مرايا – فيما تمضي دولة الاحتلال في تدنيسها واعتداءاتها على الحرم القدسي الشريف, والتنكيل بالمصلين وترويعهم وإطلاق الرصاص والقنابل الدخانية داخل المسجد الأقصى المبارك والمسجد القِبلي والعبث بمحتوياتهما, في محاولات متواصلة لتغيير الوضع التاريخي القائم.. غير آبهة بعواقب هذه التصرفات المتعارضة مع القانون الدولي والاتفاقات والبروتوكولات التي وقعت عليها، فإن الوقت قد حان لقادة دولة الاحتلال أن يعيدوا قراءة المشهد الراهن وأن يسألوا أنفسهم عن الزاوية الحرجة التي يأخذون المنطقة دولها والشعوب اليها، وعمّا إذا كانت «الحرب الدينية» التي يسعون إلى إشعالها, سيكون بمقدورهم «تقدير حجم الدماء التي ستسفك فيها والخراب الذي سينتج عنها؟ وعمّا إذا كانت هي «البديل» لالتزامهم الذي بات اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لوضعه موضع التنفيذ, وهو عدم المساس بالوضع التاريخي القائم في كامل مساحة الحرم القدسي الشريف, أو محاولة تغيير هويته عبر فرض الأمر الواقع, الذي يدركون قبل غيرهم أنهم لن ينجحوا في تغييره وأن دونه مخاطر كثيرة يتوجب عليهم ان يحذروا عدم الوقوع في خطيئة كهذه.

إن الأردن الذي تمسّك وسيبقى متمسكاً بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية المسيحية, لن يألو جهداً في حشد الدعم العربي والإسلامي والإقليمي والدولي, من أجل وضع حد لهذه العنجهية الإسرائيلية وهذه الاعتداءات الصارخة والمدانة وغير المقبولة تحت أي ظرف وأي ذريعة أو مزاعم، وهو ما أكده في الوقت ذاته الاجتماع الوزاري العربي الذي استضافته عمّان الخميس الماضي, والذي كان واضحاً وصارماً في تأكيده على الوصاية الهاشمية في حماية المقدسات, وإدانته للاعتداءات الإسرائيلية في الحرم القدسي واحترام الوضع التاريخي القائم, ورفض أي تغيير لهوية الأماكن المقدسة والحفاظ على حقوق المصلين في ممارسة شعائرهم الدينية في شهر رمضان المبارك وفي كل الأوقات.. دونما تدخّل أو إقفال أو منع أو قيود.

والأردن الذي يواصل مساعيه من أجل توحيد الجهود العربية لوقف التصعيد, ويضع كل إمكاناته من أجل دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وبخاصّة في القدس الشريف, يدعو وكما دعا المجلس الوزاري العربي في بيان عمّان, الى دعم التهدئة في فلسطين ووقف الاعتداءات على الحرم القدسي، ما يتطلب وبالضرورة استجابة اسرائيلية فورية وعدم اللجوء الى المماطلة ولعبة شراء الوقت، والرهان على عامل الزمن وفرض الأمر الواقع الذي تدرك اسرائيل انه غير مقبول تحت أي تفسيرات أو تبريرات.

وهي مدعوّة اليوم قبل الغد الى استخلاص دروس التاريخ وعبره، فكل احتلال الى زوال والطريق الى السلام يحتاج الى «طرفين» وليس الى طرف واحد, يتوسل القوة والعنف وسياسة الأمر الواقع للتهرب من إعادة الحقوق الى اصحابها, والسير على طريق إنهاء الصراع عبر الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية وشرعة حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وليس ابداً عبر الشعور بفائض القوة والتنكر للاتفاقات والقرارات الدولية ومواصلة الاستيطان وسياسة الضم الزاحف وتوفير الحماية للمتطرفين اليهود في اقتحاماتهم التي لا تنتهي للمسجد الأقصى، والتنكيل بالمدنيين وإدارة الظهر لنداءات المجتمع الدولي الداعي الى تطبيق حل الدولتين.

الراي