عمر كلاب

اذا لم تنجح السلطة في ردم فجوة الثقة في هذا الوقت او على الاقل تقليصها الى الحدود الدنيا, فانها لن تنجح ابدا, واذا فشلت المعارضة في تقديم اوراق اعتمادها الوطنية كشريك في السلطة او بديل ديمقراطي وطني لها فلن تنجح ابدا, فالدولة اليوم تعيش افضل لحظاتها على الاطلاق, فالملك يقود اللحظة بمهارة استثنائية ليست غريبة عليه, لكنها منسجمة حد التماثل مع الموقف الشعبي, ويقدم رسالة اردنية حازمة تثبت ان الاعتدال لا يعني باي حال من الاحوال الانبطاح او الانهيار, والجيش يقوم بمهمات جليلة على كل الحدود الملتهبة, والامن يحمل على صدره وفي قلبه شعار الوحدة, ويكرسه في سلوكه اليومي رغم محاولات التحرش الخشنة التي تحدث من فئة ضيقة.

تجاوز الاردنيون اليوم ضيق معاشهم, وازمتهم الاقتصادية, كما في كل مرة يشعرون فيها ان الشرف القومي والوطني امام ازمة او لحظة صادمة, فينحازون الى شرفهم القومي والوطني, بإدراك عميق, ويقفزون عن اليومي مقابل الانحياز الى الضميري, رغم قلة تظهير الخطاب السياسي المتقدم للدولة للفضاء العام, فما تقوم به السياسة الملكية اليوم, ليس فقط الاقوى والاصدق, بل الاكثر موثوقية وقبولا لدى دوائر عديدة من دول القرار, رغم الموقف الامريكي المتطرف في تبنيه للرواية الصهيونية والضغط على الجميع للقبول بالرواية الصهيونية دون غيرها.

وحتى لا تذهب الفرصة, من خلال البقاء في مربع الشعار الناصري, الذي لم تحمل له اطراف المعادلة السياسية في الاردن, سلطة ومعارضة كثير ود, واعني – لا صوت يعلو فوق صوت المعركة- فإن على السلطة ان تقدم رواية وطنية مسنودة بالخطاب الملكي الواضح والقوي, لشكل التعاطي مع هذه اللحظة, من حيث الاستعداد والاستبعاد, ونبدأ بوضع السيناريوهات المطروحة على الطاولة, فما هو القابل للتطبيق ونستعد له, وما هو المفروض المرفوض ونستبعده, برواية فصيحة وخطاب مبين كتلك التي استخدمها رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان مؤخرا وقبل ذلك ايضا, دون اللجوء الى المفردات المعلبة على غرار المندسين واصحاب الاجندات وما يماثلها, ودون الافراط في استخدام ان المرحلة دقيقة وحرجة, فجميعنا يعرف ذلك, والمهم كيف نتعامل مع دقة المرحلة وحراجتها.

كذلك على المعارضة الخروج من عقلية التفكير بضرورة احراج السلطة وتحميلها ما لا تقدر على حمله, وعدم التفكير بصندوق الاقتراع القادم تحت شعار اسقاط السلطة في الفخ الغرائزي, او على الاقل احراجها امام الشارع الاردني, واظهارها بمظهر المتخاذل عن معركة التحرير المفتوحة على كل الجبهات باستثناء الجبهة الاردنية,فالشعار المرفوع اليوم, سبق وان ادخل الامة في نفق مظلم, من حيث الاستماع لصوت المعركة فقط على الطريقة الناصرية, فصوت المعركة العالي يجب ان يكون هدفه الاول حماية الاردن وتحرير فلسطين والترتيب مقصود تماما, فصوت المعركة واضح, والسكوت عن الاخطاء بحجة المعركة عانينا من اضراره على مدار عقود طويلة وفي اقطار عربية كثيرة, خسرناها لان العقل فيها كان لا يستمع الا لصوتين صوت المعركة وصدى صوتها.

omarkallab@yahoo.com