مرايا –
في قلب المحفل الاقتصادي العالمي، حيث تجتمع رؤوس الأموال وتتقاطع مصالح الشركات العابرة للقارات، اختار الأردن أن يكون حاضراً بقوة.
جاءت زيارة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، إلى الرياض، للمشاركة في النسخة التاسعة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار»، لترسل رسائل متعددة الطبقات، محكمة الصياغة، تضع الأردن على خارطة الاقتصاد العالمي المستقبلي، معززةً تحالفاته الإقليمية والدولية.
ومثلت مشاركة سمو ولي العهد في المؤتمر، مندوباً عن جلالة الملك عبد الله الثاني، إشارة دبلوماسية بالغة الأهمية تُبرز أولوية الملف الاقتصادي في السياسة الأردنية. وقد نجحت الرسائل الإعلامية في تجسيد هذه الأولوية.
استثمرت الزيارة حشد القادة والمسؤولين في المؤتمر لتعزيز الدبلوماسية الأردنية الثنائية، بعمل سياسي اتسمت به اللقاءات بسمات واضحة:
== التوازن الجغرافي: شملت اللقاءات شركاء أوروبيين (بلغاريا)، ودولاً صديقة من البلقان (كوسوفو)، وشقيقاً عربياً مجاوراً (البحرين).
هذا التنوع يعكس الرؤية المتوازنة للدبلوماسية الأردنية التي تسعى لتعزيز وجودها في مختلف الساحات.
== شمولية مجالات التعاون: اتفقت جميع اللقاءات على بحث سبل التعاون «في مختلف المجالات»، مما يشير إلى رغبة أردنية في تحويل العلاقات الثنائية من إطارها السياسي التقليدي إلى شراكات اقتصادية وثقافية شاملة.
== الجمع بين الثنائي والإقليمي: في لقاء رئيسة كوسوفو، لم يقتصر الحديث على العلاقات الثنائية، بل تخطاها إلى قضية إقليمية ملحة وهي غزة، حيث أكد سموه ضرورة وقف الحرب وإدخال المساعدات.
هذه النقطة تذكر العالم بأن الأردن، رغم انشغاله بملف التنمية الداخلية، يظل حارساً للقضايا العربية العادلة ومحوراً فاعلاً في الدعوة إلى السلام والاستقرار.
في السياق، فإن الرسالة الكبرى هي أن الأردن دولة مستقرة وشريك عالمي لا غنى عنه. وإن جمع هذه الخيوط معاً يبرز الرسالة الإعلامية الشاملة للزيارة: الأردن ليس مجرد دولة تسعى للاستثمار، بل هو شريك إقليمي ذو قيمة مضافة.
إنه يجسّد نموذجاً فريداً يجمع بين الاستقرار السياسي في بيئة إقليمية متقلبة، والرؤية الاقتصادية الطموحة القائمة على المعرفة والابتكار، والدور السياسي المعتدل والفاعل.
زيارة سمو ولي العهد إلى الرياض كانت فصلاً من فصول استراتيجية أردنية طويلة النَفَس، تهدف إلى إعادة تعريف دور المملكة في المشهدين الإقليمي والدولي، من بوابة الاقتصاد والشراكة الفاعلة.