مرايا –

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 2/2/2023

في الأسابيع الأخيرة، احتج عشرات الآلاف من الإسرائيليين على حكومة نتنياهو التي يقول المعارضون إنها تهدد الديمقراطية والحريات. وشهدت هذه الاحتجاجات انقلاب رجال الأعمال والاقتصاديين على بنيامين نتنياهو.
* * *
القدس – على الرغم من الحروب وعدم الاستقرار السياسي والاضطرابات المالية العالمية، حقق الاقتصاد الإسرائيلي نجاحًا مطردًا. وباستثناء وقفة سريعة في العام 2020، نما هذا الاقتصاد بمعدل بلغ 4 في المائة تقريبًا سنويًا منذ العام 1996. وكان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأطول خدمة في البلاد، مسؤولاً عن الكثير من هذا النجاح. وهو يحب أن ينسب لنفسه الفضل في هذه الطفرة. وقد سمح له رؤساء الأعمال في إسرائيل بأن يفعل.
ولكن، ليس بعد الآن. فقد أثارت خطط حكومته الجديدة لإصلاح النظام القانوني في إسرائيل، وتقويض استقلالية المحكمة العليا والحد من سلطتها في محاسبة السلطة التنفيذية، غضب خصومه المتوقعين، بما في ذلك خصومه السياسيون والقضاء. والآن يتدخل الاقتصاديون وقادة الأعمال في البلاد ليشاركوا في الاحتجاجات أيضا، محذرين من أنه قد يعرض ازدهار البلاد للخطر.
في رسالة مفتوحة إلى نتنياهو، أخبره اثنان من محافظي البنك المركزي السابقين بأنه من خلال إضعاف استقلالية المحكمة، فإنه يخاطر بجعل إسرائيل أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب، مما يؤدي إلى انخفاض تصنيفاتها الائتمانية. وقالا: “هناك ارتباط بين العمليات التي تبدو غير مترابطة، مثل قدرة القضاء على مراجعة أعمال الحكومة، والثقة في الاقتصاد، مما يؤثر على الأداء الاقتصادي”. وحذرا من أن مقترحات رئيس الوزراء قد تضر بالاقتصاد الإسرائيلي. وقد تردد صدى تحذيراتهما في رسالة أخرى وقعها 370 اقتصاديا إسرائيليا.
وقام بإرسال رسائل مماثلة قادة الأعمال والمستثمرين في قطاع التكنولوجيا، الذي شكلت صناعاته في العام 2021 نحو 54 في المائة من صادرات إسرائيل من السلع والخدمات. وفي 24 كانون الثاني (يناير)، نظم حوالي 1.000 عامل تقني في شركات مختلفة في عدد من البلدات أول إضراب لهم على الإطلاق احتجاجا على مقترحات الحكومة. وساروا وهم يحملون لافتات كتب عليها “لا ديمقراطية – لا تكنولوجيا عالية”.
وذهب بعض رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إلى أبعد من ذلك، فأعلنوا أنهم يقومون بتحويل أموالهم إلى الخارج. وبالنسبة لصناعة كافحت لعقود من أجل جلب الاستثمار الأجنبي إلى إسرائيل وتفخر بإبقاء مراكزها البحثية هناك، حتى عندما قامت شركات أجنبية بشراء الشركات الناشئة، فإن هذا السلوك هو أمر غير مسبوق.
تقول فيونا دارمون، وهي رأسمالية مغامرة في القدس: “ينظر المستثمرون والشركات الناشئة إلى قطاع التكنولوجيا العالية الإسرائيلي على أنه نموذج يحتذى به في المهنية. ويشكل النظام القانوني المحترف والمستقل حجر أساس لذلك.”
ولا تُقتصر مخاوف التقنيين على الأمور المالية فقط. إنها تعكس الانقسامات الأيديولوجية والاجتماعية داخل إسرائيل التي تقف وراء الاحتجاجات ضد الحكومة. في أغلبهم ينحدر العاملون في قطاع التكنولوجيا بأغلبية ساحقة من الطبقة الوسطى في إسرائيل، التي هي في الأساس علمانية. ويميل مؤيدو تحالف نتنياهو إلى أن يكونوا أكثر تديناً وانتماء إلى الطبقة العاملة.
لا تحاول الحكومة إضعاف المحكمة العليا ذات الميول الليبرالية فقط. إنها تريد أيضًا زيادة التمويل للمفكرين الحاخامين مدى الحياة، وللمدارس الدينية التي ترفض تدريس مواد مثل الرياضيات واللغة الإنجليزية. وفي الوقت نفسه، تقترح الحكومة تقليص المشاريع التي يحبها الإسرائيليون العلمانيون، مثل هيئة الإذاعة العامة. ويقول أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا: “يبدو الأمر وكأن حكومة تحاول أن تفعل كل ما في وسعها لإساءة معاملة وهزيمة الإسرائيليين الذين يعملون ويدفعون معظم الضرائب”.
حتى الآن لا يظهر نتنياهو أي مؤشر على التخلي عن خططه. فاستقرار حكومته يعتمد على دعم شركائه السياسيين اليمينيين المتطرفين. وفي الأثناء، لدى رئيس الوزراء، الذي يواجه تهمًا بالرشوة والاحتيال (وهي مزاعم ينفيها بشدة)، أسبابه الخاصة لمعارضة المؤسسة القانونية لإسرائيل.
لكن الاتهامات الأخيرة -بأنه يعرض للخطر النجاح الاقتصادي لإسرائيل- أصبحت تشغله الآن. في الأسابيع الأخيرة تصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وقتلت قوات الأمن الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين هناك. وفي 27 كانون الثاني قتل فلسطيني مسلح سبعة إسرائيليين في القدس. ولكن، على الرغم من هذه الفظائع، كثّف نتنياهو حملته على وسائل التواصل الاجتماعي للتركيز على الاقتصاد.
مرة أخرى، أخبر نتنياهو قادة الأعمال في تل أبيب أن سياساته كانت مصدر النجاح الاقتصادي لإسرائيل وضمانة للنمو في المستقبل. وقال أن خصومه السياسيين يديرون “حملة تخويف” لردع المستثمرين. وأصر على أن آلاف المستثمرين كانوا يبتعدون عن إسرائيل بسبب “التدخل القانوني”، وأنه تم تصميم إصلاحاته فقط للمساعدة في تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي.
حتى الآن، ثمة القليل من الدلائل على أن الاقتصاد الإسرائيلي ينهار. فقد نما بنسبة تزيد عن 6 في المائة في العام 2022. ويبقى أن نرى ما إذا كانت خطط نتنياهو ستبطئه.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Israel’s government is facing anger from new and unexpected quarters