مرايا – كتب : عمر كلاب

سيلان مدهش من الانتقادات تعرض لها الموقف الاردني, بعد الانفلات الامني المحدود في فلسطين,إثر الاعتداءات الهمجية على المعتكفين في المسجد الاقصى المبارك, واقصد بالضبط جملة الانفلات الامني المحدود, سواء على قاطع غزة او بالانفلاتة المدروسة على القاطع اللبناني, فالجميع سرعان ما استوعب الرشقة الصاروخية وسرعان ما انتج تهدأة مدروسة بعناية, حد ان براءة حزب الله عن رشقة الصواريخ من القاطع اللبناني جاءت من جنرالات الاحتلال, وهذه لوحدها بحاجة الى وقفة, فالحرب الاوكرانية لن تسمح حتى بحرب محدودة في منطقة اخرى تحت الوصاية?الاميركية.

نعود الى سيلان الهجوم على الموقف الاردني الذي جرى وسمه بكل الصفات, من اعضاء بارزين في المجتمع, جلهم ممن كانوا على سدرة المسؤولية السياسية والامنية, واصبحوا فجأة يحملون شعارات الكفاح المسلح, التي كانوا على النقيض منها, بحكم الظرف الموضوعي الاردني, ونماذج الاشتباك المطلوبة وفقا للقدرات الذاتية واشتراطات الظرف الموضوعي العربي والعالمي, كما هو المألوف والمعروف, فالاردن لم يشتبك مع القضية الفلسطينية من بوابة الفصائلية, كما فعلت معظم الانظمة العربية, التي غرست فصيلا او تيارا داخل منظمة التحرير الفلسطينية.

كما انه لم يتعامل مع المسألة العسكرية الكفاحية بنظام حروب الشوراع او العمليات الفدائية, فالجيش العربي هو عنوان المواجهة المسلحة, وهو الذي خاض اعتى المعارك واشرسها مع الاحتلال الصهيوني, وهو الذي سجل النصر الوحيد على الاحتلال الغاشم, وبالتالي قراءة الموقف الاردني, يفترض ان تأتي من واقعه الموضوعي ومن سلوكياته السياسية, وليس من اي وارد آخر, كما هي العدالة, فالاصل ان نحاكم كل دولة حسب منطوقها السياسي وسلوكها العسكري والقيادي, والاردن لم يطرح يوما طرحا مخالفا لسلوكه ولمواقفه, فهو يتحدث عن الحلول السياسية, واستثم?ر الظرف الدولي او تحويل اتجاهاته لصالح فلسطين, وهو قام ويقوم بالواجب كاملا, ومن يريد الانتقاد من هذا الفقه فهو انتقاد موضوعي, فهل بالامكان تطوير المجابهة وتفعيل اوراق اقتصادية وسياسية الجواب نعم بالتأكيد.

المباغتة التي تظهر في كل ازمة عربية, اننا نكتشف ان ثمة موالين لانظمة عربية بين ظهرانينا اكثر من موالين لذلك النظام نفسه في بلده, فكل الانظمة التي تحدثت عن المقاومة والحروب والمواجهة والمجابهة, حافظت على حدودها آمنة, ولم تنطلق منها رصاصة واحدة, رغم كل الاستفزازات والاعتدءات الغاشمة والخشنة والناعمة, التي قامت وتقوم بها آلة الحرب الصهيونية العنصرية, وتجد من يبرر لهذه الانظمة ويدافع عن فقهها السياسي رغم ضحالته وانعدام موجباته, ولكنه ينقلب اسدا هصورا على الموقف الاردني الذي ما زلت على قناعة بانه الافضل عربيا و?امكانه ان يقدم الافضل ايضا, والاغرب هذه المرة انه قادم من مسؤولين سابقين، نعرف سلوكهم ومواقفهم جيدا؟, بانها نكاية في الطهارة لا اكثر وانها مزاودة جوفاء.

نحتاج الى مراجعة وطنية لكثير من الملفات, ربما على رأسها مراجعة قواعد الاشتباك مع الملف الفلسطيني, الذي نحسبه ونعتبره ملفا داخليا اردنيا, فهل الشكل السابق من السلوك بات مقبولا, في ظل تنامي التطرف الصهيوني, وميل الناخب الصهيوني نحو العنصرية والشوفينية, والحديث المتصاعد عن الاردن هو فلسطين وتهديدات التهجير؟ اظن بات الوقت كي نتفاعل ونتعامل مع المتغيرات الصهيونية بادوات جديدة ومفتوحة على كل الاحتمالات, ولكن قبل ذلك نحتاج الى صفاء وطني داخلي ونحتاج ان ندعو الله مخلصين الدعاء, ان ينجّ الله الاردن من المزاودين وال?انقين على غيابهم عن المقاعد الوثيرة, ان ينجّ الاردن من بعضنا.

omarkallab@yahoo.com