بهدوء

عمر كلاب

ليس المقصود هو انتهاء التكليف الملكي لرئيس واعضاء لجنة تحديث المنظومة السياسية, بعد تسليم المخرجات, فالمعنى الظرفي لعمل اللجنة قد انتهى فعلا, وباتت المخرجات في عُهدة الحكومة, لتوضيب هذه المخرجات ودفعها الى مجلس الامة بغرفتيه, ولكن السؤال عن المهام السياسية والشعبية لاعضاء اللجنة, من حيث السعي لتوفير حماية لهذه المخرجات, من تيارات ترى ان مخرجات لجنتي الاحزاب والانتخابات قد اعتدت على مكاسبهم او حقوقهم المكتسبة حسب تعبير احد اوضح رموز تيار اليمين في الاردن.

قانون الانتخاب, نجح في توفير العدالة الانتقالية داخل الدائرة الواحدة, وهذه خطوة في منتهى الاهمية والغت دوائر البدو, وكل ذلك في الاتجاه الصحيح, لكن المعركة لم تُحسم بعد, فثمة مجلس نواب ومجلس اعيان, ما زالت لهم كلمة في مخرجات اللجنة, وثمة متضررين من هذه التعديلات المهمة على القانون, كخطوة انتقالية لحياة حزبية تعكس وجودها على الحالة السياسية وتنزع حضور الهويات القاتلة, ونعلم ان هناك من يعتاش على هذا الحضور, فقد لامست التعديلات جوهر وجود كثير من طبقة الكريما التي أنتجت نفسها على قواعد غير سياسية.

ايضا في قانون الاحزاب ثمة معركة قادمة, مع تجار المشاعر الدينية, الذين بنوا وجودهم الحزبي والشعبي على قاعدة تمثيل الله على الارض, فهل سيسمح الوكلاء الشرعيين بأن تذهب عنهم هذه المسحة الروحانية, التي اعتاشوا منها وعليها عقودا طويلة؟ من خلال نجاحهم في استثمار غرائز البسطاء الدينية وتحويل هذه الغرائز البشرية الى اوراق اقتراع دائمة ومتصلة, ام ستجرى تسوية مكتومة, تسمح بوجود احزاب على اسس دينية, ليس حسب الوصف الساذج الذي قدمه بعض اعضاء اللجنة لموقع عمون الاخباري.

معركة اللجنة لم تبدأ بعد, فالحوار الداخلي والتوافق الذي اوصل الى هذه المخرجات كان بين تلاوين سياسية واجتماعية, وليس مع القوات الشعبية المحمولة لهذه القوى, التي ستبدأ بالضغط على البرلمان, او استثمارها للضغط على البرلمان من اصحاب الاجندات المتضررة من هكذا تعديلات, ونعلم ان استطلاعات الرأي لم تمنح اللجنة مساحة ثقة آمنة تمنح مخرجاتها حرية الحركة داخل غرف البرلمان ولجانه, فإنتهاء اعمال اللجنة يعني ذهاب الغطاء السياسي الرسمي عنها, وعليها البحث عن اطار اجتماعي وسياسي شعبي لحماية المخرجات, التي من المفترض انها تعبر عن وجدانهم الوطني.

على رئيس اللجنة ورؤساء ومقرري اللجان على الاقل البقاء ولو في جروب شخصي, للعمل على حشد التأييد لمخرجات اللجنة, وحث الاحزاب المنضوية سابقا في اللجنة على تفعيل قواعدها الشعبية لتوفير الحماية لهذه المخرجات, كذلك ضرورة تشكيل خلية اعلام تبقى على تواصل مع الناس وتقوم بشرح وتبسيط المخرجات حتى لا يجري ليّ عنقها, واظهارها بمظهر المُعتدي على حقوقهم , في حين انها وفرت لهم حقوقا متساوية.

اللجنة ليست سامرا حتى ينفض, فهي جرعة اصلاحية متصلة, وعليها واجبات اخلاقية ايضا, الا اذا كان فهم بعض اعضاء اللجنة محصور في الهرجة والتقاط الصور مع المكونات الشعبية لغاية تحفيز صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي, لان انتهاء اعمال اللجنة سيكشف من كان في اللجنة عن ايمان بضرورة الاصلاح والتحديث, ومن كان لاجل البهرجة وتلقي التهاني, فمعركة الاصلاح متصلة ومستمرة وتحتاج الى اصلاحيين, وهذا ما ستكشفه الايام القادمة.

omarkallab@yahoo.com