مرايا – كتب : عمر كلاب

لم يتوقع مراقب او متابع ان تحقق الاحزاب الاردنية طفرة في البرامج او الشعبية, فالبيئة الحاضنة ليست صديقة للاحزاب, واهمها ان عقولنا كما باقي العقول العربية لا تحمل ودا للعمل الجماعي, ولا يأنس كثيرا للخلاف الفكري والبحث عن توافقات لحسم قضايا الخلاف.

المباغت وهذا ليس غريبا وكان في دائرة التوقع الحذر, ان تكون الاحزاب هلامية في النشأة والتكوين, وان تنجح في اجتذاب اسماء كانت حاضرة، اما كحالة تكنوقراط او كحالة ترقي وظيفي او نبات بعل مما انتجته تربة المصالح الشخصانية والحسابات الصالوناتية, ولم تكن محسوبة او معروفة كحالة سياسية, لا من خلال تقديمها لنفسها كحالة سياسية, ولا من خلال تصريحاتها او سلوكها الاجتماعي والمهني, باستثناءات محدودة لبعض الاكاديميين في العلوم الانسانية وحتى في حقول العلوم العلمية المجردة, وذلك بحكم التخصص او بحكم بلد المنشأ للشهادة الاكاد?مية, فدول المنظومة الاشتراكية ودول المنظومة البعثية والقومية اسهمت بفاعلية في التعليم العالي ولا يستطيع احد انكار ذلك.

لن اخوض في الخلفيات الفكرية ولا في التجارب السابقة للمتصدرين اليوم لانتاج الاحزاب حسب طريقة الاستنساخ او التوالد، فكل المتصدرين للعمل الحزبي هم من ذاقوا حلاوة الاقتراب من السلطة او المناكفين لها على امل الاقتراب, وكل ذلك يجري في فضاء لزج ومترنح مثل طبق الجلاتين او الجِلي, فهي مثل كثبان رملية متحركة, تصحو على انتقال من حزب الى آخر او على ولادة جديدة وليتها حتى من الخاصرة, فكل الدعوات الى الانتساب للحزب تخلو حتى من ورقة معرفية او ارضية تأسيسية تصلح للنقاش, بل ان احد الاحزاب النشطة على الساحة قال احد مؤسسيها ?ي لقاء استقطابي, لا تقبلوا حزبا يأتي لكم ببرنامج, فانتم من تصنعون البرنامج, ولا ادري على اي اساس سيأتي الانتساب.

الحراك الحزبي هو احد مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية التي تشكلت وعملت تحت غطاء ملكي وضمانة ملكية، وهذا ما جرى, لكنني لم افهم التوجيه الملكي بأنه حالة ابتعاد رسمي عن العمل الحزبي, او مشاهدته من بعيد, بحجة ان ملف الاحزاب في عهدة الهيئة المستقلة للانتخاب، دون ادنى دور في التدريب والمساعدة الفكرية والاعدادية, فلا مدارس لاعداد القادة ولا برامج تمكين تدريبية للأحزاب على صياغة البرنامج الحزبي, الذي يُصاغ اليوم على طريقة الاماني والوعود, تماما مثل وعود مرحلة الخطوبة.

ما يجري ليس بناء عمل حزبي, فلا احد من الجانب الرسمي او الهيئة المستقلة للانتخاب يعلم او يتابع ما يجري في الحالة الحزبية, التي تتحرك اليوم وفق لا منهجية سياسية, وباستقطابات ووعود سرعان ما ستنعكس على شكل انشقاقات قبل اي مشاركة عامة سواء في انتخابات برلمانية او انتخابات مركزية وبلدية, ولا اظننا نملك رفاه ضياع هذه التجربة التي من الواضح انها في طريقها للضياع.

omarkallab@yahoo.com