مرايا – أصدر تجمع المؤسسات الحقوقية تقريرا خاصاً يرصد من خلاله استهداف الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين خلال مسيرات العودة وكسر الحصار في الفترة ما بين 30 مارس/آذار وحتى 19 مايو/أيار 2018م، يؤكد استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة المفرطة تجاه عشرات الآلاف من المدنيين الذين على طول السلك الفاصل مع قطاع غزة؛ دون أن يُشكل تواجدهم أي تهديد لحياة جنود الاحتلال، الأمر الذي نتج عنه وقوع ضحايا وإصابات قُدّرت أعدادهم وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية بنحو (112) شهيد، من بينهم (13) طفلاً، وامرأةً واحدة. بينما بلغ عدد الإصابات (13190)، منهم (3360) إصابة بالرصاص الحي بنسبة ما نسبته (51%) من إجمالي الإصابات.

وقال التجمع: نتيجة لاستخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، فقد شكّلت الإصابات بالرصاص الحي والتي بلغ (3360) إصابة، فيما بلغ مجموع الإصابات بالرصاص المغلف بالمطاط (420) إصابة، بينما وصل عدد الإصابات بالاختناق من قنابل الغاز التي أطلقتها قوات الاحتلال على المتظاهرين بكثافة حوالي (1.317) إصابة، وبلغ عدد الإصابات الأخرى ما بين سقوط وشظايا وحروق (1744) إصابة، من المجموع الكلي للإصابات. وتسببت استخدام قوات الاحتلال للأسلحة المحرمة دولياً كالرصاص المتفجر في إعاقة دائمة لـ 32 مصاب، تعرضوا لعمليات بتر في أطرافهم، منهم (27) حالة تم البتر في أطرافهم السفلية.

وذكر التجمع أن استهداف الأطفال الفلسطينيين بالأعيرة الحية وقنابل الغاز من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي قد بَدِا واضحاً خلال مسيرات العودة وكسر الحصار، حيث تم استهداف العشرات منهم بالرغم من تواجدهم على بعد أكثر من 700 متر من السلك الفاصل، وهو ما يؤكد تعمد جيش الاحتلال استهداف الأطفال من خلال القنص المباشر. مؤكداً أن أحداث مسيرة العودة وكسر الحصار قد شَهدت ارتفاعاً في وتيرة استهداف الأطفال بشكل مباشر وغير مباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، فوصل عدد القتلى من الأطفال خلال مسيرات العودة (13) طفلاً، فيما بلغ عدد الإصابات في صفوف الأطفال (2096) طفلاً من إجمالي المصابين دون الـ 18 عام.

وقال التجمع في تقريره أن استهداف الأطفال لم يكن استثناءً في ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ فقد سبق لها أن قتلت خلال عدوانها على غزة عام 2014 حوالي 530 طفل بحسب إحصائيات دولية منها تقرير “ماري ديفيس” لتقصي الحقائق حول أحداث غزة عام 2014. الأمر الذي تبدو معه تظهر وحشيّة قوات الاحتلال الإسرائيلي، وعدم مراعاتها للقانون والمواثيق الدولية وخاصة القانون الدولي الإنساني.

وفيما يتعلق باستهداف الصحافيين؛ أكد التجمع إصابة حوالي 140 صحافي خلال تغطيتهم لأحدا ث مسيرة العودة، أصيب 33 منهم بالرصاص الحي والمطاطي، فيما أصيب 105 آخرين بحالات اختناق، مشيراً إلى تقريره الخاص بعنوان “الكاميرا في دائرة الاستهداف”، والذي سلّط الضوء من خلاله على الاستهداف المباشر لطواقم العمل الصحفي والإعلامي في بداية أبريل الماضي.

وأشار التجمع في تقريره إلى أن الصحفيون الفلسطينيون قد شكلوا بكاميراتهم ومّعداتهم حلقة وصل بين الأحداث والرأي العام العالمي الأمر الذي بدا أنه مزعج لقوات الاحتلال، فعمِدت إلى ”إخراس الصحافة”، سيّما وأنهم وثّقوا -بالصوت والصورة- كيف واجه الاحتلال “الكَفّ” الفلسطيني بِـ “الرصاص الحيّ”، وكيف استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي التي عزّزت من تواجدها على طول السلك الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 القوة المفرطة والمميتة بحق المدنيين.

وبحسب التقرير؛ فقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية الطواقم الطبية التي كانت تعمل في الميدان التي تعرض بعضها لعمليات إطلاق نار بشكل مباشر؛ فقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسعف واحد، فما أصابت (22) شخص من الخدمات الطبية والدفاع المدني بالرصاص الحي، و(198) مسعف بقنابل الغاز. كما تعرضت (37) من سيارات الإسعاف والدفاع المدني لتلفٍ جزئيّ خلال عملها في نقل وإسعاف الجرحى خلال مسيرة العودة الكبرى.

وذكر التقرير أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت كل قواعد القانون الدولي حينما استهداف الطواقم والمرافق الطبية التي أكدت المادة 12/1 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جينيف على حمايتها وعدم جواز التعرض لها بأي شكل من الأشكال، حيث نصت على ” يجب في كل وقت عدم انتهك الوحدات الطبية وحمايتها وألا تكون هدفا لأي هجوم”، وإن تعرض المهمات الطبية والعاملين في المجال الطبي لاستهداف قوات الاحتلال يثبت جديتهم في الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني.

وذكر التجمع في ختام تقريره أن شهادات الجرحى إضافة إلى الوقائع على الأرض، بينت أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد تعمدت إطلاق النار على المتظاهرين السلميين بشكل مباشر رغم عدم اقترابهم من السياج الفاصل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بالرغم من السلمية المطلقة التي اتّسم بها المسلك العام للمسيرة.

واختتم التجمع تقريره بالقول: “يدلل سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، على استخدام قوات الاحتلال للقوة المفرطة ضد المواطنين الفلسطينيين، واستهتارها بأرواحهم بقرارات من أعلى المستويات السياسية والأمنية”، مؤكداً ان ما قامت قوات الاحتلال بحق المتظاهرين في مسيرات العودة السلمية يُصنّف ضمن الجرائم دولية التي تستوجب ملاحقة من يقترفها ومن أمر بارتكابها.