م.صلاح الدين ابو دية

مرايا – طالعتنا المواقع الإخبارية مؤخراً بخبر حول موافقة الحكومة على خطة تحفيز قطاع الإسكان؛ للتخفيف من آثار جائحة كورونا عليه، ولكن للأسف لم نجد في هذه الخطة ما يساعد على تحفيز القطاع، كما لم نجد فيها أي بند يقوم على حل أياً من مشاكله المزمنة.
لا ارغب بمناقشة هذه الخطة وأترك أمر تحليلها، ومناقشة تفاصيلها عدا عن نقدها، للراغبين بذلك ممن هم أقدر مني من الخبراء والمختصين، ولكنني أرغب بطرح فكرة من خارج الصندوق إذا ما وجدت من يقوم على تطبيقها؛ فستساهم بشكل كبير بتحفيز القطاع، وحل بعضاً من مشاكله، كما ستحقق عدداً من الأهداف الوطنية.
يجب التنويه في البداية أن هذه الفكرة تم طرحها من قبل اثنين من المهندسين المختصين ذوي الخبرة العلمية والعملية، هما الدكتور المهندس محمد عبد القادر، والمعمار المبدع نائل الجنيدي. من الجدير ذكره، أن جمعية المستثمرين بقطاع الإسكان تبنت هذه الفكرة في حينه، وطرحتها على أصحاب القرار في كل من أمانة عمان الكبرى والحكومة، ولكن للأسف لم تتم متابعتها آنذاك. علماً أن الفكرة ذاتها، تم تطبيقها في مدينة اسطنبول التي كانت تعاني من الأحياء العشوائية، ونجحت نجاحاً باهراً.
تقوم هذه الفكرة أو المبادرة على تطوير المناطق والأحياء الشعبية، والعشوائية، والقديمة في العاصمة عمان والمدن الكبرى كمدينة الزرقاء، التي تم بناؤها قبل أكثر من ثلاثين عاماً دون مراعاة للأسس الهندسية أو التنظيمية، وبالتالي أصبحت آيلة للسقوط كما هو الحال في حي الجوفة، حيث وجد المهندسون عند الكشف على الموقع، أن اغلب المباني في هذا الحي هي آيلة للسقوط، ولا يوجد لدى مالكي وقاطني هذه الأحياء الرغبة او القدرة على هدم مبانيهم وإعادة بنائها وفقاً للأسس السليمة، أو حتى صيانتها أو إعادة تأهيلها؛ لذا تقوم هذه المبادرة على إعادة تخطيط وتقسيم هذه الأحياء وفقاً لمخطط شمولي (Master Plan)، يخدم المنطقة والمدينة بإحكام تنظيمية جديدة تطور هذه الأحياء، ومن ثم تقسيم المشروع إلى عدة أقسام (Blocks) يتم طرحها على المستثمرين.
يقوم المستثمر الراغب بتطوير أي قسم، بالتعاقد مع مكتب هندسي لتصميم القطع السكنية والتجارية حسب المخطط الشمولي للقسم الذي تعاقد مع الجهات المختصة على تطويره، و بعد الموافقة على المشروع وترخيصه، يقوم بترحيل قاطني هذا القسم إلى شقق سكنية قريبة على الحي على نفقته طوال مدة إنشاء المشروع، أو يقوم بشراء المباني القديمة من الراغبين بالبيع من المالكين بأسعار عادلة تحددها الجهات المختصة، ومن ثم يقوم المستثمر بإنشاء المشروع من مباني وبنية تحتية، وبعد انتهاء المشروع، يسلم أصحاب المباني شقق تعادل قيمتها قيمة أرضهم بالمشروع.
من جهة ثانية، يحق للمستثمر بيع أو استثمار باقي شقق المشروع، واستثمار المواقع التجارية فيه؛ لاسترداد كلفة المشروع مع أرباحه المتفق عليها مع الجهات المختصة.
لإنجاح هذه الفكرة أو المبادرة، على الحكومة منح المستثمر حوافز تساعده على تخفيف كلفة المشروع، منها: أحكام تنظيمية تمنحه طوابق إضافية (لا تقل عن طابقين)، وإعفاؤه من عوائد التنظيم، إلى جانب منحه تخفيضات ضريبية للمشروع.
كذلك على الحكومة إنشاء صندوق؛ لدعم الفائدة على تمويل المشروع، ودعم الفائدة للراغبين بشراء شقق فيه وتأهيلهم؛ للاستفادة من هذا الصندوق.
هذه نبذة مبسطة عن هذه المبادة الرائدة التي يؤمل أن تحقق مجموعة من الأهداف، من أبرزها:
– تطوير الأحياء القديمة العشوائية.
– منع حصول كارثة؛ جراء انهيار المباني الآيلة للسقوط.
– الإسهام بتمكين ذوي الدخل المتدني، من تملك المسكن الملائم بسعر يناسب دخلهم.
– الإسهام بالتخفيف من البطالة بين العاملين بقطاع الإنشاءات من مهندسين وفنيين و عمالة، والإسهام كذلك بتحفيز ما لا يقل عن أربعين قطاع يرتبط ارتباطاً مباشراً بقطاع الإسكان عدا عن القطاعات المرتبطة به بشكل غير مباشر. وغيرها من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.
فهل تجد هذه الفكرة وغيرها من يتبناها لترى النور؟
أرجو أن ننتقل من مرحلة التنظير إلى مرحلة التنفيذ.