مرايا – لم يخل تقرير سنوي عن حالة حقوق الإنسان في الأردن من المطالبة بإلغاء قانون منع الجرائم و/أو إلغاء صلاحية الحاكم الإداري في التوقيف وحصرها في القضاء، دون أن يجد أي استجابة من الحكومة.

ووفق الأرقام التي أوردها التقرير السنوي الرابع عشر الصادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان، فقد تضاعفت أرقام الموقوفين إداريا مقارنة مع الأعوام السابقة ، ففي حين وصل العدد خلال عام 2017 نحو (34952)، كان العدد عام 2015 (19860) على سبيل المثال.

ويعد القضاء صاحب الصلاحية والاختصاص بإصدار قرار التوقيف، إلا أن السلطة التنفيذية تعمد إلى تحويل بعض الصلاحيات لبعض الجهات ومنها الحكام الإداريون لإصدار قرار التوقيف، فيسمى التوقيف الصادر عنها بالتوقيف الإداري استنادًا إلى قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954 خلافا للتوقيف القضائي الصادر عن السلطة القضائية صاحبة الاختصاص الاصيل.

المركز الوطني لحقوق الإنسان جدد مطالبته بإلغاء قانون منع الجرائم أو أقلها إلغاء صلاحية الحاكم الإداري في التوقيف، في تقريره الرابع عشر، مبررا ذلك بالتعسف باستخدام السلطة، ومخالفته للمعايير الدولية.

وبين المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور موسى بريزات أن الحكومة تتذرع بتطبيق قانون منع الجرائم بتحقيق فوائد وصفها ب»المفترضة»، ومنها تحقيق الراحة العامة، بيد أن نتائج دراسات المركز أظهرت عكس ذلك.

وأضاف ل»الرأي» إنه على الحكومة أن تفكر بأسلوب آخر يحقق السلم الاجتماعي لضبط بعض أنواع الجرائم والسلوك الاجتماعي، لافتا إلى أن دولة مثل الأردن تعمل على إرساء مبادئ حقوق الإنسان لا يجوز لها أن تطبق قانون يخالف المعايير الدولية وضمانات المحاكمة العادلة.

ودعا إلى إصدار عفو عام لمعالجة الاكتظاظ كمحاولة لإصلاح الناس بما في ذلك الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة.

وبين البريزات أن من خلال دراسة أجراها المركز، أظهرت أن التوقيف الإداري لا يشكل ردعا ولا يمنع تكرار الجريمة ولا يؤدي إلى الأمن المجتمعي، وفيه انتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات، ومخالف لحقوق الإنسان ، خصوصا مبدأ أن لا يسجن الشخص إلا من قبل قاض وقرار محكمة مدنية، لافتا أن تطبيقه يزيد من الاكتظاظ والتكلفة المالية على الحكومة.

وتساءل ما دام تطبيق قانون منع الجرائم لم يحقق الهدف منه وهو الردع وحماية السلم الاجتماعي، «لماذا التمسك فيه؟».

وأوضح أن أرقام الأمن العام تفيد أنه خلال 2017 ما بين 600–700 شخص قد تعرضوا للتوقيف الإداري، ما يعني أن التكرار يتراوح ما بين 4-6 مرات بالسنة لشخص الواحد ، إذا علمنا أن مجموع التوقيفات الادارية بالسنة كانت 34952 شخصا.

وبين الدكتور بريزات أن عام 2017 شهد ارتفاعًا بأعداد الموقوفين الإداريين ليصل إلى (34952) شخصاً مقارنةً بِـ (30138) شخصاً عام 2016، فيما (19860) شخصاً عام 2015م، و(20216) شخصاً عام 2014م، و(12766) شخصاً عام 2013م.

وقد تلقى المركز عام 2017، عددًا من الشكاوى والإخباريات المتعلقة بالتوقيف الإداري بلغ (124) شكوى مقابل (102) شكوى عام 2016.

معظم هؤلاء الموقوفين جرى توقيفهم إداريًا بعد تنفيذ فترة العقوبة بحسب ما ذكر المركز بتقريره، وبالاستناد إلى الشكاوى الواردة للمركز خلال الاعوام 2003-2017 م وتحليلها، يتبين أن هناك استمراراً وتجاوزات واضحة في ممارسة الحكام الإداريين للصلاحيات الممنوحة لهم بموجب احكام قانون منع الجرائم لسنة 1954م.

ورصد المركز عام 2017، استمرار الإدارات الأمنية باللجوء إلى قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954م، من خلال التنسيب للحكام الإداريين باتخاذ إجراءات ضبطية بحق بعض الاشخاص من أصحاب السوابق أو المكررين بدواعي الاعتبارات الأمنية وحفظ أمن المجتمع.

وأشار المركز إلى أنه بموجب القيد الأمني يتم محاسبة الشخص بناءً على قيود سجلت بحقه منذ سنوات، حتى وإن كان حدثاً في حينها. وهذا يعّد مخالفة صريحة لأحكام قانون الاحداث.

ومن جانب آخر أجاز قانون أصول المحاكمات الجزائية للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام قطعية -وبعد مضي مدة معينة حسب نوع الجريمة- أن يتقدموا بطلب رد اعتبار على أساس تبييض سجلهم الجرمي.

وإزاء ذلك لفت المركز إلى أنه أصبح مطلوبًا من وزارة العدل أن تقوم بإنشاء سجل عدلي لديها مبني على أحكام قضائية مبرمة بدلاً من الاعتماد على السوابق لدى الجهات الأمنية؛ من أجل التنفيذ السليم لأحكام القانون وبما يحقق المساواة والعدالة بين الجميع.

ووفق ما جاء بالتقرير فإنه مايزال المركز الوطني يسجل تعّدي قرارات التوقيف الاداري على القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم المختصة بالحكم بالبراءة وعدم المسؤولية، إذ أن كثيراً ما يتم إعادة من صدرت بحقهم هذه الأحكام إلى مركز الإصلاح والتأهيل بناءً على مذكرات توقيف إدارية.

إذ ماتزال قرارات الحكام الإداريين بعد انتهاء الإجراءات القضائية بموجب نظام «الإعادة» المتبع وفي بعض الحالات دون وجود واقعة أو وجود واقعة غير معاقب عليها قانونًا تمارس بحق الاشخاص أصحاب «القيود الأمنية» علاوة على مخالفتها واهدارها لمبدأ عدم جواز ملاحقة الشخص عن الفعل أكثر من مرة.

وتركزت أكثر الشكاوى والانتهاكات التي رصدها المركز خلال العام 2017 في مجالات رئيسية ستة كان من بينها التوقيف الإداري بموجب قانون منع الجرائم رقم (7) لعام 1954م.الراي – سمر حدادين