مرايا – مع اقتراب انتهاء الدولة من مشروعها الجديد؛ سياسيا واقتصاديا وإداريا، بدأت صالونات السياسة تشهد تكهنات التغيير والتبديل، والتي ربطت بين مجموعة من التواقيت التي تصب في انتهاء التحضيرات لمشروع الدولة في أيار (مايو) المقبل.
وربما لعبت المصادفة دورا في إعادة ترتيبات مرحلة ما بعد الانتخابات المحلية (بلدية ولامركزية وأمانة عمان) لتقدم وجبة جديدة من التفسيرات لمشهد سياسي مقبل ينتظر البدء فيه في النصف الثاني من العام 2022، والذي يشهد ايضا أفولا لجائحة كورونا وتأثيراتها في الاقتصاد والسياحة والخدمات والحياة العامة.
وأنتجت التعديلات في المنظومة السياسية حتى الآن مسودات لقانوني الانتخاب والأحزاب والتعديلات الدستورية في مسعى لرسم ملامح الحياة السياسية للمرحلة المقبلة، فضلا عن توقعات بتسليم مخرجات لجنة تطوير الأداء الإداري للحكومة، ووضع حلولها وتوصياتها قبيل منتصف ايار (مايو) المقبل.
كما تختتم ورش العمل الاقتصادية التي اقيمت في الديوان الملكي أعمالها وتسليم توصياتها قبيل ايار(مايو) المقبل، والتي تشمل 17 قطاعا.
وثالثة الأثافي تكمن في انتهاء دورة مجلس النواب الثانية، وإقراره للتعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب، ما يشي بتغييرات أو إجراءات قد تأتي في سياقات التغيير والتعديل للحكومة والبرلمان. وفي السياق، يرى خبراء سياسيون وبرلمانيون أن التغييرات قادمة لا محالة، لكن ذلك قد يستغرق وقتا حالما تنضج هذه التغييرات، فضلا عن أن تعديلات قانون الأحزاب تحتاج سنة واحدة لتصويب اوضاع الاحزاب، فيما لم تنضج التجربة الحزبية لتطاول رياحها البرلمان، فضلا عن أن المادة 74 من الدستور التي تشترط رحيل الحكومة التي تحل مجلس النواب لم يمسها اي تعديل في التعديلات الدستورية، ومنحت حصانة لإبقاء المجلس النيابي عند أحلام التغيير والتبديل.
وفي هذا الصدد، يرى البرلماني السابق الدكتور ابراهيم البدور، أن تزامن أحداث عدة من بينها التعديلات الدستورية وقانونا الانتخاب والاحزاب (مشروع الدولة السياسي) قبيل عيد الفطر المقبل، وانتهاء الورش الاقتصادية في الديوان الملكي، ودورة البرلمان الثانية، إضافة إلى أعمال اللجنة الادارية في أيار (مايو) المقبل، مؤشر مهم على قرب التغيير، ذلك ان مشروع الدولة الكامل يحتاج من يحمله، وربما ستكون هناك حكومة جديدة قادرة على التطبيق.
وتابع البدور أن الحكومة الحالية نفت أي نية للتعديل، رغم أن هذا قرار منوط فقط بجلالة الملك، وهو ما يؤشر على قدوم صيف ساخن يحمل في طياته الكثير من التغييرات ورمزية التحول في مسار الدولة بشكل مرن يمكنه ان يهيئ الدولة لمئوية جديدة.
وأضاف أن ما يحدث من سجالات في مجلس النواب، وتغيّب النواب عن حضور الجلسات، يقدم توقعات بحله ويشكل صورة قاتمة عن أداء البرلمان في الوقت الذي تنفتح الدولة على تقديم مشروعها السياسي، لكن يتوقع أن يكمل البرلمان، على الأقل، سنة جديدة من عمره ريثما تنضج تجربة الاحزاب ويتاح لها تصويب اوضاعها، فضلا عن التأخير الحاصل في تشكيل احزاب جديدة قادرة على التواصل مع الناس وإقناعهم بوجودها بعيدا عن فكرة الانتخاب على أساس مناطقي وعشائري.
عموما، فإن مجلس النواب تنتهي مدته في تشرين الثاني من العام 2024، وفكرة تغييره قبل هذا الوقت ربما لا تكون ممكنة في ظل المهل القانونية والدستورية التي رتبتها التعديلات الجديدة وخاصة قانون الأحزاب.
ولفت البدور إلى أن المطلوب أن تحمل الدولة ملفاتها الجديدة معا لترسيخ نهج جديد في إطار الإصلاح السياسي والاداري والاقتصادي.
بيد أن الوزير الأسبق المهندس سعيد المصري يرى أن الاصلاح الاقتصادي يجب أن يسبق كل هذه الملفات، ويهيئ الارضية اللازمة لإنجاح مشاريع الدولة الاخرى سياسيا واداريا.
وقال المصري إننا نشهد في المرحلة الحالية اهتمام جلالة الملك بالاقتصاد، ما يرتب سياسات اقتصادية ثابتة للمرحلة المقبلة أساسها الاستثمار، وهو ما يلزم الخبراء في ورش عمل الديوان اجتراح حلول ناجعة لهذا التوجه.
وتابع: “تحتاج محركات المحاور الأخرى السياسية والادارية لمحور الاقتصاد كمحرك رئيس، فيما يضغط الشارع والمواطن على كافة الملفات خاصة بعد تراجع جائحة كورونا، وفي ظل التداعيات التي تركتها على الاقتصاد والحياة المعيشية والاقتصادية للافراد”.
وبين ان ارادة التغيير موجودة لدى جلالة الملك، وأن الاستمرار بها اصبح امرا واقعا لإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والادارية والمعيشية.
فيما يشير سياسي سابق رفض الكشف عن اسمه أن الاردن يعاني من أزمة إدارة بالمؤسسات، وينبغي إعادة الدفة للإدارة بعد أن أمضى الأردن 100 عام في سبيل تحقيق إنجاز فيها. واضاف أن المطلوب رغبة في التغيير، غير أن الحكومة الحالية غير قادرة على تحقيق اي تطور في اي من هذه الملفات، وهو ما يتطلب تغييرا جذريا.
واشار الى انه لا بد من دخول استثمارات جديدة، فيما تهرب الاستثمارات حاليا من البلد بسبب سوء ادارة المؤسسات المعنية، مشددا على ضرورة عكس السياسة الحالية من خلال حكومة واعية لمتطلبات التغيير في المرحلة المقبلة.
واشار الى ان اي اصلاح بمفهومه الشامل يأخذ وقتا ليقتنع به الناس، وينبغي أن تكون هناك سلطة مجربة قادرة على تنفيذ هذه التغييرات والاصلاحات.
بدوره، قال البرلماني السابق الدكتور عيسى الخشاشنة ان البرلمان الحالي لا يقنع الشارع ولا يلبي طموحه، فيما تجابه الحكومة الحالية بمصدات شديدة نتيجة عدم قدرتها على مجابهة السياسات الاقتصادية وارتفاعات الاسعار، وهي بالتالي لا تتفق مع طروحات الناس وكسب تأييدهم بالتغيير.
واضاف ان التعديل على الواقع الحالي حكوميا امر صعب، نظرا للظروف الحالية ما يستوجب حالة من التغيير والقدرة على ادارة المرحلة المقبلة.
واشار الى ان الازمة ادارية بحتة وتحتاج رئيس وزراء بصلاحيات كبيرة يمكنه ضبط الاوضاع السياسية والاقتصادية ويهيئ للمرحلة المقبلة اذا أردنا إنجاح المشروع السياسي.
ولفت الى ان الازمة الاقتصادية تلقي بظلالها على البلاد وهو ما يحتاج قدرة على الاستفادة من الدروس والنهوض بالبلاد وليس تسيير الأعمال وحسب.
وتوقع الخشاشنة تغييرات في صيف هذا العام، مشددا على ان التغيير يمكنه أن يحقق حالة جديدة صحية وفق الأجندة والبرامج الجديدة.