قادمة ونائمة, وترفع الاردن عن الدخول في صدام مع ايران او وكلائها في المنطقة.
هذه العلاقة المشدودة مع ايران, منذ حربها مع العراق وانحياز الاردن الى عمقه القومي, لا تعني ان تبقى هي المقياس في الموقف من الحرب ونتائجها, لأن اول التفاتة من اليمين الصهيوني, بعد حسم المعركة لصالحه – لاسمح الله – ستكون الى الضفة الغربية والقدس, ضما وتهويدا ودون شك تهجيرا, واستكمال ابادة ما تبقى من غزة وشعبها.
هذه الزاوية التي يجب ان نقرأ منها الحرب, وبالتالي بناء موقفنا الاستراتيجي, وليس من بوابة الاغراق في تفاصيل القوة العسكرية لهذا الطرف او ذاك, وهل تدخل واشنطن المعركة, ام تبقي داعمة من بعيد, ولا من باب الشماتة على قاعدة, اللهم اضرب الظالمين بالظالمين, فهذا سلوك يصلح في العلاقة بين ” السَلفات او الضرائر ” وليس في العلاقات الدولية والمصالح الاستراتيجية.
ايران دولة اصيلة في المنطقة, نختلف معها ولكن ليس وجوديا, بل سياسيا, لكنها منا في نهاية المطاف, وبنيتها الاجتماعية والعسكرية والسياسية, ليست هشة رغم حجم التباينات داخلها, وحجم الاختراق الصهيوني, الذي كشفته الضربة الاولى عليها, فهي قادرة على التماسك وعودة الوعي لامبراطورية عمرها الاف السنين, ولعل ما نراه في الساعات الاخيرة يقول ذلك. المواقف والحسابات, في اللحظات الحاسمة او اللحظات التاريخية, يجب ان تتم وفق المصالح الاستراتيجية, والقيم الانسانية العليا للدولة, وبكل القياسات لا نتمنى هزيمة ايران, او خسارتها المعركة لصالح يمين متطرف, قدم للبشرية اسوأ نماذج يمكن ان يتم تقديمها.
omarkallab@yahoo.com