مرايا –
بمشاركة الأردن، انطلقت مساء أمس الاثنين أعمال المؤتمر الدوليّ رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حلّ الدولتين، في مدينة نيويورك، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا.
ويشارك في المؤتمر، الذي تستمر أعماله حتى 30 تموز الجاري، عدد كبير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية، وهيئات الأمم المتحدة المتخصصة، ومنظمات المجتمع المدني.
وقال نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، إن حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وأضاف الصفدي أن جميع المشاركين في المؤتمر ملتزمون بتحقيق السلام العادل والشامل في الأراضي الفلسطينية، مشددا على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بات ضرورة لا غنى عنها.
وأكد الصفدي أن الفلسطينيين أبدوا استعدادهم للدخول في مفاوضات على أساس حل الدولتين، لكن إسرائيل لا تُبدي أي التزام بذلك، محذرا من استمرار الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تقوّض فرص السلام وتزيد من التوتر.
وأشار إلى أن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة لا يمكن أن تستمر، داعيا إلى تحرك فوري وفاعل لوقف المأساة. وبين أن حل الدولتين هو المسار الوحيد والجميع يعلم أن إسرائيل هي من تعطل الحل.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، أشاد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، بالجهود التي تبذلها الأردن ومصر في تقديم المساعدات الإغاثية لقطاع غزة، مثمناً دعمهما الثابت لحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم.
وقال في الجلسة الرئيسية للمؤتمر إن هذا المؤتمر يحمل وعدا وتعهدا للشعب الفلسطيني بأن «الظلم التاريخي» الذي لحق بهم يجب أن ينتهي وأن ما يحدث في غزة هو «أحدث وأوحش تجلياته، ونحن جميعا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك».
وأضاف مصطفى أن هذا المؤتمر هو رسالة للشعب الفلسطيني بأن العالم «يدعمنا في تحقيق حقوقنا في الحياة والحرية والكرامة وأرضنا، وحقنا في دولتنا ذات السيادة»، وأيضا رسالة للإسرائيليين مفادها أن هناك طريقا للسلام والتكامل الإقليمي.
وتابع: «سيتحقق ذلك من خلال استقلالنا لا دمارنا، ومن خلال تحقيق حقوقنا لا استمرار إنكارها، وأن الفلسطينيين ليس محكوما عليهم بالاحتلال والنفي الأبدي، وأن الفلسطينيين والإسرائيليين ليس محكوما عليهم بحرب أبدية، وأن هناك طريقا آخر، طريقا أفضل يؤدي إلى سلام مشترك وأمن مشترك وازدهار مشترك في منطقتنا، ليس لأحد على حساب الآخر، بل للجميع».
وأكد مصطفى أن حكومته تعمل بالتنسيق مع الدول العربية الشقيقة على وضع خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة، مشدداً على أهمية منع تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه.
وحذر من المساعي الإسرائيلية الرامية إلى ضم الضفة الغربية، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فاعلة للضغط على إسرائيل ووقف تلك السياسات التصعيدية التي تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
كما شدد على ضرورة وقف الحرب فوراً، وإنهاء الإبادة الجماعية والتهجير القسري، والإفراج عن المحتجزين من الجانبين، مؤكداً دعم القيادة الفلسطينية لجهود الوسطاء الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وطالب حركة حماس بإنهاء سيطرتها على قطاع غزة وتسليم الأسلحة إلى السلطة الفلسطينية، بما يضمن وحدة القرار الفلسطيني وسيادة القانون في جميع الأراضي الفلسطينية.
من جانبه، قال وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، إن المؤتمر يشكّل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.
وأشاد بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، وقال إن ذلك خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ويسهم في تهيئة الأجواء الدولية لتحقيق حل الدولتين.
وأكد أن السعودية تؤمن بأن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على أن الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة. وأكد أهمية تضافر الجهود الدولية من خلال هذا المؤتمر لدعم الشعب الفلسطيني في بناء مؤسساته ودعم التسوية السلمية.
وتحدث عن الدعم الفوري والمتواصل المقدم من المملكة العربية السعودية منذ بدء الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية، مشددا على ضرورة الوقف الفوري للكارثة الإنسانية الناجمة عن الحرب والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، ومحاسبة المسؤولين عنها وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إنه سيتم تجميع نتائج اجتماعات الموائد المستديرة لتوحيد الرؤى وتسليط الضوء على ما هو متحقق في المسارات كافة، والتركيز على ما سيُتخذ في المرحلة المقبلة.
وأضاف بارو: «بعد 80 عاما من تأسيس الأمم المتحدة لا يمكننا قبول استهداف المدنيين، النساء والأطفال، عندما يتوجهون إلى مواقع توزيع المساعدات. هذا أمر غير مقبول».
وذكر أن «المشاركة الواسعة في المؤتمر تؤكد الإجماع والحشد من المجتمع الدولي حول نداء وقف الحرب في غزة». وشدد على ضرورة أن يكون المؤتمر نقطة تحول لتطبيق حل الدولتين.
وتابع: «يجب أن نعمل على مسار سبل الانطلاق من إنهاء الحرب في غزة إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تعرّض فيه هذه الحرب أمن واستقرار المنطقة بأسرها للخطر».
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو «الشرط الأساسي» للسلام في الشرق الأوسط الأوسع.
لكن الأمين العام حذّر من أننا «وصلنا إلى نقطة الانهيار» وأن هذا الحل «أبعد من أي وقت مضى».
وشكر غوتيريش السعودية وفرنسا على تنظيمهما للمؤتمر، مشددا على أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني- الذي استمر لأجيال وتحدى الآمال والدبلوماسية والقانون الدولي- لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم. وأكد أن استمرار هذا الصراع ليس حتميا، وأن حله ممكن إذا توفرت إرادة سياسية وقيادة شجاعة.
ودعا الأمين العام إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرا المؤتمر «فرصة نادرة ولا غنى عنها» يجب أن تكون «نقطة تحول حاسمة» تحفز تقدما لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق طموحنا المشترك في حل دولتين تتوفر له مقومات البقاء. وأضاف: «يجب أن نضمن ألا يصبح (المؤتمر) مجرد تمرين آخر في الخطاب حسن النية».
ولاحقا لانطلاق أعمال المؤتمر، عقدت المائدة المستديرة الأولى بعنوان «أسباب حتمية السلام- النهوض بحل الدولتين من خلال السرديات والتدابير والقانون الدولي».
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن المؤتمر يعقد توقيت شديد الخطورة، مشيرا إلى أن مصر كثفت جهودها لإنفاذ المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.
وأضاف، أن مصر جددت عزمها بالتعاون مع الشركاء لتنظيم مؤتمر إعادة إعمار غزة عقب وقف إطلاق النار، ونطمح إلى تحقيق توافق دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ورحب بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر المقبل، واصفًا الخطوة بأنها شجاعة وتعكس تحولًا نوعيًا في المواقف الأوروبية تجاه الحق الفلسطيني.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن تصور إسرائيل بالحصول على التطبيع مع استمرار الاحتلال هو محض وهم.
وعرض أبو الغيط نتائج جهود مجموعات العمل الخاصة بمؤتمر حل الدولتين، حيث قدّم إلى جانب مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المتوسط دوبرافكا شويسا، النتائج النهائية لمجموعة العمل الثامنة في المؤتمر والمعنية بجهود يوم السلام، والتي تترأسها كل من الجامعة العربية والاتحاد الاوروبي.
وأشار أبو الغيط خلال مداخلته إلى الالتزامات والمساهمات البناءة التي تقدمت بها عدة دول ومنظمات دولية وإقليمية ومنظمات المجتمع المدني في إطار جهود يوم السلام، إلى جانب حزمة دعم السلام التي يرعاها الاتحاد الأوروبي، والتي يمكن أن يتم تقديمها للفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة ككل، في حال تنفيذ حل الدولتين وتجسيد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة، مؤكدا أن جوهر هذه الرؤية طُرح منذ 23 عامًا من خلال مبادرة السلام العربية دون أي ردّ من إسرائيل.
وقال ممثل دولة قطر محمد الخليفي، في مداخلته نيابة عن مجموعة العمل رقم 3، إنه منذ الإعلان عن المؤتمر سعت قطر إلى دعمه والمشاركة الفاعلة في العملية التحضيرية، وتحديدا من خلال ترؤسها مع كندا والمكسيك الفريق العامل الثالث المعني بسرديات السلام.
وأشار إلى أن هذه المسألة تعد موضع اهتمام لدى دولة قطر التي تسعى باستمرار إلى تعزيز مفاهيم العدل والسلم وإرساء جذور السلام، من خلال ثقافة الحوار والتعايش السلمي ودعم التنمية والتعليم الهادف ودور الشباب.
وأضاف أن الرؤساء الثلاثة المشاركين في الفريق الثالث (قطر وكندا والمكسيك) على مدى الأسابيع الماضية بذلوا جهودا منسقة للانخراط في عملية تشاورية مع أصحاب المصلحة من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المعنية، ابتداء بوضع ورقة مفاهيم حول موضوع سرديات السلام.
وقال نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز إنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي أكبر عقبة أمام دولة فلسطين.
وترأست تركيا إلى جانب إيرلندا، مجموعة عمل بعنوان «الحفاظ على حل الدولتين»، أقيمت في إطار المؤتمر.
وخلال مشاركته في رئاسة مجموعة العمل، رحب يلماز بالتصريحات الفرنسية حيال الاعتراف بدولة فلسطين، وعبّر عن أمله في أن تحذو دول أخرى حذوها قريبا.
وتابع: «يجب علينا التحرك فورا وبحزم لحماية رؤية حل الدولتين والدفاع عن المبادئ القانونية والإنسانية، وتطبيق آليات المساءلة من خلال تجاوز مجرد التعبير عن القلق».
وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المتوسط دوبرافكا شويسا، إن هناك حاجة لوجود رزمة لدعم السلام على مراحل بتدابير ملموسة ستنفذ بعد الاتفاق على حل قائم على حل الدولتين يتم التفاوض عليه من الأطراف بالاستناد إلى القانون الدولي.
وأضافت أنه يجب تقديم الدعم للسلطة الفلسطينية، وأن الاتحاد الأوروبي هو أكبر مقدم للمساعدات للفلسطينيين.
وقالت وزيرة خارجية كندا أنيتا أناند، إن بلادها تؤمن بأن حل الدولتين هو المسار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين.
وقالت: «ملتزمون بحل الدولتين باعتباره المسار الوحيد لتحقيق السلام ويجب أن تسود الكرامة والاستقرار لجميع الشعوب».
وأكدت وزيرة الدولة الإيرلندية إيمير هيغينز أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مراحل جديدة من اليأس والمجاعة، مؤكدة أن ما يجري «صفعة على جبين الإنسانية».
ودعت لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال وزير خارجية المكسيك خوان رامون دي لا فوينتي إن حل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للتنفيذ في هذه المرحلة، والتي تمثل إحدى أكبر مآسي التاريخ، والتي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية الإسهام في إنهائها.
بدوره، قال وزير خارجية البرازيل ماورو فييرا: «نؤيد الاعتراف بدولة فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة ونرفض الضم وتوسيع المستوطنات وندعو لحماية العاملين الإنسانيين وفرض جزاءات على المستوطنين».
وذكر أن المحنة التي يمر بها الفلسطينيون هي اختبار لالتزام المجتمع الدولي بالقانون الدولي القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، موضحا أنه عندما نواجه بادعاءات ذات مصداقية للإبادة فإن اللجوء للقانون الدولي ليس كافيا، وأنه يجب تنفيذ ذلك بعزم.