مرايا – كتب : عمر كلاب

لا تحتاج اكثر من بوست قصير على احد مواقع التواصل الاجتماعي كي تتحرك مافيات الاشاعة والترويج لانتاج حالة نرفزة تكاد تخرج من شاشات الاجهزة الذكية والبليدة, وتبدأ بعدها الضربات تحت الحزام وفوقه, دون ادنى اعتبار للحقيقة او ادنى اعتبار للعقل كي يفكك المعلومة التي تنتقل بسرعة البرق متحولة الى حقيقة يمكن البناء عليها وتحليل تداعياتها وتجهيز منصات القذائف وحشو المدافع لاطلاق الشتائم على الدولة واركانها, لحظات بعدها يتكشف المستور ان البوست مجرد محض خيال وان الكتائب والميليشيات جاهزة للاشاعة دون ادنى خجل من دحضها او?الاعتذار عن نشرها, فالهدف هو توتير الرأي العام وتحشيد الغضب الشعبي بانتظار لحظة انفلات.

مواقع التواصل الاجتماعي باتت غابة غير محكومة لنظام او منظومة اخلاقية وقيمية, والتربة جاهزة لبث اي خبر ركيك او سخيف, الشارع الذي اتخمته مواقع التواصل الاجتماعي بالاخبار الساخنة دون ادنى اعتبار للصدقية.

خلال اليومين الماضيين جرى تشويش الرأي العام بأخبار متناقضة وتكشف عوار المشهد برمته, تاجيل الاقساط الذي جرى تداوله على اكثر من موقع محترم, قبل نفيه, يمكن ان يكون مسؤول ما قد ضلل الاعلام قبل ان يتراجع هذا المسؤول المصرفي يالضرورة, وقد يكون الامر مجرد جذب للقراء لا اكثر, قبل ان تتصدر سيدة الحليب المشهد, وينقلب المعلقون الى عالفاروق الافتراضي, بالمناسبة لم اقرأ تعليقا واحدا من مئات التعليقات يقول انه مستعد لدفع ثمن علبة الحليب او ثمن علب اخرى للرضيع, بمعنى نحن متسلقون ومدعون لا اكثر, ونستهدف النقد حتى لو كان ك?ذبا.

قصة انفلات المواقع لم تعد مقبولة, لان انفلاتها ممسوك ومشغول بعناية فائقة من كتائب واعية ومدركة لضرورة الانفلات, مثل نظرية الفوضى الخلاقة وربما يكون المصدر واحد, فالفوضى الخلاقة كانت منضبطة على شاشات المصلحة الصهيونية بالكامل, وكذلك انفلات الاشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي, التي بات يتورط فيها اسماء معتبرة ولا يعوزها الذكاء التحليلي, فكيف تمر هكذا اخبار, وكيف لا نملك حتى اللحظة غرفة لمواجهة وادارة هذه الاشاعات, وتدرك دوائر الامن ودوائر القرار اهمية هذا الامر جيدا.

سيتحجج البعض بانحسار الثقة وتراجعها, فيما سيرمي آخر الازمة على الاوضاع الاقتصادية, وبدأت الهبدات الكبرى, وليس اولها ترشيد الانفاق الحكومي واغلاق نوافذ الترف الرسمي, ولا اوسطها استعادة الاموال المنهوبة ووقف الفساد السائر على عجلات في اكثر من قطاع رسمي وشبه رسمي, ولا اخرها, نزعة الخطاب الجديدة التي تتناسب وظرف رمضان, الظرف ليس عصيبا فقط بل يُدار بعقليات شيطانية مقابل عقول عادية وتقليدية في الاعلام الرسمي وحتى اعلام الدولة, واذا لم يتم مجابهة ماكينات الاشاعة فإن العقل سيبقى ساخنا ويستشيط غضبا والقاضي لا يحكم ?هو غضبان فكيف بالمواطن البسيط؟.

omarkallab@yahoo.com