مرايا –

كعادة القسام؛ كل حرف تنطق به، يكون من ورائه مقصدا قد نعجز عن إدراكه في الحال، تمتلك فطنة نخفق في تفسيرها بصورة آنية، والأمر كذلك مع الفيديوهات التي تبثها لأسرى العدو، كل مشهد يحمل قصة مبهمة، وكل أغنية تبث في خلفية الفيديو، بينما يتكلم الأسرى ببغض وتقزز موجهين كلامهم إلى نتنياهو، يكون من ورائها أحجية نتسارع لفك تعقيدها.

 

بثت القسام يوم أمس فيديو “هنأت” فيه الأسير شاؤول آرون بعيد ميلاده الـ9 في الأسر، بقبضة المقاومة. تارة يظهر مشهد من جنازة والد آرون حيث توفي قبل أن يلمح وجه ابنه بعد أسره، وتارة نرى أمه غارقة بدموعها وتحمل صورة ابنها، لتقول بالعبرية: حياتي لم تعد حياة.

 

أرفقت القسام الفيديو بأغنية للمطرب “الشعبي الإسرائيلي” زوهر آرجوف، بعنوان: “أوه.. يا أمي”. من يقوم بترجمة كلمات الأغنية العبرية، يدرك جيدا أنه اختيار موسيقي منطقي، “فالمكتوب مبين من عنوانه”، أغنية تحكي عن الأم، ورسالة القسام أيضاً، كانت تركز على أم شاؤول التي تنتظر أن تكترث حكومتها بابنها لاستعادته من الاسر، أم يائسة لا تعرف لمن تشكي همها في ظل عدم اكتراث “بلادها”.

 

كلمات الأغنية التي بثتها القسام بفيديو تهنئة شاؤول تقول بما معناه:

ثقل كبير على كتفها، هكذا يمر عام آخر، الله يحفظها..

 

كيف، كيف سأشكرك، لن أعرف

كنت وحدك يا أمي

أم محبة ولطيفة..

كان زوهر آرجوف من بين أوائل المغنين الإسرائيليين بالاسلوب الشرقي الذين حققوا نجاحات تجارية على مستوى دولة الاحتلال، ويعتقد البعض أن الشعبية الكبيرة لأرجوف، مغني اللون الشرقي المعاصر، كانت استجابة لشعور واسع النطاق بين اليهود الشرقيين في الكيان بتعرضهم للتمييز من قبل الأغلبيـة الإشكنازية.

في ساعات الصباح الباكر من يوم 23 يوليو 1987، دخل أرغوف وشقيقه ورجل آخر إلى محطة “نجمة داود الحمراء” وطلبوا المخدرات. بعد ذلك بوقت قصير ألقي القبض على أرغوف للاشتباه في قيامه بسرقة محفظة طبيب في المنطقة ولكن أُفرج عنه بعد أن تقرر أنه لا علاقة له بالسرقة.

 

 

 

أثناء إطلاق سراحه من مركز الشرطة سرق أرغوف مسدسًا كان ملقى على مكتب. بعد مطاردة مكثفة تم القبض عليه مع المسدس بحوزته وإدانته وحكم عليه بالسجن لمدة شهر واحد وتم تمديده إلى ستة أشهر عند الاستئناف.

 

 

قبل ثلاثة أسابيع من موعد إطلاق سراحه، مُنح أرجوف إجازة للسماح له بالعودة إلى منزله. لاحقا قدمت صديقته غاباي شكوى للشرطة زعمت فيها أن أرغوف حاول الاعتداء عليها. ولدى عودته إلى السجن اعتقل أرغوف واقتيد إلى مركز للشرطة في “ريشون لتسيون” لاستجوابه.

 

 

في 6 نوفمبر 1987، توفي أرغوف في زنزانته فيما يبدو أنه انتحر شنقًا. كان يبلغ من العمر 32 عامًا. عثر عليه ميتًا في الساعة 4:00 صباحًا معلقًا من شرائط ممزقة من بطانية ملفوفة حول رقبته. توصل كبير المشرفين أهارون تال الذي تم تعيينه للتحقيق في وفاة أرغوف إلى أن أرغوف لم ينتحر عمداً بل أراد أن يجعل الأمر يبدو كما لو كان يحاول الانتحار للحصول على تنازلات من الحراس. وكان قد توفي بعد أن شددت الشرائط حول رقبته ولم يتمكن من إنقاذ نفسه بسبب آثار المخدرات التي تناولها.