مرايا – كتب : عمر كلاب

انصح كل مهتم بالشأن الاداري وتطويره, متابعة برنامج يحدث اليوم على الشاشة الوطنية, فالجهد الذي يبذله الزملاء القائمون على البرنامج كبير ومرهق, ولكنه كاشف لكثير من الاختلالات التي تحدث كل يوم, وتحديدا على قطاع الخدمات, فكل يوم هناك قضايا حاضرة وفي كل مرة تكتشف حجم الترهل والخراب الذي لحق بدوائر الخدمات الوسيطة والمتقدمة, في المناطق من محافظات واطراف العاصمة غير الغربية, فالمياه ازمة, والمدارس ازمة وحتى دورات المياه ازمة, ناهيك عن باقي القطاعات من من اشغال ونقل وصحة, فلا احد من الادارات الوسيطة يقوم بالحل, ور?ما غير قادر عليه, والجميع ينتظر المسؤول الاول.

الاجابات على الشكاوى مكرورة وممجوجة, وكلها يمكن تلخيصها في لازمة: بالاشارة الى كتابنا وبالاشارة الى كتابكم, او ننتظر موافقات او قرار لجان, ومعظم المشاكل قائمة منذ شهور وربما سنوات, وهذا لا يتناسب مع واقع حال مؤسسات الخدمات التي دوما مشغولة باللجان والاجتماعات ودوما تتحجج بحجم الشغل القاتل ونقص الموازنة, علما بأن معظم الحالات لا تحتاج الى موازنات بل تحتاج الى قرار, من مسؤول او موافقة جهة ثانية غير المؤسسة او الوزارة المعنية, مسلسل يومي من حجم التناحر المؤسساتي لالقاء اللوم على الطرف الاخر, فيما المواطن يعيش?معاناته اليومية, وسط بيئة رسمية تُسمعه كل يوم عن تطوير وتحديث وهندسة اجراءات.

بذخ هائل يراه المواطن الاردني, على نشرات الاخبار في الاجتماعات واللجان, مقرون بخطاب عذب عن موقع المواطن في قلب المسؤول, وان كل هذا الجهد لخدمته وتوفير سبل الحياة الكريمة له, لكنه يصطدم في كل مرة بأن ابسط حاجياته مربوطة بتوقيع او بقرار لجنة لم تنعقد لأن المسؤول في اجتماع لخدمته ايضا, او ان الخلطة الاسفلتية التي كانت في طريقها الى شارعه, تم توجيهها الى شارع آخر يسكنه مسؤول, او ان ضغط المياه انخفض في حارته, حتى لا يصاب مسبح في منزل ما بانخفاض ضغط المياه المفضي الى رفع ضغط سكان ذاك المنزل لعدم قدرتهم على السبا?ة.

لا يمكن ان تنجح مسارات التحديث الثلاثة, الا اذا تلازمت المسارات, فلن يذهب المواطن للانتخاب, بل لن يقتنع اصلا بجدواها ان لم يتحسن مستوى الخدمات المقدمة له،ولن يقنع بان الاقتصاد سيتحسن وان الاستثمار سيقف طوابير على باب وزارة الاستثمار, في حين ان ماسورة مياه منزله تصفر بالهواء او ان وصوله الى موقع عمله يتطلب اكثر من ساعتين, تلازم المسارات وتوافق التصريحات مع الاجراءات هي الحل, وليس الاستمرار في اطلاق الوعود التي سأم المواطن منها, ومن تكرارها على مسمعه صبح مساء.

ثمة خطر آخر يزداد اتساعا في مجتمعنا وسيعلق كثيرون عليه بانه تحميل المواطن اعباء اضافية, لكن الامر ابعد من ذلك بكثير, وهو غياب مفهوم المبادرة والعمل التطوعي, فمثلا شكوى بأن سقف مدرسة يدلف والوزارة يجب ان تتحرك بسرعة والمشكلة عمرها اكثر من عامين, الا يمكن حله بعونة من اهل الحي, وبكلفة لا تتعدى عشرات الدنانير وقس على ذلك كثر من الشكاوى, وطبعا هذا يمكن تفهمه, فالمواطن يعيش حالة شبه قطيعة مع نفسه ومع محيطه, ويثق بأن الاموال موجودة لكنها تصرف في بعض الاحيان بغير الاولويات وهذا يحتاج الى وقفات ووقفات والى سردية و?بادرات محلية ضمن منهج عمل يقوده الاعضاء المنتخبون اولا, ثم اركان الحكومة.

omarkallab@yahoo.com