مرايا – بهدوء – عمر كلاب- بعيدا عن مضمون الحزمة التنفيذية الثانية للبرنامج الاقتصادي الحكومي , الا ان تقديمها بهذه السرعة والالتزام تحسب ايجابا لرئيس الحكومة , بانتظار استكمال حلقات الحزمة الكاملة قبيل نهاية العام الحالي , ورغم تجزأة مضامين الحزم , الا ان الحكم النهائي مربوط باستكمال الحلقات كلها , لكن الحزمة الثانية حملت اشارات ايجابية واشارات متواضعة نسبيا , فملف دمج المؤسسات المستقلة لم يلامس حتى حواف المأمول شعبيا , فقد تجرأت الحكومة على الهيئات الاقل تأثيرا وإغضابا لمراكز القوى والنفوذ .
كذلك ثمة مؤسسات جرى دمجها تحتاج الى استقلالية عن الوزارة الام على غرار مؤسسة تنمية اموال الاوقاف التي تشابه في طبيعة عملها وبنيتها مؤسسة تنمية اموال الايتام التي بقيت مستقلة , وكليهما يعمل في المشاريع والمال , فلماذا جرى دمج اموال الاوقاف دون اموال الايتام ؟ لكنها في النهاية خطوة على الطريق الصحيح , فالمؤسسات المستقلة معظمها درن في جسد الدولة والموازنة باستثناء مؤسسات يجب ان تبقى مستقلة مثل البنك المركزي وهيئة الاوراق المالية وقبلهما الضمان الاجتماعي وصندوقه السيادي .
ابرز ما قدمته الحزمة الثانية كان دائرة الشراء الموحد , التي ستكون ابرز ملمح لحكومة الدكتور عمر الرزاز ان نجحت الحكومة في ضبط ايقاعها , فهذه الدائرة قادرة على توفير ما يقارب ال 200 مليون دينار كانت تنفق هدرا اما من خلال التلزيم او من خلال المجاملة الفائضة عن حاجة موازنة تعاني من اختلالات واوجاع مزمنة , ابرزها الحاق دائرة الموازنة العامة بوزارة المالية , هذه الخطوة التي يتلكأ كثيرون في الاقتراب منها رغم اهميتها , طبعا ليس على ارضية الحاقها بوزارة التخطيط بل باستقلاليتها بالكامل .
بقيت ملاحظة يجب ان تصل الى عقل الحزمة وهي مقدار ملامسة الحزمة للاستراتيجية الوطنية للنقل , فكيف يتم تخفيض الرسوم على مركبات الكهرباء في ظل مشاريع النقل العام التي خنقت البلاد والعباد , وما جدوى الباص السريع وجدوى باصات عمان التي تجوب المناطق طالما اننا ندعم امتلاك المواطن لمركبته الخاصة , سيقول احدهم هذه ستكون للمحافظات ربما , لكننا نعلم يقينا ان عمان هي مركز الثقل وهي المستفيدة الاكبر من هكذا قرار .
ثمة عملية التفافية ايضا على المواطن من خلال استبدال ضريبة وزن المركبات بضريبة مقطوعة لن تحقق الفرق لصالح المواطن وفقا للحسابات الاولية , كذلك اغفال الحزمة حتى اللحظة للتعليم التقني والمهني باضلاعه الثلاث , الادارة المهنية والمنهاج المهني واعضاء التدريس المهني ويجوز استبدال المهني بالتقني لغايات ربط المسارات بعضها ببعض , فكل التشغيل في الاردن اسير هذه المعادلة , لأن التدريب حتى اليوم اخفق في جذب اعضاء جدد من اعضاء نادي البطالة واقصد حملة الشهادات الجامعية والمتوسطة , وطالما بقي التدريب من اجل التشغيل غير قادر على تقليص اعداد نادي البطالة فإن التجربة لن تحظى باي دعم وقبول ولن تحقق الانعكاس الايجابي المأمول .
نجاح الحزمة الثانية في ملامسة الكثير من التابوهات والمحرمات لن يمنحها الرضى الشعبي , اذا لم تلامس مصالحهم المعيشية ورواتبهم النافذة او التقاعدية , فكل هذه الحزم ستبقى حبرا على ورق اذا لم تنعكس اجراءات حقيقية على الرواتب بشكل اساس وعلى مستوى الانفاق للاسرة الاردنية , فاسعار الطاقة مرتفعة وكلفة النقل والطبابة والتعليم اعلى من المنطق بكثير , بعد ان تركنا المؤسسات الخاصة تتحكم بحقوق البلاد والعباد , وسمحنا بتراجع الخدمة في هذه القطاعات الى مستويات متدنية جدا .
omarkallab@yahoo.com