مرايا –

من المرتقب، أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة المقبلة، على مشروع قرار حول حصول فلسطين على العضوية الكاملة في هذه المنظمة الدولية، كما سيوصي مجلس الأمن بـ”إعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي”.

ويحتاج طلب الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لموافقة مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا ثم الجمعية العامة، وهو ما كاد يحصل الشهر الماضي، لولا أن الولايات المتحدة الاميركية عرقلته باستخدامها لحق النقض (الفيتو)، بحيث صوتت 12 دولة من أعضاء المجلس لصالح قرار عربي، يطالب بمنح فلسطين العضوية الكاملة، بينما امتنعت سويسرا وبريطانيا عن التصويت. 

 

وبحسب وسائل إعلام عبرية، “تحتاج فلسطين في تصويت الجمعية العامة أغلبية الثلثين”، لافتة إلى أنه “أمر ممكن، وعندها لن يكون للفيتو الأميركي أي جدوى.. ففي حال صدور قرار فردي من الجمعية لصالح فلسطين، فسيكون بحكم الأمر الواقع لها مكانة الدولة، وتتمتع بحقوق العضوية الكاملة”. 

ووفق وكالة “رويترز”، يقول دبلوماسيون إن الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا من المرجح أن تدعم المسعى الفلسطيني. لكن ما يزال من الممكن إدخال تغييرات على مسودة مشروع القرار، بعد أن أثار دبلوماسيون مخاوف بشأن النص الحالي الذي يمنح حقوقا وامتيازات إضافية للفلسطينيين إلى جانب العضوية الكاملة.

وحصلت فلسطين على وضع دولة غير عضو، لها صفة مراقب في الأمم المتحدة بعد قرار اعتمدته الجمعية بأغلبية كبيرة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، فيما تقدمت أول مرة للحصول على العضوية الكاملة في عام 2011، لكن طلبها لم يحظ آنذاك بالدعم اللازم، كي ينتقل لمرحلة التصويت في مجلس الأمن. 

وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة اليرموك د. محمد خير الجروان في حديث صحفي، إن حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، يعني ضمنيا أنها ستصبح دولة كاملة السيادة، تتمتع بكافة الحقوق والالتزامات، وستصبح على قدم المساواة مع الدول الأخرى، وتتمتع بشخصيتها القانونية المستقلة وجميع حقوقها خاصة حق تقرير المصير”.

وأضاف أن “ذلك الأمر يفرض على الكيان إنهاء الاحتلال، وتطبيق كافة قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالانسحاب من كافة الأراضي المحتلة وفقا لقرار 242 عام 1967، ويتبع ذلك قدرة الدولة الفلسطينية على اللجوء إلى مجلس الأمن، والمحاكم الدولية كمحكمة العدل الدولية لمحاسبتها أو منعها من ارتكاب أي جرائم، أو تجاوزات بوصفها عدوانا على دولة وليس عدوانا على مناطق محتلة”.

ووفق الجروان، فإن “ما سبق وغيره هو سبب رفض كل من الكيان والولايات المتحدة، منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، أو القبول بأي حل أحادي الجانب للقضية الفلسطينية خارج سياق المفاوضات المباشرة بين الطرفين”.

من جهته، يرى الخبير الإستراتيجي د. عامر السبايلة، أن “فكرة حصول فلسطين على العضوية الكاملة مهمة، لكن الآن نحن بحاجة إلى تعريف شكل هذه الدولة وهذا أمر مهم أيضا”. 

وأضاف السبايلة، أن “الولايات المتحدة، ستبقى تستخدم حق الفيتو إلى أن تنضج صفقة سياسية إقليمية، فبالنسبة لها تشكل الدولة الفلسطينية معضلة بأن مناخ السلام الإقليمي لم يكتمل، وترى أنه لا يأتي إلا بالتوافق مع الكيان وليس بالصدام معها”. 

أما أستاذ العلوم السياسية د. بدر عارف الحديد، فيقول: إن رفض الولايات المتحدة لعضوية فلسطين كاملة، لا يمكن عزله عن الموقف الأميركي حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بمفهومه العام، مشيرا إلى أن “الانحياز الأميركي أعمى لصالح الكيان المحتل على الأصعدة كافة”.

ذلك الأمر من وجهة نظر الحديد، يؤكد أن “الخطاب الأميركي بشأن السلام الدائم وطروحات حل الدولتين، هو خطاب غير جاد ولا يعكس حقيقية سياسات واشنطن ورؤيتها لحل الصراع كونها تتماهى إلى حد كبير مع ما يريده أو يخطط له الكيان الصهيوني”.

وفي هذه الفترة تحديدا تزامنا مع الحرب الهمجية في غزة، يرى الحديد أن “دولة الاحتلال معنية أكثر من أي وقت مضى بتصعيد سياساتها الإقصائية والهمجية ضد الفلسطينيين بكل الأشكال والوسائل حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والدولة”، مشددا على “أهمية الموقف الدولي الداعم لإقامة الدولة الفلسطينية، لا سيما مع اعتراف 137 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، بدولة فلسطين حتى اليوم”.

وأضاف أنه “في حال حصول فلسطين على العضوية الكاملة، فإن ذلك يعتبر صفعة موجعة للاحتلال، وتأكيد بأن لا حل ممكنا للوصول إلى حالة من الأمن والاستقرار في المنطقة سوى بالحلول السلمية، لا الحلول العسكرية الهمجية التي تنتهجها الكيان”.

وقبل يومين، ندد سفير الكيان لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بمشروع القرار الحالي للجمعية العامة، قائلا إنه “سيعطي الفلسطينيين وضعا فعليا وحقوق دولة وإنه يتعارض مع ميثاق تأسيس الأمم المتحدة”.

وأضاف إردان “إذا تمت الموافقة عليه، أتوقع أن تتوقف الولايات المتحدة تماما عن تمويل الأمم المتحدة ومؤسساتها، وفقا للقانون الأميركي”، مشيرا إلى أن “اعتماد الجمعية العامة لمشروع القرار لن يغير شيئا على أرض الواقع”.

وبموجب القانون الأميركي، لا يمكن لواشنطن تمويل أي منظمة تابعة للأمم المتحدة تمنح العضوية الكاملة لأي مجموعة لا تتمتع “بالخصائص المعترف بها دوليا” للدولة، حيث أوقفت الولايات المتحدة تمويلها في عام 2011 لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بعد منح الفلسطينيين العضوية الكاملة.

ونقلت “رويترز” عن المتحدث باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيت إيفانز قوله، “تظل وجهة النظر الأميركية هي أن الطريق نحو إقامة دولة للشعب الفلسطيني يمر عبر المفاوضات المباشرة”.

وأضاف، “نحن على علم بمشروع القرار ونؤكد على مخاوفنا بشأن أي جهد لتقديم مزايا معينة لكيانات بينما هناك أسئلة لم يتم الإجابة عليها حول ما إذا كان الفلسطينيون يستوفون حاليا المعايير المنصوص عليها في الميثاق”.