عمر كلاب
لا يجوز الوقوف عند تصريح صادر تحت الضغط للناطق الرسمي لكتائب القسام, واغفال عشرات التصريحات الصهيونية المقيتة والمقززة, هذا نداء للمحللين العرب, لأن العقل الغربي الرسمي وجزء من الشعبي, منحاز للكيان العنصري, ولا يرى في اي تصريح عنصري من الصهاينة, سوى ما يراه المحب من حبيبته, فالتصريح له سياقاته السياسية والميدانية, ولا اظن حركة حماس وكتائبها, تحمل مثل هذا التوجه, ورأينا وشاهدنا, السلوك الثوري الحقيقي للحركة في تعاملها مع اسرى عملية طوفان الاقصى.

فثمة نظريتان في العمل الكفاحي, الأولى تقول بوضوح, عن ضرورة ان يعيش العالم في قلق كي يشعر بالقضية الكفاحية, وهو سلوك مارسته الفصائل الفلسطينية في بواكير السبعينيات, وحقق انتاجية مطلوبة في ذلك الظرف, حيث كان العالم ثنائي القطبية, وكانت دول كثيرة في طور استقلالها او حديثة الاستقلال, وتعيش اجواء الكفاح ونماذجه المتعددة, وتتفهم مثل هذا السلوك الكفاحي, الذي يستهدف المحتل واعوانه وحلفائه في كل الدنيا, ومع تراجع الشرعية الثورية, بحكم تطور المجتمعات واستقلال معظم الاقطار نظريا, تراجعت هذه النظرية.

النظرية الثانية, تتحدث عن مكانية او جغرافية الكفاح الثوري, وعمليا هذا كان بعيد المنال عن القضية الفلسطينية, التي فرض عليها اللجوء مركزية الاطراف وثانوية الداخل, مما اوقعها في خطايا واخطاء, الظرفية الجغرافية وأثر الجغرافيا السياسية, الى ان حطت المقاومة رحالها في الداخل الفلسطيني, وجرى التحلل نسبيا من اثر الجغرافيا السياسية, واستفادت حماس الحركة والكتائب من هذا التغير النوعي, فهي حركة نمت وبنيت على الارض الفلسطينية, وبقي اثر الخارج عليها, متعلق بادوات الدعم والتدريب والتأهيل, ومن هنا يمكن فهم الاثر الايراني والقطري والتركي على حماس.

فالحركات المقاومة, تحتاج الى دعم مالي وسياسي وعسكري, وهذا ما تحقق لحركة حماس من الاقطار الثلاثة, وتعاظم هذا السلوك مع خروج سورية والعراق من دوائر العمل القومي وانشغالهما بظرفهما الوطني, وكان غياب المشروع القومي العربي, حافزا لنجاح الاثر الثلاثي على حركة حماس, التي تمتلك قرارا مستقلا لكنها بحاجة الى هذا الدعم, وبالتالي على من يحاول الانتقاص او الانتقاد, ان يقرأ الصورة بشموليتها, فكل حركات المقاومة في فلسطين لم تجد حاضنة عربية واحدة, تكفيها شر السؤال .

حماس بالقطع ليست حزب الله, الذي يرتبط عقائديا بايران, بحكم ايمانه بنظرية ولاية الفقيه, الجالس في طهران اليوم, ولا اقصد الاهانة او النقد, بل التوضيح لغايات التحليل, ولكنها معنية بوجود حاضنة داعمة على المستوى العسكري, ولا يوجد غير ايران وحزب الله يقدمان هذه المسألة, فلنتريث قليلا قبل الادانة او الاتهامية, فالاحتلال جاثم على صدورنا جميعا, ونحن اليوم في خضم معركة تحرر وطني, لا مكان فيها لتباينات عقائدية او فكرية, تفضي الى الاتهامية او التشكيك, فالاحتلال على بوابات غزة, وشلال الدم سيرتفع, والامل كل الامل ان ترفع المقاومة كلفة الاحتلال وترفع من كلف الهجوم, واظنها ستفعل, وحينها سنجد الوقت للنقد والتلاوم والتباين الفكري.

**omarkallab@yahoo.com