مرايا – بقلم: عمر كلاب

إذا كان السباق الانتخابي بين أحزاب اليمين الصهيوني, هو الحافز الأكبر للحرب الجديدة على غزة, في محاولة لتحسين صورة تحالف لابيد – غانتس, كصقور لا يقلون شراسة عن نتنياهو في الانتخابات القادمة تشرين الاول القادم, فإن الاسترخاء عند البعض حيال هذه الحرب أكثر سطوعاً, تحت لافتة إحباط محاولات نتنياهو العودة إلى الساحة السياسية.

بمعنى أوضح يبدو أن أهداف الحرب تخدم مصالح أكثر من طرف, فالجميع ينتظر انتخابات الكنيست القادمة والجميع من مصلحته عدم عودة نتنياهو, لكن ما هو خارج صناديق الاقتراع أخطر من داخلها.

ليست الأولوية في هذه العجالة فهم حسابات الساسة الأميركيين وتحديداً الحزب الجمهوري في دلالة فوز الليكود على خارطة الانتخابات الأميركية النصفية في تشرين الثاني المقبل, كما ليس أولوية فهم الفوارق بين لابيد ونتنياهو على المسار العربي والفلسطيني, فالفرقاء في الكيان الصهيوني, لا يفترقون على دمنا واجهاض اي ملمح فلسطيني يمكن أن يُراكم انجازا او شبه مشروع وطني جديد, بعد ان اجهضت اوسلو وبعدها انقلاب غزة, كل مشاريع النضوج الوطني الفلسطيني, وكل مداميك النهضة الفلسطينية, ان كان عبر تحقيق ملمح دولة ولا عبر انتاج مقاومة ?نهجية للمشروع الصهيوني, تستخدم كل ادوات المقاومة.

المطلوب فهم الأولوية بشكل أعمق, وأعني ملامح مشروع النهوض الفلسطيني, بعد تحول منظمة التحرير الفلسطينية إلى غرفة مهملة في مقر رئاسة السلطة الفلسطينية, وافتراق غزة عن الضفة افتراقاً عامودياً وافقياً, فهذا المشروع بدأ يتحسس طريقه بعد معركة سيف القدس, التي شهدت تعدد العناوين السياسية والفصائلية ووحدة الهدف والطريق, في كل فلسطين من البحر الى النهر, ورأينا ذوبان حواجز الافتراق بين غزة والضفة, وعودة الروح الى فلسطين المحتلة عام 1948, وعودة القدس والمقدسات الدينية المسيحية والإسلامية إلى ريادتها, وأقول ذوبان لأن ال?ملية تحتاج إلى وقت وحرارة وطنية متصلة, أو إلى نقلة ثانية, فأجنحة المقاومة داخل الفصائل الفلسطينية المتصارعة او المتهادنة تجاوزت الخصومة الفصائلية وانتجت على الميدان واقعاً جديداً, رأيناه في جنين وكوبر وسلوان في الضفة الغربية, ورأيناه ساطعا في غزة.

هذا هو هدف الحرب الجديدة, التي تزامن فيها ضرب المنجز على الأرض وأعني تحالف أجنحة المقاومة, واجتياح كثيف من قطعان المستوطنين وغيرهم لـ«الاقصى» والمقدسات, أي ضرب قواعد التوافق الفلسطيني الذي رأيناه في سيف القدس من حيث وحدة المكان الفلسطيني ووحدة الزمان المقاوم, وبعودة سريعة إلى الزمان الذي تلا سيف القدس, سنرى بروز وطغيان الاقتصاد, كجاذب وكعنصر تمويه, أنتج عشرات الآلاف من تصاريح العمل في فلسطين المحتلة عام 1948, للفلسطينيين في غزة والضفة, ولعل هذا كان أول كنز للمعلومات تحتاجه آلة الحرب الصهيونية وأجهزتها الاس?خباراتية, بدليل نجاح استهداف قادة عسكريين في صفوف المقاومة من حركة الجهاد الاسلامي, سواء بالاغتيال او الاعتقال وكذلك كثير من أبطال المقاومة من الفصائل الاخرى في الضفة الغربية وتحديداً في مثلث الفخر لنا والعذاب للصهاينة, جنين, كوبر وسلوان.

فهذه الجموع القادمة من مراكز الثقل, جلبت معها بغير وعي أو بخيانة كم المعلومات المطلوبة, فجرى التحضير للضربة التي نراها اليوم, وابرز ملامحها افتراق المقاومة وعدم وحدتها حتى اللحظة, واخشى أن هذا كان اثر الجغرافيا السياسية على قوى المقاومة, فكل فصيل مربوط بمرضعته السياسية والمالية, وما يجري على قاطع حركة حماس بعد صدور تصريحات سياسية تشابه وتتوافق مع تصريحات وزراء الخارجية وتتناقض وفقه المقاومة, يستجلب القلق والشك, بأن الهدف الاسمى من الحرب الدائرة رحاها قد تحقق, وقد انفصلت العُرى لوحدة المقاومة, وهذا يعني اجه?ض مشروع النهضة الفلسطيني الذي بدأ بالحياة مجدداً وأعاد الحياة إلى فلسطين المحتلة وفلسطينيي الشتات, نأمل أن يكون الصمت الحمساوي تكتيكياً أو متوافقاً عليه, رغم تناقض هذا الامل بفعل تصريحاتها السياسية الناعمة حد التماهي مع تصريحات وزراء الخارجية في الدول الاسكندنافية, فهل «حماس» أمام وعودات طازجة لجمهورية غزة واعتراف غربي؟.. الايام القليلة ستكشف.

omarkallab@yahoo.com