مرايا – كتب : عمر كلاب

منسوب اللوثة سيرتفع صباح اليوم بعجائبية، فهو يوم المرأة العالمي، وسيتنافس المتحدثون في مكانة المرأة وسيدللون على صدقية احاديثهم بآيات قرانية كريمة و بأحاديث نبوية شريفة، لكنهم يغفلون سلوكهم الفردي والجمعي، فأرقام حضور المرأة في كل مرافق الحياة العامة لا تتناسب لا مع مؤهلها الاكاديمي ولا مع كفاءتها ولا مقدرتها الادارية، ومع ذلك سنغدق عليها بكل الصفات الحميدة والمواصفات التي ان اخضعناها لمؤسسة المواصفات والمقاييس سترفضها بالمجمل وستمنع دخولها الى السوق الاردني بوصفها بضاعة مغشوشة وغير مطابقة لمقاييس الافعال،?وستقوم مؤسساتنا بتعيين المرأة في المنصب الاول وستحترق عيون الزميلات بفلاشات الكاميرا.

وعلى الجهة المقابلة سنسمع مئات التهكمات وسنرى عشرات الخناجر التي تطعنها في الظهر مشككة بها على مستويات متعددة، طبعا لن يكون لها اي قرار حتى في ذلك اليوم فهي بروفة تجميلية لرجل يحتل عقله حديث الجاهلية الاولى، يحلم بسبيها وربما يحلم بيوم ينزل فيه الى السوق لشراء جارية بمواصفات اوروبية وقوام عربي وعيون امازيغية وشعر غجري، لكنه يهدر بحرية المرأة وحقوقها وبدعمه لها وسيستند الى الدين الحنيف، ناسيا ان ماما في المناهج ما زالت تطبخ فيما بابا يعمل في الحقل او الورشة واذا ما حاولنا منح المرأة صورة متواضعة في المنهاج ?ستكون معلمة او طبيبة وكأن المهن الاخرى تعتدى على انوثتها التي هي غاية الامل الذكوري وسلاحه الوحيد لابقائها في اطار الجواري المعتوقات.

طبعا لا يمكن تبرئة المرأة من الجاهلية الاولى، فهي استرطبت المؤامرة على جنسها وبنات جلدتها، سلوك الاستكانة والاكتفاء بقيادة الرجل على هيئة زوج، فكل الرجال يشكون من حكم الزوجات وسلطتهن، لكن المحصلة لهذه السلطة هي الصفر الجمعي، لأن معادلة مسكوت عنها جرى العمل بقوانينها وانظمتها مفادها » تحكمينني في البيت فقط » ولا مكان لك في القرار العام او المنصب العام، لذلك انتجنا كل المعسولات التي وافقت عليها المرأة بوعي او بدونه، مثل المنزل مملكة المرأة والامومة هي واجبها الاول بالاضافة الى الطفولة، وكرّسنا وجودها كعورة ف? الحياة حتى في اداء الفرائض السماوية، حيث بات هناك مُصلّى للنساء رغم اننا درسنا في ديننا الحنيف ان المرأة تصلي في الجزء الاخير من صفوف المصلين وليس في مكان مستقل.

ديننا علمنا، عبارة يستخدمونها للتضليل لان التعلم ينعكس على السلوك، فالدين عبادات ومعاملات اي سلوك، والاجدى ان نقول ديننا قال لنا ونحن لم نستمع اليه بدليل ان التطرف بات سمة مسلكية وان الارهاب يضرب مجتمعاتنا باسم الدين والدين منه براء، فالدين الحنيف ساوى بين البشر في اهم مسألتين على الاطلاق الامانة والعدل » إن الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل».

omarkallab@yahoo.com