بهدوء

عمر كلاب

ترقب الانظار الاردنية الرسمية والشعبية وكذلك الفلسطينية, يوم الاول من تشرين الثاني, وهو اليوم الذي تتوجه فيه الجموع الانتخابية الى صناديق الاقتراع في الكيان الصهيوني, وسط طموحات ثنائية بعدم عودة نتنياهو الى رئاسة الحكومة, لكننا ينبغي ان ندرس كل السيناريوهات التي يمكن بها مواجهة عودته, وقبل الشروع في دراسة الفوارق بين نتنياهو وخصومه السياسيين واثر كل منهما على المشهد الفلسطيني والاردني, رغم اليقين الشخصي بعدم وجود فوارق اصلا, فكل المتصدرين لاستطلاعات الرأي في الانتخابات القادمة, كلهم نتنياهو, من حيث الموقف من الصراع العربي الاسرائيلي ومقاربات الحلول لهذا الصراع, بل ان جميعهم كانوا في مدرسة نتنياهو نفسه سواء مدراء لمكتبه او اقل من ذلك او اعلى.

ولكن ومن باب درء الفساد الاكبر بالفساد الاصغر, يمكن الرهان على ان تجاوز الاحزاب العربية المنتشرة على قوائم ثلاث, تحسم عدم عودة نتنياهو الى السلطة, فهل اعددنا العدة لدعم هذا التوجه, اي تيسير ومساعدة القوائم العربية على اجتياز عتبة الحسم, المقدرة بـ 140 الف صوت لكل قائمة؟ رغم التباين في مواقف تلك القوائم, فجماعة منصور عباس مثلا لا يضعون ضوابط لمشاركتهم في الحكومة اليمينية القادمة, بحكم طبيعة التنافس وفرص الفوز, فالحكومة القادمة يمينية بالتأكيد, وسبق لهذه الكتلة المعروفة باسم القائمة الموحدة (الحركة الاسلامية الجنوبية), التي ترفع شعار التأثير للتغيير, ان شاركت في الحكومة الائتلافية بزعامة غانتس ولابيد, دون ان تحقق ادنى مكسب, بل انها تماهت مع اليمين الصهيوني, حد انها لا ترى فيه خطرا رغم طروحاته عن يهودية الدولة, ولعل بيان التعزية الصادر عن القائمة الموحدة بالقرضاوي اوضح ذلك بجلاء, وحسب استطلاعات الرأي فان القائمة ستجتاز نسبة الحسم, اي انها ستحصل على اربعة مقاعد على الاقل.

القائمة الثانية التي لم تحدد موقفها من المشاركة في الحكومة القادمة, هي القائمة المشتركة برئاسة ايمن عودة واحمد الطيبي, وهي ترفع شعار المشاركة بكرامة, وستحصل على نسبة الحسم اي انها ستفوز باربعة مقاعد على الاقل, في ظل شعور يقيني ان الحكومة القادمة هي يمينية متطرفة, سواء برئاسة نتنياهو او احد الاسماء الحركية المطروحة فكلهم نتنياهو كما اسلفنا, ويبدو ان دخول منصور عباس الحكومة السابقة قد ازال المحظور او الهاجس النفسي عن القائمة المشتركة, فقائمته وجدت دعما من العرب الذين كانوا داخل الاحزاب الصهيونية, بعد ان منحتهم طوق النجاة او التبرير لمشاركتهم مع الاحزاب الصهيونية, بالاضافة الى الصوت الاسلامي الذي يمتلك حق التبرير بالفتوى.

القائمة الثالثة هي قائمة التجمع الوطني الديمقراطي, برئاسة النائب سامي ابو شحادة, وهي اكثر القوائم مبدأية ومنهجية في طرحها الوطني, واكثرهم فهما لازدواجية القومي والمعاشي, او الهم القومي والهم اليومي, وقد تعرضت هذه القائمة الى خذلان من القائمة المشتركة, فخاضت الانتخابات منفردة باسم حزبها رغم انها كانت جزءا من القائمة المشتركة, وهي ما زالت تحاول الحصول على نسبة الحسم, وفوزها هو الضامن الاكيد لعدم عودة نتنياهو الى رئاسة الحكومة, وستبقى هي عامود التوازن بين المشاركين وداعميهم من رافضي المشاركة, فالجبهة تدرك بيقين عدم وجود فوارق بين الاحزاب الصهيونية, لكنها تدرك ايضا حجم اليومي المطلوب, واظن ان فهمها ووعيها الجذري, منذ التأسيس, يجعلها قادرة على القيام بخطوات سياسية قادرة على احراج الكيان العنصري, وتدعم نشطاء العالم الذين يتحدثون اليوم بقوة عن اسرائيل كدولة تمييز عنصري وتستطيع التشبيك مع هؤلاء النشطاء من خلال دعم مواقفهم بمواقف صادمة للكيان الصهيوني.

الانتخابات بعد شهر تقريبا ويجب التحرك بسرعة من القوى السياسية والمدنية لرفع المشاركة لانها هي الوحيدة القادرة على ابقاء الوضع الصهيوني مأزوما, وهي القادرة على انتاج ضوابط بين اليومي والقومي لاهلنا في فلسطين.

omarkallab@yahoo.com