مرايا – بقلم : رانيا لصوي –  ممكن أن نقسم مدارس الوطن الى أربع أنواع طبقية الجوهر، وإذا ما اتفقنا أن العملية التعليمية اليوم تقوم على عدة أطراف هي المدرسة والبنية التحتية، المعلم، الطالب، الأسرة وهذه المدخلات هي التي ستحدد جودة التعليم.

المدارس الخاصة الدولية

والتي تقدم برنامج التعليم الدولي والسمة الرئيسة لها أقساطها المرتفعة جدا، والتي تخدم الطبقة المخملية من المجتمع. يتوفر فيها بنية تحتية ممتازة، معلمين لهم صفتهم الاعتبارية بل مطلوبين بالاسم، مواصلات مؤمنة تسهل على الأسرة. تستطيع هذه المدارس توفير التباعد بسهولة بدون نظام المناوبة ولا تقليل مدة الحصة الزمنية وبالتالي تضمن هذه المدارس جودة تعليمية اعتيادية ممتازة.

المدارس الخاصة المتوسطة

الأقساط متوسطة، تقدم برنامج التعليم الوطني وقد تزيد بعض المواد عليه، المعلم فيها مستور الحال راتبه على قده ويعاني ما يعانيه من تغول أصحاب المدارس الخاصة. المواصلات فيها مؤمنه، لن تحتاج الى نظام التناوب في أغلبها، وتغيير مدة الحصص وساعات الدوام لن تكون صعبه على الأهل بسبب توفر المواصلات. وبالتالي جودة التعليم ستكون جيدة وطبيعية حسب المعتاد عليه.

المدارس الحكومية والثقافة العسكرية

بنية تحتية سيئة جدا الى متوسطة، المعلم فيها مهمش ضمن منهج وخطه متصلة بما يحدث في نقابة المعلمين، وقرار منع المعلم من التواصل مع الطلاب كان قرار كارثيا على الطلبة، اعداد الطلبة فيها من 40-50 طالب في الشعبة وبالتالي نظام التناوب بأحسن أحواله سيكون 2:3، لا يوجد تدفئة وبالتالي عملية تهوية الصف التقليدية تضر الطلبة أكثر. نظام التناوب وتخفيف وقت الدوام حسب السيناريو الذي كان الفصل الأول، أو التعليم الهجين، وغياب المواصلات كلها أسباب تشكل عبئ على الأهل، مغادرة عملهم بأوقات ما بين 12-1 لتوصيل أبنائهم من المدرسة الى البيت. اختلاف الدوام بين الأخوة وتشتيت الأسرة بين من عليه الدوام أم لا. استمرار الحاجة الى التعليم عن بعد من خلال المنصات وهذا يشكل خلل لدى طفل بين المعلم في الصف والمنصة. زيادة الضغط على المعلم كيف سيوفق بين المجموعات، وانهاء المنهاج بأيام أقل من الطبيعي، ووقت حصة أقل من الطبيعي وتفضيل مواد على مواد أخرى وهذا كله لم يكن موجود لدى النوعين السابقين. جودة التعليم ستكون تسليكة حال.

مدارس الوكالة

بنية تحتية سيئة، المعلم فيها مستقر ماديا ويتحمل أعباء صفية كبيرة، عدد الطلاب في الصف من 50-65 طالب أي أن الدوام سيكون بنظام التناوب 2:2، وبالتالي هذه المجموعات ستداوم فقط يومين بالأسبوع ومن ضمنها أيام السبت. لا يوجد منصات تعليمية مساعدة، لا يوجد قدرة للتعليم عن بعد من خلال المعلم الذي لن يستطيع التوفيق بين المجموعات المتعددة والصفوف التي يدرسها، وكامل المواد، وكامل المنهاج. جودة التعليم ستكون تسليكة حال أيضا.

وبالتدقيق بين كل هذه الأنواع والتراكيب، لا ننسى المدارس في أطراف المدن والأرياف والبادية، والتي في بعضها قام المعلم بالتدريس وجاهيا على عاتقه لاستدراك حالات الطلبة الاجتماعية التي يقيّمها عن قرب.
فلنسأل أنفسنا أين العدالة في التعليم؟ ومن سيأخذ حقه؟ وهل سيبقى معيار الحق هو الطبقة الاقتصادية؟؟

كارثية أحقية اختيار الأهل …

وهنا تتجلى أكثر صور غياب العدالة الاجتماعية، فبعد عن أن كان التعليم الالزامي في دولنا انجاز، ومع استمرار وجود نسب أميّه مرتبطة بالوعي الاجتماعي، نعود الى المربع الأول في طريقة اختيار الأهل أحقية التعليم لأبنائهم!!!!
هل من المتوقع الأطفال الذي يعملون في أسواق الخضار أو ورشات المهن، وأكشاك القهوة، سيختار أهلهم العودة الى التعليم الوجاهي، ام سيختار استمرار عملهم لتحصيل رزق أكثر وبقائهم بالتعليم عن بعد الشكلي.
هل سنرى تفريقا بين أولوية التعليم للذكر او للأنثى، البنت تبقى بالبيت وتدرس عن بعد والذكر يذهب الى المدرسة!

كيف سيتم احتساب علامات وتحصيل وتقييم من يختار التعليم عن بعد؟ هل سيكون بنفس معيار التعليم الوجاهي؟

المطلوب

أن تتحمل الدولة ومؤسساتها مسؤوليتها الكاملة اتجاه أهم قطاعين اليوم، وهما التعليم والصحة في ظل جائحة كورونا، ووضع خطة سريعة جدا توفر من خلالها الدولة اللقاح لكل المعلمين من اجل ضمان بيئة صحية مناسبة لعودة الحياة التعليمية الى طبيعتها 100%.

التوقف عن التعامل مع ملف التعليم بقرارات ارتجالية لحظية، وألا يكون عقاب الطلبة هو رد الفعل على ما يحدث بين نقابة المعلمين والحكومة.