مرايا – تسرع إدارة ترامب وصناعة الدفاع الأمريكية الخطى لإنقاذ الصفقات الفعلية القليلة ضمن حزمة أسلحة للسعودية قيمتها 110 مليارات دولار جرى الترويج لها كثيرا مع تنامي المخاوف بشأن دور قيادة المملكة في مقتل الصحفي البارز جمال خاشقجي.

واتخذ الرئيس دونالد ترامب نهجا متحفظا في انتقاده لقادة السعودية فيما يتعلق باختفاء ومقتل خاشقجي المقيم في الولايات المتحدة والكاتب في صحيفة واشنطن بوست مؤكدا أنه لا يرغب في ضياع “صفقة ضخمة” لبيع أسلحة بمبلغ 110 مليارات دولار يقول إنها ستوفر 500 ألف فرصة عمل أمريكية وهو رقم يقول الخبراء إنه مبالغ فيه بشكل كبير.

وأثار مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول في الثاني من أكتوبر تشرين الأول ضجة عالمية وتساؤلات حول الدور المحتمل لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي القوي للسعودية والذي يتحكم في الأجهزة الأمنية بالمملكة.

وتلقي الرياض باللوم على ما وصفته بأنها عملية سارت على نحو خاطئ وقالت إن ولي العهد لم يكن على علم بالواقعة.

ووزعت رابطة الصناعات الجوية على المسؤولين التنفيذيين بشركات الصناعات العسكرية نقاطا معينة للتحدث بشأنها تركز على أهمية مبيعات الأسلحة لحلفاء الولايات المتحدة.

وتأمل الشركات في الحفاظ على الصفقات المبرمة مع السعودية في ظل وجود مواعيد تسليم قريبة في 2019 و2020 تنفيذا لتعهدات قدمت خلال زيارة ترامب في مايو أيار 2017.

وأرسلت رابطة الصناعات الجوية إلى متعاقدين في مجال الصناعات العسكرية “نقاط طوارئ بشأن مبيعات السلاح للسعودية” في الأيام القليلة الماضية وأصدرت تعليمات للمسؤولين التنفيذيين للتشديد على أن وقف مبيعات الأسلحة قد يقلص قدرة الولايات المتحدة على التأثير على الحكومات الأجنبية.

ومن شأن هذه النقاط أن تساعد المسؤولين التنفيذيين في الترويج لآرائهم عندما يتحدثون إلى موظفيهم ومورديهم ووسائل الإعلام والمسؤولين بالحكومة والمسؤولين المنتخبين.

وتقول رسالة رابطة الصناعات الجوية إن مقتل خاشقجي “أثار حوارا مهما عن علاقة الولايات المتحدة مع السعودية” وتسرد إجابتين قصيرتين حول ما إذا كانت الصناعة تواصلت مع الحكومة الأمريكية بشأن خاشقجي ونطاق مبيعات الأسلحة للسعودية العام الماضي وذلك قبل أي إجابة باستفاضة على “سؤال الوظائف”.

لكن الإجابة التي تبلورت في أربع نقاط مهمة لا تذكر الأعداد التي تحدث عنها ترامب أو أي تقديرات أخرى لفرص العمل المحتملة وتتطرق بدلا من ذلك إلى “التأثير الاقتصادي” وتشرح كيف أن مبيعات الأسلحة تعزز العلاقات العسكرية والسياسية.

وتقول الوثيقة “عندما نبيع المنتجات الأمريكية للحلفاء والشركاء نستطيع أن نضمن ألا يتمكن أعداؤنا من أن يحلوا محلنا في علاقاتنا السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية”.

وقالت كيتلين هايدن المتحدثة باسم رابطة الصناعات الجوية إنها لا تستطيع التعليق على تفاصيل الرسالة التي أرسلت إلى أعضائها وأضافت أن الرابطة لا تملي على أعضائها ما يجب أن يقولوه عن أي قضية معينة.

وتضم اللجنة التنفيذية لرابطة الصناعات الجوية الرؤساء التنفيذيين لشركات الصناعات العسكرية الخمس الكبرى وهي لوكهيد مارتن ونورثروب جرومان وبوينج وريثيون وجنرال ديناميكس.

*مخاوف الكونجرس

ثمة الكثير من الأشياء التي تخشى عليها شركات الصناعات العسكرية.

قال السناتور الجمهوري بوب كوركر الذي يستطيع بصفته رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن يعرقل مبيعات الأسلحة للخارج للصحفيين في الكونجرس الأمريكي إن أحد المتعاقدين في مجال الصناعات العسكرية جاء ليزوره في مكتبه وإنه كان قد حذر -حتى قبل مقتل خاشقجي- من أن الوقت لن يكون مناسبا لمحاولة تمرير صفقة عسكرية كبيرة من خلال الكونجرس.

وقال كوركر متحدثا عن مقتل خاشقجي “أعرف أن الكونجرس لن يسمح بذلك. هذا أمر يثير غضب الناس”.

وقال عضو مجلس النواب الأمريكي جيمس مكجفرن إن مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين طرحت مشروع قانون في المجلس يوم الأربعاء من شأنه أن يوقف معظم مبيعات الأسلحة للسعودية ردا على مقتل خاشقجي.

وفي ظل الانتقادات المتزايدة من الكونجرس كثف البيت الأبيض جهوده لإنقاذ حزمة مبيعات الأسلحة للسعودية.

وقال مسؤول أمريكي كبير لرويترز متحدثا شريطة عدم نشر اسمه إن بيتر نافارو، المستشار التجاري لترامب بالبيت الأبيض وواضع سياسة “اشتر المنتج الأمريكي” لتخفيف القيود على مبيعات الأسلحة الخارجية، كان أحد الأصوات البارزة خلال قضية خاشقجي في التوضيح للرئيس على أهمية صفقات الأسلحة السعودية والنتائج المترتبة على الوظائف في الولايات المتحدة.

وخلال اجتماع حول مائدة مستديرة مع المتعاقدين في قاعدة لوك التابعة للقوات الجوية في أريزونا يوم السبت سعى ترامب ومساعدوه إلى تهدئة مخاوف المسؤولين التنفيذيين بشأن مستقبل مبيعات الأسلحة للسعودية وطمأنهم بأن الرئيس سيبذل كل ما في وسعه لتمضي كما هو مخطط لها.

*وظائف ومدفوعات

ليس واضحا كيف توصل ترامب إلى أن الصفقة ستوفر 500 ألف فرصة عمل حيث إن الشركات الخمس الكبرى في مجال الصناعات العسكرية والتي تصنع كل قطعة تقريبا من صفقة مبيعات الأسلحة للسعودية لا يعمل بها سوى 383 ألف شخص.

ومنذ الإعلان عن الحزمة التي تبلغ 110 مليارات دولار للمرة الأولى قبل 18 شهرا بدأت بعض الأموال السعودية تتدفق على الشركات حيث جرى إرسال مبالغ إلى شركة لوكهيد مارتن المسؤولة عن تصنيع فرقاطات للمملكة.

ولكن معظم الصفقات الأخرى مثل منظومة الدفاع الصاروخي ثاد والبالغة تكلفتها 13.5 مليار دولار من لوكهيد تواجه صعوبات نظرا لعدم التوصل إلى اتفاق شراء حاسم.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها بدأت في التعامل مع مبيعات عسكرية للسعودية بقيمة 14.5 مليار دولار منذ زيارة ترامب.

والكثير من الصفقات الباقية إما جرى التفاوض بشأنها بالفعل خلال رئاسة باراك أوباما أو كانت مشروطة بطبيعتها. وقال مسؤولون تنفيذيون بشركات الصناعات العسكرية ومسؤولون بالحكومة تحدثوا شريطة عدم الكشف عن اسمائهم إن السعوديين يريدون الكثير من العتاد العسكري إذا أدت الصفقات إلى توفير فرص عمل جديدة في المملكة في إطار مبادرات رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وطبقا لمسودة أعدت في 2017 بقائمة صفقات حزمة الأسلحة اطلعت عليها رويترز فإنه تم تحديد نحو 95 مليار دولار كمذكرات نوايا أي تعهدات غير ملزمة للشراء.

ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق.

وقال مسؤول سعودي لرويترز إنه حتى قبل اختفاء خاشقجي كان ترامب قد بحث في اتصال هاتفي مع العاهل السعودي أواخر سبتمبر أيلول صفقة نظام الدفاع الصاروخي ثاد. وقال المسؤول إن الصفقة قد تتم بحلول نهاية العام. وكان المسؤول يتحدث قبل أن تعترف السلطات السعودية بمقتل خاشقجي داخل القنصلية ولم يتضح بعد إن كانت القضية ستؤثر على الصفقة.

وقالت شركة لوكهيد هذا الأسبوع إنها لا تعرف متى يمكن التوقيع على اتفاق نهائي.

وينظر إلى السعودية على أنها حجر الزاوية لاستراتيجية إدارة ترامب لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وهي من أكبر المستوردين للسلاح من الولايات المتحدة. وبلغت وارداتها 65 مليار دولار بين عامي 2009 و2016 طبقا لما أورده مكتب المحاسبة الحكومي الذي يراقب الأموال العامة وسيكون وقف الشحنات إلى المملكة أمر لا يمكن تصوره من جانب قطاع الصناعات العسكرية.

وما زال المتعاقدون في مجال الصناعات العسكرية وإدارة ترامب يشعرون بالقلق من تعطل الصفقات في الكونجرس حيث يشعر الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء بالقلق بشأن قضية خاشقجي التي كشفت مخاطر تراجع الاهتمام بحقوق الانسان في خضم حملة “اشتر المنتج الأمريكي”.

وحتى قبل الأنباء التي أفادت بمقتله أعاق نواب ديمقراطيون ما لا يقل عن أربع صفقات أسلحة ويرجع ذلك إلى حد كبير بسبب مقتل مدنيين يمنيين في هجمات نفذتها السعودية.

وقال مسؤول كبير بالإدارة طلب عدم نشر اسمه “هذا يجعل من المرجح أن يوسعوا القيود لتشمل أنظمة ليست بالضرورة مثيرة للجدل بالنسبة لهم. هذا مبعث قلق كبير”.