مرايا –

فيما لم يشهد مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في نسخته الثانية، حوارا بين السعودية وايران، إلا أن مساعد وزير الخارجية الإيراني علي رضا عنايتي، أكد أن بلاده أبدت ارتياحها من مثل هذه الحوارات، لأنه سيد الموقف.
ويرى مراقبون، أن تصريحات المسؤول الإيراني، على هامش المؤتمر، تعكس استدارة في موقف بلاده حول التعاون والشراكة مع العراق، وعدم فرض نفوذ تضر بمصالح العراق ويعرقل استقلالية قراره، في ظل توافق المشاركين في المؤتمر على رفض أي تدخلات خارجية في شؤون العراق.

السفير السابق أحمد مبيضين، قال تعقيبا على هذا الأمر، إنه لم يكن ممكنا إغفال مستوى التمثيل اللافت على المستوى القيادي لمعظم الدول المشاركة في المؤتمر، وهو ما يقدم تصورا حول أهمية العراق، والرغبة بعودته كعنصر للتوازن الإقليمي.

وأضاف، أن أهمية التمثيل في المؤتمر، تكمن في اعتباره دليلًا على عودة العراق لممارسة دوره التقليدي الذي افتقده طويلًا، بخاصة أن تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني، تعد استدارة للتعاطي مع الملف العراقي بنظرة مختلفة، تدعم استقلالية قراره، وتعزز مكانته كقوة إقليمية تقدر أن تلعب دورا بارزا في المتغيرات الإقليمية ولم الشمل وإقامة الحوار.

وأشار مبيضين، الى أهمية الحوار بين الرياض وطهران؛ إذ سبق وقام العراق بجولات من الحوار بين الجانبين كانت مثمرة، فيما لم يشهد المؤتمر أي لقاء أو حوار على هذا المستوى بينهم.

ومن جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، أن إيران، وعن طريق مشاركتها في المؤتمر، حاولت إرسال رسائل عدة لدور الجوار، أهمها أنه لا يوجد لديها أي تحفظات من الوجود الأردني ومشروع الشام الجديد مع الجانب العراقي.

وأضاف “أن طهران أشارت الى أن الحضور العربي في العراق، وعلى رأسه الأردن ومصر، يؤدي إلى تنمية العراق”، موضحا أنه رغم هذه المعطيات، فإن مؤتمر بغداد كان خطوة لافتة على الصعيد الدبلوماسي، ربما سيثمر عن نتائج إيجابية في ظل الشراكات الخارجية التي تمثل جزءا كبيرا من الدعم لبغداد، وسط متغيرات معقدة عديدة تواجه العراق.

وقال الحجاحجة، إن كثيراً من الدول المشاركة في المؤتمر، أثارت مسألة التدخل الخارجي في الشأن العراقي، وهذا ليس مقصوداً به فرنسا، لافتا إلى أنه على إيران احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتوقف عن التدخل في شؤون دول الجوار.

وأضاف أن طهران تدرك جيدا أن تحقيق نتائج إيجابية في الحوار مع الرياض، يشكل أرضية متينة لإعادة العلاقة الإيرانية مع المجتمع الدولي والعواصم الإقليمية، ويسمح باستخدامها ورقة قوة على طاولة التفاوض مع “السداسية الدولية”، وخصوصاً واشنطن حول الملف النووي.

وفي هذا السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور هاني السرحان، أن طهران تسعى الى تحقيق خرق على خط العلاقة مع الدول الخليجية، والانتقال بالحوار مع السعودية إلى مرحلة تطبيع العلاقة وإعادتها لسابق عهدها، والرهان على عقد جولة سادسة تضع نقطة الختام لجلسات الحوار الخمس التي استضافها العراق بين الطرفين.

ولفت إلى أن ملف العلاقات الإقليمية يتصدر حاليا سلم أولويات طهران، وتحديدا العلاقة مع الدول الخليجية بشكل عام، ومع السعودية بخاصة، موضحا أن هذه الأولوية تبرز عبر الاهتمام الذي يوليه وزير خارجيتها أمير عبداللهيان لهذه العلاقة، الذي لا يترك مناسبة أو فرصة إلا ويستغلها لتأكيد ضرورة كسر الجليد، وتهديم جدار عدم الثقة بين طهران وهذه الدول، على العكس من استراتيجية النظام والسلطة التنفيذية التي تضع العلاقة مع الجوار الجنوبي والشمالي من تركيا، مروراً بمنطقة القوقاز ووصولا الى روسيا ومرورا بآسيا الوسطى في مقدمة اهتماماتها، كترجمة واضحة لسياسة الانفتاح على الشرق واعتبارها الآلية التي تسمح للنظام بالالتفاف على العقوبات الدولية وتكريس تحالف استراتيجية جديد على المستوى الدولي مع روسيا والصين.

وأشار الى أن العراق يريد حل أزمة التدخل الخارجي الإيراني والتركي بالحوار، وأن بغداد تسعى في هذا الاتجاه، مضيفاً أن هناك مشكلات فعلاً، لكن هناك أولوية للعمل المشترك.