مرايا – شؤون سياسية – مع تبقي يومين على الذكرى الـ 42 لـ “يوم الأرض” الموافق 30 مارس/آذار من كل عام، لا تبدو أوضاع الأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل، جيدة، حيث تواصل حكومة تل أبيب مصادرة أراضيهم.

وتستخدم إسرائيل لهذا الغرض قوانيناً تشرعن عملية وضع يدها على أراضي المواطنين العرب، بدأت تسنها من خلال الكنيست (البرلمان)، مباشرة بعد الإعلان عنها كدولة عام 1948، وما زالت هذه العملية مستمرة حتى يومنا هذا.

وتعود جذور يوم الأرض، إلى ما يُعرف إعلاميًّا بـ”نكبة فلسطين”، وتأسيس دولة إسرائيل على أنقاضها، حيث بقي داخل حدود فلسطين التاريخية قرابة 156 ألف فلسطيني، لم تستطع القوات الإسرائيلية إجبارهم على الرحيل كبقية اللاجئين الفلسطينيين، وتم منحهم الجنسية الإسرائيلية.

لكن السلطات الإسرائيلية دأبت على مصادرة أراضيهم، وقراهم، والتضييق عليهم بهدف دفعهم لمغادرة البلاد.

وفي عام 1976 صادرت الحكومة الإسرائيلية مساحات كبيرة من أراضي هؤلاء العرب الأقلية الواقعة في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينية مطلقة، وخاصّة في منطقة الجليل (شمال).

دفع هذا الإجراء الجماهير الفلسطينية إلى إعلان “إضراب شامل”، اعتبره المراقبون بمثابة أول تحدٍ من قبل الأقلية الفلسطينية للسلطات الإسرائيلية منذ تأسيس إسرائيل عام 1948.

وبحسب شهادات فلسطينية، فإن إسرائيل قابلت الإضراب بقسوة وقمع، حيث دخلت قوات كبيرة من الجيش والشرطة في 30 مارس، مدعومة بالدبابات إلى القرى الفلسطينية، الأمر الذي أسفر عن استشهاد 6 أشخاص.

واكتسبت أحداث عام 1976 أهمية كبيرة، كونها الصدام الأول بين الجماهير الفلسطينية “داخل إسرائيل” مع السلطات الإسرائيلية.

** قوانين مصادرة الأراضي

وكالة “الأناضول” رصدت 12 قانوناً استخدمتها إسرائيل لمصادرة الأراضي والممتلكات العربية، أبرزها “قانون أملاك الغائبين” و”قانون شراء الأراضي”.

وتوالى صدور القوانين عن الكنيست، وكان آخرها قانون “كمينتس” عام 2017، فيما تواصل أحزاب إسرائيلية تقديم مشاريع قوانين إلى الكنيست، للإمعان في تلك الممارسات التطهيرية.

المحامية سُهاد بشارة، من المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل “عدالة” (حقوقي غير حكومي)، قالت إن “القوانين كانت الأداة الأساسية لكل عملية سلب للأراضي العربية سواء الحكومية أو الخاصة العائدة للاجئين أو المواطنين العرب في إسرائيل ومن السلطات المحلية العربية”.

وأضافت بشارة للأناضول “بالتالي فإن القوانين التي تم تشريعها منذ العام 1948 كانت الأداة الأساسية لوضع اليد على الأرض، وتقليص مناطق توسع وتطوير القرى العربية وبالمقابل توسيع رقعة المناطق للبلدات اليهودية”.

ويلاحظ من خلال رصد “الأناضول” لقاعدة بيانات ما قال مركز “عدالة” إنها قوانين تمييزية صدرت عن الكنيست منذ العام 1948، أن تعديلات عدة طرأت على تلك القوانين لتبرير مصادرة المزيد من الأراضي أو منع فرصة إعادتها إلى أصحابها الفلسطينيين.

وأفادت بشارة “الجهاز الاستعماري الكولينالي في إسرائيل لم يتغير من ناحية السياسة فيما يتعلق بالمواطنين العرب وأراضيهم، ولذلك فقد جرت تعديلات على قوانين لموائمتها مع هذه السياسة”.

وتابعت “التعديلات على مدار السنوات كانت تتعلق بكيفية تقليص مناطق تطوير نفوذ البلدات العربية وتوسيع مناطق نفوذ البلدات اليهودية”.

وإلى جانب قوانين مصادرة الأراضي والممتلكات، فقد تم سن قوانين لمنع عودة أصحاب هذه الممتلكات إلى أراضيهم وممتلكاتهم بعد العام 1948.

وفضلاً عن ذلك، فقد تم سن قوانين تمنع نقل ملكية الأراضي التي تمت مصادرتها إلى ملكية غير يهودية.

بالمحصلة، يقول مركز “عدالة” إن 93% من أراضي إسرائيل (لا يشمل الأراضي المحتلة عام 1967) هي بملكيّة الدولة والصندوق القومي اليهودي، في الوقت الحالي، أما العرب فيملكون 3 إلى 3.5% من الأراضي فقط.

وأضافت “النقل الجارف للسيطرة على الأراضي داخل حدود الدولة في أراضي الـ 1948 تم بالأساس عن طريق قانونيْن. الأول، قانون شراء الأراضي، والثاني، قانون أملاك الغائبين”.

وترصد “الأناضول” فيما يلي أهم القوانين التي استخدمتها إسرائيل لمصادرة الأراضي والعقارات والممتلكات العربية في إسرائيل:

1- قانون أملاك الغائبين الصادر في العام 1950

يُعرِّف القانون من هُجّر أو نزح أو ترك حدود دولة إسرائيل حتى تشرين ثاني 1947، خاصةً على أثر الحرب، على أنّه “غائب”.

وتعتبر كل أملاكه بما يشمل الأراضي، البيوت وحسابات البنوك وغيرها بأنها بمثابة “أملاك غائبين” تنقل ملكيّتها لدولة إسرائيل، ويديرها وصيّ من قبل الدولة.

وقال مركز “عدالة” بهذا الخصوص “قانون أملاك الغائبين هذا هو الأداة الأساسية لدى إسرائيل للسيطرة على أملاك اللاجئين الفلسطينيين وكذلك أملاك الوقف الإسلامي في الدولة”.

2- قانون “العودة” الصادر في العام 1950

ويمكّن القانون كل يهودي حول العالم، من أن يتلقى الجنسية الإسرائيلية في اللحظة التي يهاجر فيها إلى إسرائيل، ويشمل القانون أبناء وأحفاد اليهود، وأبناء وبنات أبنائهم وأحفادهم أيضًا.

ويعلّق “عدالة” على ذلك القانون “من الواضح أنه لا يوجد أي قانون موازي يضمن حق الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم التي هجروا منها، حتى وإن ولدوا داخل إسرائيل، لأهالي فلسطينيين لاجئين”.

3- قانون الـ”كيرين كايميت” الصادر في العام 1953

الـ”كيرين كاييمت” هي الصندوق القومي اليهودي، وهو صندوق أُقيم في العام 1901 من أجل جمع التبرعات لشراء الأراضي باسم الشعب اليهودي ولأجله فقط.

ويعطي القانون، الصندوق القومي اليهودي، صلاحيات سلطة عامة، ويمنحها امتيازات ماليّة، بما في ذلك تخفيضات في الضرائب لشراء الأراضي.

والأراضي التي يملكها الصندوق معرفة كأراضي “ملك عام” أو “أراضي دولة”.

4- قانون شراء الأراضي (المصادقة على العمليات والتعويضات) الصادر في العام 1953

استندت الحكومات الإسرائيلية بشكل كبير على هذا القانون لمصادرة الأراضي العربية.

وبخصوصه يقول المركز الحقوقي “اعتمادًا على قانون شراء الأراضي صادرت إسرائيل من العرب ما بين 1.2 و1.3 مليون دونم، هذه الأراضي صودرت من 349 قرية وبلدة، بما فيها المناطق المبنيّة في 86 قرية، حيث لم تحدد مساحتها الدقيقة في إعلان المصادرة”.

5- قانون أساس: أراضي إسرائيل الصادر في العام 1960

يقضي القانون بأن أراضي إسرائيل التي تقع تحت ملكيّة سلطة التطوير أو الصندوق القومي اليهودي، لا يمكن نقل ملكيّتها بالبيع أو بأي طريقة أخرى، علماً بأن الصندوق القومي اليهودي يطلب تخصيص الأراضي التي تملكها على اليهود فقط.

6- قانون دائرة أراضي إسرائيل الصادر في العام 1960

أقيمت بموجب هذا القانون “دائرة أراضي إسرائيل”، وبموجبه تعيّن أعضاء مجلس الدائرة، والذي يضع سياسات الأراضي في الدولة، على أن يكون نصف أعضاء المجلس من أعضاء الحكومة، ونصفهم الآخر من الصندوق القومي اليهودي.

ويعتبر مركز “عدالة” أنه وفقاً لذلك القانون “يُعطى لدائرة إسرائيل التي تخدم مصالح اليهود فقط، الصلاحية الأكبر في تحديد سياسات الأراضي في إسرائيل”.

7- قانون التخطيط والبناء – تقييد الكهرباء، الماء والهاتف الصادر في العام 1965

البند 157 (أ) للقانون يمنع شركات البنى التحتيّة (الكهرباء، شركة المياه وشركات الاتصالات) أن تربط مبنى بشبكاتها إذا لم يكن المبنى يملك ترخيص بناء من السلطة المحليّة.

ويُستخدم هذا القانون بالأساس لتضييق الخناق على القرى البدويّة غير المعترف بها وضد البلدات العربية التي تعاني من ضائقة أراضي ومسكن.

8- قانون دائرة أراضي إسرائيل (طرد مقتحمي الأراضي) الصادر في العام 1981

ويستهدف بالأساس البدو العرب في النقب.

9- تعديل رقم 7 (2009) لقانون دائرة أراضي إسرائيل (1960) الصادر عام 2009

يفرض التعديل خصخصة واسعة للأراضي، بما فيها أراضي اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج، ويمكّن من تبادل الأراضي بين الدولة والصندوق القومي اليهودي، وهي أراضي محفوظة بشكلٍ حصري لاستخدام “الشعب اليهودي”؛ ويؤمن تمثيل للصندوق القومي اليهودي في مجلس أراضي إسرائيل، والذي يحدد سياسات الأراضي.

10- تعديل رقم 4 (2010) على قانون سلطة تطوير النقب (1991): المستوطنات الفردية الصادر عام 2010

وحول هذا القانون يوضح مركز “عدالة” أن الدولة تستخدم “المستوطنات الفردية” كأداة لنقل مئات وحتى آلاف الدونمات إلى عائلات يهودية خاصة لاستخداماتها الحصرية.

وأضاف “المستوطنات الفردية أسست كجزء من السياسة الساعية لتحصيل الحد الأقصى من مساحات الأراضي المخصصة لليهود حصرًا”.

ويكمل “اعتبرت هذه المستوطنات في النقب جزءًا من برنامج لـ(الحفاظ على الأراضي) في وجه المطالب التطويرية للعرب في المنطقة”.

ويوجد في النقب حالياً قرابة 60 مستوطنة فردية، تمتدّ على مساحة 81,000 دونما (الدونم ألف متر مربع)، وبعضها يقام أحيانًا من دون تصاريح وخلافًا لقوانين التخطيط”.

وأردف “يخلق التعديل الذي سن في يوليو (تموز) 2010 منظومة قانونية تجيز الاعتراف بجميع هذه المستوطنات الفردية في النقب ويمنح سلطة تطوير النقب الحق في التوصية أمام مديرية أراضي إسرائيل بتخصيص أراضٍ لمستوطنات فردية جديدة”.

وأكمل “في الوقت الذي يوفر فيه التعديل مكانة رسمية للمستوطنات الفردية التي تتمتع بجميع الخدمات الأساسية، فإنّ القرى العربية البدوية غير المعترف بها في النقب لا تحظى بأية مكانة رسمية مما يضطر سكانها الذين يصل عددهم إلى أكثر من 80,00 نسمة، وجميعهم من مواطني إسرائيل، إلى العيش من دون معظم الخدمات الأساسية”.

11- تعديل رقم 3 (2011) على قانون أراضي إسرائيل (1960) الصادر عام 2011

يمنع هذا التعديل أي فرد أو مؤسسة (خاصة أو عامة) من بيع أرض أو إيجار ملك لفترة أطول من خمس سنوات، أو تمرير أو توريث حق الملكية الخاصة في إسرائيل لـ”غرباء”.

وفقًا للقانون، “الغريب” هو كل إنسان ليس مقيمًا في إسرائيل أو مواطنًا فيها، أو ليس يهوديًا صاحب الحق التلقائي بالقدوم إلى إسرائيل بحسب “قانون العودة”.

12- قانون كمينتس (تعديل 109 لقانون التخطيط والبناء 1965) الصادر عام 2017

يوسع القانون الصلاحية الإدارية للدولة في هدم البيوت والعقوبات على مخالفات التخطيط والبناء وهي صلاحيات تمييزية أصلا.