بهدوء

عمر كلاب

أخذ مراقبون على رئيس الوزراء الدكتور بشر هاني الخصاونة, في مقابلته الاولى على الشاشة الوطنية, عدم تناوله الوضع الاقتصادي, بتفاصيل اوسع واشمل, وأظن كان في عقلهم اصطياد وعد او مقاربة, مثل الاصطيادات خلال مقابلات رؤساء وزراء سابقين, فتصبح تلك المقولة او ذاك الوعد مرجعية عليه, ليس بإنتظار التنفيذ او مراقبة برنامجه, بل لغاية الوقوف عند ذاك الوعد كمحطة نهائية, رغم ان الوضع الاقتصادي يعاني قبل كورونا, فما بالكم بعد الجائحة, وكل ذلك لم يشفع للحكومة ورئيسها.

وأسأل الان سؤالا عاما مفاده: ماذا لو وصل الى حكومة الخصاونة ثلاثة مليارات وثلاثة ارباع المليار من الدولارات, بل ملياريين فقط, اسوة بحكومات سبقته؟ هل كانت الحالة ستبقى كما هي الآن, ساتجرأ على الاجابة بالنفي, فالحكومة التي تنجح رغم كل الازمات الاقتصادية الخانقة, قبل كورونا وفي اتونها, بناء المستشفيات الميدانية وضبط ايقاع الوباء من خلال توفير اللقاحات وفتح القطاعات بالتدريج الآمن, اظنها قادرة على استثمار تلك المليارات بطريقة اكثر حصافة من سابقاتها, طبعا سيقول كثيرون وهم محقون, الملك وولي العهد هو من جلب اللقاحات بهذه السرعة والكفاءة, وانا معهم, ولكن اليست هذه حكومة الملك ايضا؟ ألم يأت الملك بالمليارات السابقة؟

نجحت الحكومة بعد عام من تشكيلها في تحقيق ارقام نمو ايجابية, ليس قياسا بالعام الموصوف بعام كورونا, بل بالعام السابق للجائحة, بمعنى, لو قيض لها جزء من المليارات السابقة لكان الاستثمار فيها افضل, فقد بذلت هذه الحكومة اقصى طاقتها في توفير شبكة امان اجتماعي وأمن وظيفي, عبر سلسلة من الحمايات الاجتماعية واسس الدعم, ومن الخزينة, دون اغفال دور مؤسسة الضمان الاجتماعي والبنك المركزي كما قلت في المقالة السابقة, ووقوف القطاع الخاص الوطني موقفا مشرفا, وعلى رأسه القطاع الزراعي, الذي حافظ على بقاء المنتجات الزراعية والحيوانية على موائد الاردنيين.

الظرف لم يكن مثاليا في وجه هذه الحكومة ورئيسها, المشهود له بنزاهته ووعيه وجرأته على اتخاذ القرار, والحفاظ على مساحته الدستورية من الولاية العامة, لذلك على اي مراقب منصف, ان يقيس القرار والاجراء وفقا لواقع الحال, دون اعفاء الحكومة ورئيسها من رسم المأمول, ولدينا في خوابينا الوطنية الكثير من الفرص والافاق, التي لا تعفي الحكومة ورئيسها من البقاء في خانة الانتظار طويلا, او الارتكان الى الواقع الصعب, تحديدا بعد ان قام الملك بإزالة معظم ان لم يكن كل الحواجز الاقليمية, وفتح الطريق على اتساع مساربه مع الادارة الامريكية.

سننتظر من الحكومة ورئيسها الخطوات التنفيذية لخطة الاستجابة الاقتصادية, وما سيجتد من تطورات وافاق, بوصفها فاصلة عشرية للخروج من ازمة كورونا, وننتظر الموازنة القادمة لنرى برناج الحكومة الاقتصادي, للدخول في مرحلة التعافي من كورونا, ولذلك كان الرئيس حذرا في المقاربة الاقتصادية, وهذا يسجل له لاعليه, فخطته الاقتصادية التفصيلية والكاملة, قيد الاجراء وتحت التنفيذ, وسيقدمها الى الجهة الدستورية التي تحاسبه وتناقشه ومعها طبعا المراقب والكاتب والمحلل.

الحكومة في عامها الاول كانت حكومة مهمة, ملخصها كورونا الوباء والنفاذ من كارثة صحية لا سمح الله, ولكن عامها الثاني او العام الحالي, يجب ان يكون عام التعافي من كورونا ودخول المئوية الثانية بمشروع سياسي تم انجاز ارضيته الاولى, ومشروع اقتصادي يجب الاعداد له بمهارة وتوافق تشريعي واجرائي, لذلك اعود الى المطالبة, بلجنة ملكية اقتصادية, تزيل كل التشوهات والندوب من وجه الاقتصاد الوطني, القابل للنمو والارتقاء بما يكفل الحياة الكريمة للاردنيين.