مرايا – كتب: عمر كلاب

لا يتورع الإعلام العبري عن العبث في كل المحرمات عندما يتعلق الأمر بالأمن داخل الكيان الصهيوني,–وليتنا نتعلم منه- بدل إعادة إنتاج الأخبار وتوزيعها نقلا عن هذا الإعلام المتشرب للعقيدة الصهيونية الحاقدة والكارهة لكل ما هو غير صهيوني, ومرة تلو المرة يسقط القناع الزائف عن وجوه الإعلاميين الصهيانة الذين احتضنتهم عواصم عربية, بوصفهم أنصارا للسلام, ودون شك كانت سمدار بيري أكثر الوجوه حضورا, وجرى تدليعها والإغداق عليها بالأخبار والمقابلات كثيرا, ولا أظن أنها تستحق ذلك ليس فقط لأنها غارقة في وحل الصهيونية حتى النخاع? بل لأنها ليست هذه الكاتبة أو المحللة الخارقة, فهي محدودة الإمكانيات قياسا بالمعلومات المتوفرة بين يديها تحديدا من المصادر العربية.

سمدار بيري مدللة مسؤولين أردنيين سابقين, كتبت مادة تقطر سما زعافا, عن الأردن ومواقفه من (الأقصى), بوصف هذه المواقف تعبيرا عن أزمة داخلية أردنية, بعد أحداث الفتنة وتسريبات أسيادها المالية, وكأن قبل هذه التسريبات أو الفتنة كان الأردن غائبا عن المقدسات و(الأقصى) وغير مشتبك مع القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها الدقيقة واليومية, منذ الإمارة وحتى يومنا هذا وإلى يوم قيام الساعة, الفارق أن لغة الحكومة كانت أكثر شراسة وصلابة هذه المرة, ولذلك أعادت بيري نقل ما قاله الرئيس بشر الخصاونة تحت قبة البرلمان واصفة الخطاب بالت?ريضي وغير المسبوق.

الخصاونة قال في جلسة لمجلس النواب: «أحيي كل فلسطيني وكل موظف في وزارة الأوقاف الإسلامية يلقي الحجارة نحو الصهاينة»، كما أعلن أنّ «إسرائيل تحاول تغيير الوضع التاريخي والقانوني في الحرم القدسي، وتنفذ تقسيمًا جديدًا للزمان والمكان وهذا تصعيد خطير»، وهذا ما وصفته سمدار بيري بالاستفزاز القاسي وسبّب حالةً من الذهول والاستغراب والاندهاش في الكيان الصهيوني, ولذلك قدمت – المدللة – تحليلها الذي يقول إن الصرامة والصلابة كانتا تعبيراً عن أزمة داخلية حيث تحاول أركان الدولة الهاء الشارع الأردني عن أزمتي الفتنة والتسريبا?.

كل هذا ليس عجيبا من إعلام دولة احتلال متشرب للايديولوجية الصهيونية ومعاد للحرية والاستقلال, فلا نتوقع من العدو غير ذلك, والخطأ عندنا وليس عندهم, لكن العجيب أن تسعى الصحفية الصهيونية التي تم تقديمها في كثير من المواقع بوصفها كاتبة علمانية ومتحررة من عقدة الصهيونية وأقرب إلى اليسار منها إلى اليمين, إلى اللعب والتشكيك بموقف وزير خارجيتنا أيمن الصفدي من بوابة طائفية مقيتة, وبأن استدعاء القائم بالأعمال الذي ينتمي إلى نفس طائفة الصفدي, كان مسرحية إلهاء, فهما من طائفة واحدة يناقشان قضية إسلامية, فهل هناك فُجر أعل?, وهل نحتاج إلى دليل آخر على أن العدو الصهيوني هو العدو الأول والوحيد.

نعلم جميعا بأن وزير خارجيتنا ينتمي إلى الطائفة الدرزية, كما نعلم جميعا أن أول رئيس وزراء في الأردن كان ينتمي إلى نفس الطائفة, ولكننا نعلم اكثر بأن كل ابناء الطائفة الدرزية شأنهم شأن باقي الطوائف هم أردنيون أولا وقبل كل شيء, ومنتمون لعروبتهم ولثقافتهم الإسلامية ولا يزاود عليهم أحد, ونثق كل الثقة بوزير خارجيتنا أيمن الصفدي وبأنه سيف أردني لا يلين, ولكننا نقول للمسؤول العربي, إعلامكم أولى بكم وبأخباركم, وأن الإعلام الغربي عموما والصهيوني خصوصا, هو إعلام مسيس وإعلام تابع وغير مستقل كما يقولون, ولدينا تجارب كثي?ة من احتلال العراق إلى أوكرانيا وقبلها أحداث سورية, وكانت جدتي تقول» عدو جدّك ما بودّك» فهل نقنع؟!!

omarkallab@yahoo.com