بهدوء
عمر كلابفي كل مرة نتحدث فيها عن مراكز صنع الاعتقاد ومحترفي إضعاف المناعة الوطنية, نواجَه بثنائية متضادة, اما اننا ضحايا لمؤامرة أو أن نكون نحن المسؤولين عن مشاكلنا بسبب عيوبنا، دون ادنى محاولة لفهم الحالة بنهج يقارب الثنائية المتعاكسة, بأن نجمع بين الأمرين, نعم بيننا مهملون وفاسدون، ولكن هناك من لا يريد بنا خيراً بل يسعى لأن نتأخر ونتخلف لأن تأخرنا وتخلفنا يخدم مصالحه، وكل فترة تخرج الوثائق الغربية لتوضح كيف أنهم يتآمرون بحق على أعدائهم، ونحن في الاردن وإن كنا على علاقة صداقة مع الغرب, الا اننا في النهاية حالة عداء للمشروع الغربي التاريخي القاضي بدعم الكيان الصهيوني.

خلال الشهور الثلاثة الماضية, ترصد العين هجمة مبرمجة داخلية وخارجية, على كل مخرج اردني, بحيث تستهدف هذه الهجمة تكسير اي ملمح نجاح او مقاربة وطنية لمعالجة اختلال داخلي, وادوات التكسير هذه, متقنة الصنع سواء بالفيديوهات المشغولة بعناية تقنية وحرفية في الإعداد وبالمنشورات الموغلة في السواد, مع مركز رصد لكل محاولة تصدٍ, بحيث ينشط هذا المركز في شيطنة من يتصدى ويسعى الى وسمه باشنع الالقاب والصفات, دون محرمات, فكل مؤمن بالدولة, رغم بعض امراضها وعللها, هو هدف للقصف والتشهير.

فالاشهر الثلاثة الماضية شهدت حراكا وطنيا لمراجعة المئوية الاولى, والتحضير لدخول المئوية الثانية, بلجان لها قوة تشريعية وبمشاركة جميع التلاوين السياسية والاجتماعية, والهدف الاوسع والاشمل هو اعادة انتاج السردية الوطنية التي شابها بعض الوهن, نتيجة اختلالات كثيرة, يتحمل معظم مسؤوليتها مراكز صنع القرار في الدولة, وكذلك المجتمع وقواه التي أنست الرواية المضادة واستسهلت الرفض ولا اقول المعارضة, فالمعارضة تستلزم مشروعا وبرنامجا, وعلى ما يبدو نحن نضيق بالبرامج التي تتطلب جهدا متصلا وعملا مربوطا بمنهاج زمني, والاهم ان يكون لدينا درع وسيف لمواجهة هجمات محترفي اشعال الحرائق السياسية, الذين تعاملنا معهم اما بسلاسة لا تحتاجها اللحظة الوطنية او بالتوقيف غير المسنود بمرجعية قانونية.

ما يجري اليوم وخلال الفترة السابقة, ليس طارئا او جديدا على الدولة, التي خبرت معارك سياسية واعلامية وتشهير, اقسى واشمل من هذا, وبادوات ممنهجة ومؤطرة, لكنها كانت تمتلك سرديتها ورجالاتها القادرين على التصدي, والاهم درعها وسيفها القادران على ملاحقة المسيء, سواء من كوادرها الرسمية او من الذين ينطبق عليهم الوصف القرآني «همّاز مشّاء بنميم”, واليوم علينا استحضار روح الدولة التي نخبرها, ونستحضر نهج الدفاع عن الدولة, بمحاسبة الفاسد والمقصر من الرسميين, وملاحقة وتجفيف منابع دعم المشائين بنميم, واظن ان منظومتنا الامنية والقضائية قادرة على ذلك, ولدينا من الرجال ما يسدّ عين الشمس, لكنهم اما مهمشون او معزولون لصالح الاقل كفاءة والادنى منهجية.

لا يعقل ان تُختطف المشهدية العامة من نشطاء السوشال ميديا, الذين يتم تزويدهم بالمال والمحتوى, وللاسف يجري تناقلها واعادة نشرها من كثيرين, اما بغباء او بحقد, علما بأننا نعلم مدى ضحالة هؤلاء النشطاء, وكيف ظهروا كما الفُقع في اول شتوة اقليمية, ويستقوون علينا اما بالعمل خارج الجغرافيا او بدعم من اصحاب منفعة داخلية, واصبح نقل السواد الكاذب, هو الاصل وباتت الحقيقة غائبة بل ومكروهة, ويستوجب عقاب المدافع عنها, نحتاج الى ملاحقة السواد وتجفيف منابعه المالية, وبالتوازي الاسراع في انتاج سرديتنا الوطنية وتعظيم مناعتنا الوطنية بقرارات جريئة واعلام قادر على حمل السردية.

omarkallab@yahoo.com