بهدوء …
عمر كلاب
لا يمكن حصر عدد النظريات التي تتحدث عن نجاح قيادة وفشل أخرى, من قيادة مجلس محلي في قرية الى قيادة حكومة, وكما هو الأمر فى كل العلوم، الطبيعية والاجتماعية، يكون هناك اهتمام بالتعرّف على خصائص الظاهرة، رصداً وتفسيراً، وصولاً إلى التنبؤ بسلوك الظاهرة ثم التحكم فى خصائصها, وتعد قضية القيادة، سواء على مستوى المنظمات والمؤسسات أو الوحدات السياسية من القرية، وصولاً إلى الرئاسة من أكثر القضايا التى اهتم بها الباحثون. 
 ولعل ابرز من كتب في هذا المضمار, أستاذ الإدارة فى جامعة هارفارد ” جون كوتر” الذي كتب كتابه ” قيادة التغيير” في العام 1955, متحدثا عن ثمان خطوات لادارة التغيير جرى تلخيصها كما يلي: 
  1-تنمية الشعور بالحاجة الملحَّة إلى التغيير 2- تشكيل تحالف داخلي قوي (فريق التغيير) 3- وضع رؤية واستراتيجية للتغيير 4- نشر الرؤية وتعميمها 5- إزالة العوائق أمام التغيير 6- تحقيق نجاحات قصيرة المدى 7- تعزيز النجاحات الصغيرة والدفع نحو المزيد 8- ترسيخ التغييرات وتثبيتها كجزءٍ من الثقافة.
الكاتب وضع خطوات اجرائية ومتسلسلة لاحداث التغيير, وبما اننا اليوم نتحدث عن التغيير سواء في الادارة او السلوك, فمن الواجب الاطلاع على هذا النموذج, القريب من العقل والقابل للتطبيق, مع تنامي الشعور العام بالحاجة الى التغيير سواء في العقل الرسمي او الشعبي, فالجميع يشكو من الوضع القائم والجولات الحكومية تعزز هذه الحاجة, فأين العائق اذا؟
أظن لست آثما ان التحالف الداخلي القوي او فريق التغيير لم يتحقق ولم تكتمل شروطه في ظل الشللية القاتلة التي تطغى في تركيبة النخبة الاردنية, فكل شلّة ولا اقول نخبة, تريد ان تُحدث التغيير بذاتها دون الاستعانة بخبرات من خارج إطار الشلّة ذاتها, اي انعدام مفهوم التحالف في العقل الشللي, رغم توفر الارادة العليا لاحداث التغيير, بل ودفع النخب الاردنية الى اجراء مراجعات للقيام بذلك, ولعل اوراق الملك النقاشية اكبر محفّز على ذلك, ولاحقا لجنة تحديث منظومة الحياة السياسية .
ويبقى السؤال هل هناك عوائق حقيقية امام التغيير ام ان هناك غياب لارداة سياسية باحداث التغيير ان  هناك من يعمل بدأب ضد الرؤية التى تتبناها القيادة وما يرتبط بها من استراتيجية؟
يقول “جون كوتر”: «هناك من سيقاومون التغيير ويعملون ضده، وهناك من لا بد أن يتصدى لهؤلاء، وإلا فقدت القيادة قدرتها على أن تنتج إنجازاً حقيقياً على الأرض, لذا فإن القائد مطالَب بأن ينظر إلى بنية الدولة، وبالذات فى المناصب العليا فيها، وأن تنتقل الثقافة نفسها إلى من هم فى هذه المناصب, ولا بد من مكافأة الحريصين على الصالح العام، ومن يتبنّون الرؤية العامة للدولة وتقديمهم للمجتمع كنماذج للتغيير المنشود والتطوير المطلوب, وفى المقابل لا بد من معاقبة والتخلص من أولئك الذين يعملون ضد رؤية التغيير, وهذه مسألة تحتاج إلى التفرقة الواضحة بين من يقفون ضد رؤية الدولة وبين من يقدمون نقداً موضوعياً لقرارات قد تكون خاطئة، أو فيها مساحة من الخطأ, لا بد من الترحيب، والتشجيع، لكل من يقدم نقداً مخلصاً أو نصيحة بناءة، ولا بد من التخلص من المثبطين والمعوقين.
ويبقى السؤال متى سنزيل عوائق التغيير ومحاسبة الواقفين ضده, وهذا مربط الفرس.
omarkallab@yahoo.com