مرايا – كتب : عمر كلاب

منذ الربيع العربي وحراكات الشوارع, والحراكيون والثورجية يرونني خارج صفوفهم بل وعدو لهم, ويذكرونني دوما بماضيّ السياسي والحزبي, وبانني انقلبت على هذا الماضي, واردد شعاراته فقط للمصلحة الذاتية, بالمقابل التيار اليميني في السلطة يراني خصما ومناصرا للحراك ولليسار, وحتى التيار الوسطي يراني احمل فكرا جامدا ومتحجرا, كما وصفني احدهم بعد خلوة في البحر الميت, اما يسار السلطة على قلته وعلته فهو بعيد كل البعد عن الاثر والتأثير, وبالقطع لا يحمل شعورا طيبا لاحد, حتى لا ينافسه موقعه وليبقى الممثل الشرعي والوحيد.

بعد فشل الربيع العربي, عادت تلك القوى وكثير من الحراكيين الى التواصل معي, مؤكدين انني كنت على صواب في كثير مما قلته وتوقعته, فلا يوجد برنامج للحراك ولا يوجد قيادة, فكيف ستنجح المطالب وتتحقق, فسطى تيار سياسي بعينه على الحراك فخطفه لجانبه, فيما نجح قادة حراكيون في توضيب اوضاعهم وتحسين شروطهم مع السلطة, وانا هنا لا امارس احكاما, بل اصف واقعا, ومن يقرأ اليوم اعضاء القيادات الحزبية الجديدة يرى كيف تناغموا مع تلك الاحزاب بشروط مواقعية, بمعنى ان الاقوال السابقة كانت للاستهلاك المحلي, وليست اصيلة في النفوس او على ?لاقل حدثت ردة موضوعية, نقلتهم الى الخانة الاخرى.

بالامس كتبت مقالا في هذا الموقع بعنوان – نعم اجمل الايام لم تات بعد -, اعاد احياء بعض التهم المعلبة والطازجة, على شاكلة » انت تعوم على عومهم, والقادم اسخم » وقلة كانت تعليقاتها اشبه بالحيادية لكنها تحمل ايماءة او غمزة رافضة, على شاكلة » الله كريم, وهذه مقالة من القلب الى القلب» وايضا اكرر هل عشنا او نعيش اياما جميلة, وهل من العيب ان اطلب الزام الحكومة ورئيسها ببرنامج يكفل ان تطرق السعادة ابوابنا, وان نضع برنامجا فعلا للسعادة, ام ان المطلوب ان نبقى في دائرة التعاسة؟ وانا ما زلت ارى املا اذا ما احسنا ادارة م?اردنا وكفاءاتنا البشرية, رغم كل اوجاع الجوار وكل صداع الظرف الداخلي والازمة الاقتصادية والسياسة والاجتماعية, فنحن اكثر شعب يمتلك خبرة في التعامل مع اشتعالات الاقليم, ونملك خبرة واسعة في ادارة الازمات والعواصف المحلية الداخلية, لكن غاب عنا الارادة والادارة, وهذه يمكن استردادها بسهولة لان مكوناتها محلية ومتوفرة.

شروط الاستعادة سهلة, حالة شعبية ناهضة تريد تغيير الواقع وفق منظومة الاصلاح الثلاثية, نريد أيديولوجية اصلاحية، أو على الأقل رؤية واضحة بشأن ما المرفوض، وما المطلوب، أيديولوجية ينتج عنها برنامج عمل، فالاصلاح هو فعل سياسي من أجل تغيير سياسة الدولة، لتكون أكثر اتفاقاً مع مصالح السواد الأعظم من الناس, وإذا لم تكن قيادة الاصلاح اصلاحية, ولديها برنامج عمل لتحقيق هذا الهدف، فهى تدمر القائم، ولا تقدم بديلاً عنه سوى وعود لن تنجح في تنفيذها، لأنها لا تملك البنية التنظيمية أو الكوادر لتحقيقها. ثم أخيراً كوادر مدربة تع?ل من أجل الرؤية العامة، وليس بهدف خصخصة الاصلاح على مقاسهم، وكأن الاردن والاردنيين في خدمتهم، وليس الاصلاح في خدمة الاردن, والكوادر مصطلح أعقد كثيراً من الهتيفة والشتِّيمة المستعدين للنزول للشوارع لساعات طوال، أو الذين يستخدمون قدراتهم » الفيس بوكية والتويترية » لتشويه مخالفيهم, المقصود بالكوادر هم خبراء وساسة قادرون على تولى ملفات الدولة لإصلاحها وإعادة توجيهها للصالح العام.

لان غياب القيادة والتنظيم جعلت كل شخص يقبل منصباً عاماً هدفا مشاعا للشتيمة والتشويه، لينالوا منه مهما كانت كفاءته ورغبته في خدمة البلد. وأصبح يمارس زعماء «فيس بوك»، و«تويتر» حق النقض الملزم على أي شخص يبرز للخدمة العامة، فتراجع كثيرون وتقدم آخرون أقل كفاءة وقدرة, وارجو مجددا الا يغضب الثوريون والحراكيون.

omarkallab@yahoo.com