بهدوء

عمر كلاب 

بالعادة يبدأ الاردنيون بالتكهن عن تعديل او رحيل الحكومة, في الشهر الرابع من نيلها الثقة, وهو سلوك اردني مستقر وليس طارئاً بحكم رحيل الحكومات السريع, لكن, لم اتوقع ان يأتيني السؤال من صديقي بائع الخضار, الذي داهمني دون مقدمات: «بحكوا في تعديل”, اجبته بحكوا, ولكن السؤال بقي حاضرا, ليس في اوساط البسطاء, بل انتشر على مواقع اخبارية وصفحات القطيعة الاجتماعية وليس التواصل الاجتماعي, حتى ان احد الاصدقاء ارسل الي اسمين متوقعين لشغل منصب رئيس الحكومة, كدليل على انتشار التساؤل كالنار في الهشيم, بين مغادرة الحكومة او تعديلها او اعادة تكليف رئيسها بحكومة جديدة, وللاسف لم يكلف احد ناشري الاخبار الذين يستسهلون نسب الخبر الى مصادر مطلعة, سؤال رئيس الحكومة نفسه او احد الوزراء السياديين, رغم يقيني بأن احدا لا يعرف الاجابة او يمكنه التحدث عنها بيقينية, فهذا امر بيد الملك وحده.

لمن يقرأ الحالة السياسية السائدة, يدرك ان الحكومة الحالية, انهت المطلوب منها في كتاب التكليف السامي الموجه الى رئيسها قبل عامين, وبالمنطق السياسي ايضا, فإن مرحلة جديدة بالضرورة قادمة, فالوباء تمت السيطرة عليه, ونحن الآن في مرحلة التعافي من اثاره التي نجحت الحكومة – قد لا يعجب هذا البعض – في امتصاص السلبيات في قطاعات كثيرة ليس اولها السياحة والخدمات ولا آخرها النشاط المحموم الدائر في اروقة الدولة, بحكم استجابة الحكومة لملفات النهضة الشاملة التي اطلقها الملك, اي ان حكومة الدكتور بشر الخصاونة, زادت على المطلوب منها في كتاب التكليف, واعتدنا ان تتم المراجعة السياسية, كل عامين, ولعل ذلك ما فتح شهية كثيرين للاسترخاء في التحليل ولكن بشكل يقيني وكأنه مصادرهم جالسة في غرفة صنع القرار, لدرجة استبقت عودة الملك من رحلته الى ثلاث عواصم واجتماع اممي في نيويورك.

القراءة الواقعية, وهي قراءة لن تعجب البعض كما اسلفت, تقول ان موجبات تغيير حكومي, ليست واردة, فلا احداث جساماً تتطلب ذلك, والحالة المجتمعية تشهد انشغالا سياسيا بالاحزاب التي ينتظرها واقع جديد, ومشغولة اكثر بشكل مجلس الاعيان الذي حسمت رئاسته, لكن عضويته تنتظر الحسم, وبالضرورة ان تشهد تركيبة الاعيان الحالية تغييرات, بما ينسجم ومخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية والرؤية الاقتصادية التي تحتاج الى جهود جبارة, وهذه الخطوة اي احداث تغيير في تركيبة الاعيان بما ينسجم مع التحديثات والرؤى, تتطلب فريقا وزاريا جديدا, فمن يضع الخطط ليس بالضرورة قادراً على تنفيذها, ولا نختلف بأن الحكومة بحاجة الى دماء جديدة قادرة على تنفيذ الخطط الطموحة بجرأة وسرعة ووقار, فبقاء الخطط في الادراج او غرف الانتظار المبردة, سيقلل من اهتمام الشارع بها حد النسيان, وهذا ليس المطلوب, واعتدنا ان يخرج اعيان من مجلسهم للالتحاق بالحكومة وبالعكس ايضا يلتحق وزراء بقبة الاعيان, وهذا ايضا سارع في الهام رغائب المحللين.

المسار السياسي الواقعي اذن, يقول ان الحكومة بحاجة الى تفويض ملكي جديد ينسجم وحجم المطروح على الساحات الاردنية كلها, سياسيا واقتصاديا وتطوير قطاع عام وكل هذا ليس في كتاب التكليف الذي تعمل الحكومة بموجبه, لذلك قد تأتي رسالة ملكية للحكومة بتفويض جديد يتلوه تعديل, او تكليف للرئيس الخصاونة بحكومة جديدة وهذه ربما تكون بكلفة اعلى من حيث الدخول في معمعة الثقة وبعدها الموازنة مما يضاعف من حجم الوقت المهدور, لكنه مطروح, او يقرر الملك دخول حكومة جديدة بكل اركانها وهذا ان تقرر فسيكون بعد الموازنة حسب المنطق, فلا يعقل ان نأتي بحكومة جديدة في نهاية عام مالي, دون اسباب موجبة, فيقوم الفريق الحالي بانهاء الموازنة ثم يرحل.

الواضح جدا ان التفويض الملكي لما يصدر بعد, وحكومة الخصاونة تقوم بالمطلوب منها, فالمعروف عن الخصاونة انه جندي منضبط وسيعمل حتى آخر ثانية من عمر حكومته سواء بقي او غادر, فهو يعرف اكثر من غيره ان الحياة تسير ولو دامت لغيره لما آلت اليه, لكن الاهتمام الشعبي هذه المرة مبرر وفقا لحجم المأمول من المشاريع الثلاثية المطروحة على الساحة الاردنية, لكن استثمار المحللين لهذا الاهتمام والخوض فيه بهذه الطريقة الغرائزية هو الذي يجب أن يتغير.

omarkallab@yahoo.com