مرايا  – كتب  : سميح المعايطة
 

لا يمكن ان نصف المرحلة السياسية الحالية التي يعيشها الاردن الا انها مرحلة صعبة بل ربما أكثر من ذلك، وهنا لا اتحدث عن وباء كورونا واثاره فقط لان هذا اصاب الجميع بل عن حالة عربية واقليمية تضيق الخناق على خيارات الاردن في مواجهة سياسات اليمين الصهيوني.

 

اليوم هنالك جهد منظم تقوده الولايات المتحدة  الحليف الدولي الاهم للأردن يأخذ ملف الشرق الاوسط الى مسار مختلف ، والعنوان اخراج الملف الفلسطيني من شبكة علاقات اسرائيل مع العرب والمسلمين ، وان يكون العرب في حالة سباق لإقامة علاقات ثنائية مع اسرائيل  ليس على اجندتها فلسطين بل السلام مقابل السلام ومعه الملف الايراني ، وهذا هو جوهر صفقة القرن  ،واذا اراد الفلسطينيون ان يكونوا جزءا من الخارطة الجديدة فعليهم القبول بما يعرض عليهم واقصاه جغرافيا لاتصل الى مستوى الكيان يتم تقطيعها بالاستيطان والضم واعادة توصيلها بجسور وانفاق .
 

اما من يرفض هذا المسار الامريكي الاسرائيلي فعليه الجلوس بعيدا دون ان يملك القدرة على المشاغبة او الرفض، وحتى لو كان هناك رفض من اي طرف فلن يوقف المسار لان هناك قوة دفع عربية قوية تحمل المشروع الامريكي، وهي قوة دفع كانت قبل حين قوة الدفع لصمود في وجه سياسات اسرائيل.
 

خارطة القلق الاردنية ليست كما يقول البعض من تراجع الدور الاردني بل من تشكل خارطة علاقات ومصالح وربما تحالف تستعمله اسرائيل لحماية كل سياساتها في فلسطين، وهي سياسات لا تستهدف فقط حقوق الشعب الفلسطيني بل مصالح الاردن وهويته، فما تسعى اليه واشنطن واسرائيل هو تحويل مشروعها القائم على بناء دولة يهودية الى مشروع يحظى بقبول ورضى الاقليم العربي والاسلامي او على الاقل غياب اي اعتراض، وان يتحول اي طرف يرفض هذا المشروع الى طرف معزول لا يجد نصيرا.
 

اما إيران والتحالف ضدها فهي حصان طروادة فالولايات المتحدة ومنذ اربعين عاما من مجيء نظام الخميني لم تطلق نحوه رصاصة وهذا ينطبق على اسرائيل باستثناء ما يجري من ضربات في سوريا لأغراض تتعلق بتامين الحدود، لكن امريكا حاصرت العراق وحاربته ثم قامت باحتلاله بحثا عن مصالحها ومصالح اسرائيل.
 

وحتى ما يقال بان الدول التي ستقيم سلاما مع اسرائيل ستكون نواة لتحالف ضد إيران فانه لإطفاء مخاوف هذه الدول لكن علاقة إيران وامريكا لها معادلة اخرى من تبادل المصالح تماما مثلما سلمت امريكا العراق لاتباع إيران …
 

خارطة القلق الاردني ليس بسبب ما يقال عن تحويل نقل حجاج عرب ٤٨ من الاردن الى دولة اخرى بل لان اسرائيل لدائرة علاقاتها العربية والاسلامية مع استبعاد الملف الفلسطيني سيعني خطرا على حق الشعب الفلسطيني وتهديدا لمصالح اردنية عليا من التوطين والوطن البديل وهوية القدس وفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة.
 

خارطة القلق الاردني تقودها امريكا الحليف الاقوى للأردن دوليا وبالشراكة مع منظومة عربية واسلامية كانت ولو نظريا جزءا من حالة الصمود العربي والاسلامي.