اوضحت الخطوط الفاصلة بين انتقاد المسلكيات ومهاجمة الغرائز الاساسية

 عمر كلاب

دخلت الحكومة بجرأة وقوة على خط لجم التنمر الذي نعيشه منذ فترة طويلة, لكنه يشهد ارتفاعا في وتيرته بشكل افقي وعامودي هذه الايام,رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة قام بتوجيه رسالة حاسمة تحتاجها اللحظة الاردنية ضد المتنمرين, فمستوى التنمر بات يطغى على العقول ويمنعها من التفكير خارج المألوف, بل ويهدد سلامة وحياة الناس, وينتج اجواء ومناخات من شأنها التحريض عليهم وعلى سلامتهم, ووسمهم بكل ما من شانه ان يستثير بعض الغرائز الاساسية التي لا صلة لها بالدين ولا بموروثنا القيمي والاجتماعي حسب تعبير الدكتور الخصاونة.

الخصاونة بدخوله على خط مجابهة التنمر واستثارة الغرائز الاساسية على حد وصفه, قال بوضوح ان الدولة الاردنية والحكومة تعمل دوما على التصدي لكل من يستهدف زعزعة الاوضاع الاساسية لمجتمعنا وموروثنا القيمي والديني والثقافي, مؤكدا بأن هذا امر لا نقبل به وهو خط احمر نتصدى له.

الرسالة المزدوجة التي وجهها الخصاونة, كشفت عن فهم لما يجري, من حيث ضرورة التمييز بين ضرورة التفكير خارج الصندوق لبناء الدولة الحديثة, التي لا يمكن بناءها دون الاسئلة الحرجة, لمراجعة الموروث والعادات, وبين استثارة مشاعر الناس بغرائزهم الاساسية حسب تعبيره, لكن مخالفة رأي او اعتداء على موروقث لا يمكن ان تتم مواجهتها بهذا السيل الجارف من التنمر والاستقواء , الذي يمكن ان يعرض حياة الناس للخطر, فما زالت ذكرى اغتيال الشهيد ناهض حتر ماثلة بين ظهرانينا.
خطوة الخصاونة بالرسالة الثنائية الابعاد, تؤكد على ضرورة مواجهة ظاهرة التنمر والتحجر الفكري, لكنها بنفس الدرجة من القوة لمواجهة اي محاولة للاعتداء على وجدان الناس الجمعي, فثمة فرق بين ادانة سلوك وممارسة مصاحبة لشعيرة دينية, وهذا حق مشروع, وبين ادانة او الانتقاص من الشعيرة نفسها, فثقافة التسامح والنقاش والحجة بالحجة, آخذة بالتراجع في مجتمعنا, وقد استسهل كثيرون وحى من السياسيين والاكاديميين فكرة الركوب على الغرائز الاساسية وشراء شعبيات باساليب رخيصة.

الخصاونة, بتصريحه الواضح والجريء يكشف مجددا عن عمق الازمة الطاحنة التي تعيشها حواراتنا الداخلية, وتكشف حجم زيف كثير من النخبة الاكاديمية والسياسية والفكرية, ولكنها بارقة يمكن البناء عليها لمواجهة التنمر والعبث الفكري, بقوة القانون, ورغم ان لو لا تُفيد او تفتح باب الشيطان, فلو مارست الحكومات السابقة هذه الممارسة لما خسرنا حياة اردني, ولما خسرنا كثير من العقول هربت خارج الوطن او لاذت بالصمت خشية من هذا التنمر المصحوب بجبن النخبة.

 

 
الانباط