مرايا – كتب :عمر كلاب

 

دعونا نسأل انفسنا بجدية, لماذا يشارك 7% من الشباب في الترشح للانتخابات البلدية والمحلية ومجلس امانة عمان من اصل كامل المرشحين البالغ تعدادهم 4820 مترشحا؟

 

ونسأل ايضا, اذا كانت هذه نسبتهم في الترشح وهم يشكلون اكثر من 60% من المجتمع الاردني, فما هي نسبة مشاركتهم في الاقتراع؟

 

ارقام بائسة ومفزعة على مستوى الترشح, تعامل معها اعضاء الهيئة المستقلة للانتخاب, بخيبة امل حسب تصريح الناطق الاعلامي السابق للهيئة وعضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب, فهل تكفي الخيبة لوصف الحالة, وعلى من تعود الخيبة ومن يتحمل مسؤوليتها.

 

نلمس جميعاً جدية شديدة عند مؤسسة العرش بشأن التواصل مع الشباب، الملك وولي العهد, وهى مسؤولية تضطلع بها مؤسسة العرش لأن المؤسسات الوسيطة (الأحزاب، المجتمع المدنى، الإعلام) لم تقم بدورها فى هذا الصدد على النحو المطلوب، اما وزارة الشباب فقد عاشت مرحلة تجريف في الدور والغياب والتغييب لسنوات عديدة, وكان الاهتمام بها موسميا, بل ان عودتها جاءت على شكل غير مفهوم كما كان غيابها, واظن انها عادت كمشروع لاحتواء الشباب اكثر منها لدمجهم ومعالجة مشاكلهم, وحتى لا نسرف في الافتراض, فإننا ننتظر ما في جعبة الوزير الشاب محمد النابلسي, وتحديدا ملف الهوية الشبابية, بعد ان انهك وزراء سابقون كاهل الوزارة بمنح واعطيات على حساب العمل المؤسسي, وبما أن ذلك كذلك، فما العمل؟

 

لقد اسمعنا الشباب كل انماط واشكال ومفردات الكلام الحلو, لدرجة ان غالبيتهم مصاب بمرض السكري, وبالمقابل لم نقدم مشروعا رياديا واحدا وعلى اي مستوى, فعلى المستوى الثقافي لا يوجد مشروع وعلى المستوى العملي والتدريب المهني والتقني ثمة مشروع يحبو, وعلى القاطع السياسي فثمة تناقض حاد بين المطلوب والمعمول به على الارض, لدرجة اصاب الشباب والمتابعين بحالة من الفصام, والتعليم العالي يمر بأسوأ فترة اكاديمية وثقافية, بعد خروج الكليات الانسانية في كل الجامعات دون استثناء من سباق الابداع والابتكار, ولعل الحفل الذي اقامته الجامعة الاردنية – ام الجامعات – احتفاء بمبدعيها على مستوى العالم, قد كشف هذا العوار, حيث لم يفز اي اكاديمي من الكليات الانسانية.

 

نجوب العالم, ولدينا خريجون من اكفأ جامعات العالم, ومع ذلك لم يجلب لنا احد منهم مشروعا شبابيا واحدا على مستوى المملكة, ان كان على غرار مشروع روزفلت للشباب, او على غرار التجربة المكسيكية في استصلاح الاراضي, ولا اريد ان استحضر تجربة كوبا والصين حتى لا أجرح مشاعرهم, علما بأن معظمهم من خريجي الجامعات الاميركية بل واغلبهم مفتونون بالتجربة الاميركية, من حيث نقل القوانين والتكنولوجيا الاجرائية لهندسة المؤسسات دون هندسة بناء المجتمع قبل ذلك, حتى يتواءم مع الهندسة التكنولوجية والاجرائية, فما نعيشه اليوم سبق لدول كبرى ان عاشته, لكنها ابتكرت الحلول.

 

روزفلت اطلق قبل مائة عام تقريبا فكرة «كتائب الخدمة المدنية» وكانت نسبة البطالة وقتها 25% وهي نفس النسبة لدينا, وهي ليست كتائب ديوان الخدمة المدنية, بل هي عبارة عن برنامج تأهيلي عام للرجال العاطلين، جزء من رؤيته الأكبر لإصلاح أحوال الولايات المتحدة الأميركية، الذي أسماه الرجل آنذاك: «الصفقة الجديدة» (New Deal) التي تعني عمل مشروع وطني جديد بين الحكومة والشعب، وكان أحد أهم مكونات هذه الصفقة الجديدة هو برنامج كتائب الخدمة المدنية.

 

وهو برنامج تدريب مهني يهدف إلى الاستفادة من طاقة الشباب المعطلة في حفظ وتنمية الموارد الطبيعية في الولايات المتحدة، تم تصميم البرنامج لكي يؤهل العاطلين عن العمل من الشباب بسبب الكساد الكبير في كل ما احتاجته الدولة في كل المجالات، مثل, الري والسدود والصرف الصحي، واستصلاح الأراضي وتهذيب الغابات وزراعة الأشجار والشجيرات والوقاية من الحرائق، والتحكم في الحشرات والأمراض، وتنمية أراضي المتنزهات والبحيرات وتنظيف مواقع البرك وتعبيد الطرق، واستزراع الأسماك، والأغذية والغطاء النباتي، هذا البرنامج موجه للشاب الأميركي، غير المتزوج، العاطل عن العمل، الذى عمره ما بين 18- 25 سنة.

 

نحن بحاجة لأفكار غير تقليدية في مواجهة التحديات التي نعيش فيها وتعيش فينا بسبب فقر الفكر وفكر الفقر الذي نعيشه، نحن لسنا فقراء في جيوبنا فقط، نحن فقراء في عقولنا أيضاً، ولو لم نثر عقولنا بأفكار مبتكرة، سنظل مكانك سر, مكتفين بالتعبير عن خيبة الامل, والوعد بدراسة اسباب هذه الخيبة التي ستتكرر على شكل موجات من الخيبات.