مرايا – شؤون عالمية – بدأت إسرائيل استعدادات لـ«انتفاضة مصغّرة» في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الشهرين المقبلين اللذين يذخران بمناسبات كثيرة «محفّزة» قد تشهد عمليات أو احتجاجات فلسطينية تقع فيها صدامات عنيفة.

ويستعد الجيش الإسرائيلي والمخابرات العامة (الشاباك)، لمواجهة حالة غليان كبيرة في المناطق الفلسطينية المحتلة، خلال الشهرين المقبلين، كونهما «مزدحمين بمناسبات عدة محفزة». وتحدثت مصادر عن احتمال «نشوب انتفاضة شعبية مصغرة»، تقع فيها صدامات عنيفة بشكل خاص.

وعددت هذه المصادر قائمة بالمناسبات التي تحل خلال الشهرين، وأبرزها إحياء ذكرى «يوم الأرض» في 30 مارس (آذار)، وبداية عيد الفصح العبري في اليوم التالي، ثم «يوم الأسير» في 17 أبريل (نيسان)، وتنظم فيه نشاطات تضامنية مع الأسرى في كل بلدة وقرية، وبعدها بيومين تحيي إسرائيل «ذكرى التأسيس» السبعين باحتفالات مطولة، ثم تحيي في 13 مايو (أيار) «احتلال القدس»، وتنظم فيه مسيرات داخل أسوار البلدة القديمة، وفي اليوم التالي يحين الموعد الذي أعلنته وزارة الخارجية الأميركية لتقيم حفل نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس الغربية، بينما سيحيي الفلسطينيون في اليوم نفسه ذكرى النكبة، ثم يأتي حلول شهر رمضان المبارك، وهو أيضاً يشهد عادة فعاليات شعبية فلسطينية ضد الاحتلال.

وعلى هذه الخلفية، من المتوقع أن تكون المنطقة أكثر توتراً من المعتاد، وفقاً للقيادات الأمنية الإسرائيلية. وهي ترصد عدداً كبيراً من الفعاليات الفلسطينية المقررة أو المتوقعة أو الدوافع والمحفزات، مثل تخطيط حركة «حماس» بدءاً من نهاية الشهر، لتنظيم مسيرات جماعية وإقامة مخيمات قرب السياج الحدودي، وعدم حدوث أي اختراق واضح في جهود المصالحة بين السلطة الفلسطينية و«حماس»، انخفاض المعونات الاقتصادية لغزة.

وقال وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس، خلال لقاءات صحافية أن «السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس تتعمد إثارة حرب بين إسرائيل وحماس».

وتقول أوساط عسكرية، إن أحداث الأيام القليلة الماضية في الساحة الفلسطينية (قتل جنديين بعملية الدهس والمظاهرات والمسيرات اليومية في شتى أنحاء الضفة الغربية وارتفاع عدد عمليات قذف الحجارة بنسبة 15 في المائة) حملت «نذر شؤم» تجاه الشهرين المقبلين. وقد تجد إسرائيل نفسها في خضم مواجهة كبرى في الضفة الغربية وغزة. وتضيف: إن التحديات على كل من الساحتين تختلف عن بعضها بعضاً، على رغم ارتباطها على المستوى الاستراتيجي.

وتعتبر إسرائيل عملية الدهس التي وقعت يوم الجمعة شمالي الضفة الغربية (دهس الجنود وقتل اثنين منهم)، حدثاً تأسيسياً، ليس بسبب عواقبه المميتة أو بسبب أي خاصية فريدة، فقد كان هجوماً فردياً كلاسيكياً لا يشارك فيه الشخص أي أحد في خططه، لكن لأنه قد يلهم آخرين، وخصوصاً بسبب توقيت العملية عشية سلسلة من التواريخ المتصلة في الشهرين المقبلين تخلق محفزات مشحونة.

ومن المرجح تعزيز القوات في الضفة الغربية خلال أيام، ثم تعزيز جهود الاستخبارات العملية لمنع الهجمات. وفي هذه الفترة، سيكون التنسيق مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية حاسماً أيضاً، فبوسعها ليس المساعدة فقط في وقف العمليات، بل أيضاً في منع المناسبات الحاشدة التي قد تشعل المنطقة. لكن حتى لو تم اتخاذ جميع الإجراءات، فإن من شأن حادث واحد التهام جميع الأوراق.

وستكون إسرائيل مطالبة ليس فقط بزيادة الاستعداد واليقظة على حدود غزة، وإنما، أيضاً، اتخاذ قرارات أولية لمحاولة إبعاد المواجهة، وتحديد إلى أي مدى ستشدد ردود الفعل على سلسلة الهجمات المستمرة من قطاع غزة. وهذه لعبة حساسة، نتائجها غير واضحة وتعتمد ليس على إسرائيل فحسب، بل على ما يحدث في الساحة الفلسطينية الداخلية. وسيتأثر الوضع في غزة أيضاً بالأحداث في الضفة الغربية.

وسخنت الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة مجدداً في اليومين الأخيرين وسط تحذيرات من تصعيد إضافي قد يجر إلى حرب إسرائيلية رابعة على القطاع منذ العام 2008.

و توعد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بأن «يتم تدمير كل مشروع الأنفاق حتى نهاية العام الجاري»، لكن كتائب القسام اعتبرت العملية «محاولة لتسويق الوهم». وحملت «حماس» إسرائيل «مسؤولية النتائج المترتبة على استمرار التصعيد».

وتطرق رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أمس إلى التطورات الأخيرة على الحدود مع القطاع، فقال إن «سياسة إسرائيل تقضي بالتحرك بصرامة ضد أية محاولة للمساس بنا، وسنواصل تدمير منهجي للبنى التحتية لأنفاق الإرهاب». وأضاف: «حان الوقت بأن يقر المجتمع الدولي بأن أموال الدعم لغزة تُدفن تحت الأرض». وبالمثل قال ليبرمان في بيان: «من اعتقد أنه سينجح في المساس بنا يواجَه بجدار حديدي». وتابع أن «حماس» استثمرت بلايين الدولارات في مشروع الأنفاق، «والآن هذه الأموال تغرق في الرمال. أنصح حماس بأن تستثمر أموال المعونة لمصلحة رفاهية سكان القطاع لأنه حتى نهاية العام سندمر المشروع كله».

وبالرغم من سخونة الحدود، استبعد رئيس هيئة الأمن القومي الاسرائيلية سابقاً اللواء في الاحتياط يعقوف عميدرور أن يتطور التصعيد حرباً، «لأن الجانبين ليسا معنيين بها»، لكن قائد المنطقة الجنوبية في الجيش سابقاً دان هارئيل حذر من أن التصعيد «مسألة وقت».

ودعا في حديث إذاعي إسرائيل إلى عمل ما يخفف من الأزمة الإنسانية في القطاع لا أن ترد عسكرياً فقط على زرع عبوات أو غيرها.

واتفق معه المعلق للشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل الذي كتب أن تدمير الأنفاق قد يدفع «حماس» نحو التصعيد خصوصاً حيال تفاقم مشاكلها الداخلية وتعثر اتفاق المصالحة.

وأضاف أنه من شأن حادث واحد ينتهي بإصابات في الأرواح، أن يدهور الوضع إلى مواجهة عسكرية أوسع.