مرايا – تسير أنقرة وواشنطن في مسار تصادمي في شمال سوريا، لذلك يتعين على الجانبين إعادة التفكير في أولوياتهما إذا أرادوا إنقاذ تحالفهم الذي تزداد هشاشته على نحو مطرد. وقد تدهورت العلاقات الامريكية التركية لبعض الوقت. لكن حتى وقت قريب، لم يكن أحد يعتقد أنه قد ينتهي المطاف بالجيوش الأمريكية والتركية، المتحالفة بشكل وثيق منذ الخمسينيات، إلى مواجهة بعضها البعض مباشرة. لكن في ظل الوضع في شمال سوريا اليوم، لم يعد هذا أمراً بعيد التصور. وإذا أُريد تجنب نقطة اللاعودة، سيتعين على الجانبين أن يعيدا التفكير في أولوياتهما وأن يبدآ في بناء الثقة. يمكن أن تبدأ هذه العملية بتقييم صادق لكيفية وصول الأمور إلى هذه النقطة، حيث أن أمريكا وتركيا على وشك التصادم.

بالمقابل تشير كافة التقارير إلى أن الاجتماع الذي عُقد في واشنطن في الرابع من حزيران بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أحرز تقدماً ملحوظاً حول حل مسألة ثنائية شائكة، وهي كيفية التعامل مع «حزب الاتحاد الديمقراطي» – الحليف السوري المحلي للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». ويمكن تفهّم أنقرة التي ترى أن الجماعة السورية الكردية وتسليح واشنطن لها يشكّلان مصدر تهديد، بما أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» مرتبط بـ «حزب العمّال الكردستاني» – المنظمة المتمردة التي حاربت الحكومة التركية لأكثر من ثلاثة عقود.

الانباط اليوم تبحث في ملفها تطورات المشهد بين التصعييد والتهدة ، وتبحث نقاط التقاطع بين هذه الاطراف ، ولعل ما يكتبه جيمس إف. جيفري هو زميل متميز في زمالة “فيليب سولوندز” في معهد واشنطن، والسفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا حول المشكلة بالقول انها تتمحور بالتحديد حول المنطقة المحيطة بمدينة منبج في سوريا، حيث تقدّمت أوّلاً قوات «حزب الاتحاد الديمقراطي» المدعومة من الولايات المتحدة غرباً عبر نهر الفرات في عام 2016، متجاوزةً بالتالي الخط الأحمر الذي أعلنت عنه تركيا مراراً. ومَثَلها مَثَل إدارة أوباما قبلها، تعهّدت إدارة ترامب من حيث المبدأ بإخراج عناصر «حزب الاتحاد الديمقراطي» من المنطقة رجوعاً عبر نهر الفرات. إلا أن رفض الجماعة الانسحاب ـ إلى جانب مقتضيات الحرب غير المكتملة التي تشنها الولايات المتحدة ضد بقايا تنظيم «الدولة الإسلامية» في شمال شرق سوريا، والتي تتطلب تعاون «حزب الاتحاد الديمقراطي» ـ قد أحدث تغييراً هائلاً في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، بحيث أن الدولتين الحليفتين في منظمة حلف شمال الأطلسي قد وصلتا في مرحلة ما إلى درجة تهديد القوات العسكرية لبعضهما البعض.
وفي وقتٍ سابق من هذا العام تمت تهدئة الوضع نوعاً ما، عندما اجتمع وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتعهدا مبدئياً بالتوصل إلى حل. ومنذ ذلك الوقت، عمل المسؤولون الأتراك والأمريكيون على خارطة طريق لإخراج «حزب الاتحاد الديمقراطي» من منطقة منبج التي تضم عدداً كبيراً من السكان العرب (على الرغم من أن ذلك لا يصل ربما إلى نسبة 90 في المائة التي يدعيها الأتراك). وبمجرد انسحاب الجماعة، سيتولى التواجد الأمريكي – التركي المشترك والسلطات المحلية توفير الأمن للمنطقة.
ومع ذلك، فإن الحواجز الأساسية – رفْضْ «حزب الاتحاد الديمقراطي»المغادرة، وحاجة الجيش الأمريكي لمواصلة عملياته في شمال شرق البلاد – ما زالت قائمةً، وأدت عدة خلافات ثنائية أخرى إلى المزيد من التشويش في العلاقة، بدءاً من مطالبة أردوغان من واشنطن بتسليم العقل المدبّر المزعوم لانقلاب عام 2016 فتح الله كولن، وإلى شراء أنقرة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية “إس-400”. كما أن خطابات أردوغان المعادية للولايات المتحدة قبل الانتخابات الوطنية التركية المقرر إجراؤها في 24 حزيران/يونيو قد أثارت الغضب أيضاً، مما حفز الساسة الأمريكيين، ووسائل الإعلام، والمحللين إلى التكهن بأن أنقرة تنحرف نحو المعسكر الروسي.
إلا أن المحادثات التي جرت في الرابع من حزيران/يونيو في واشنطن قد تمثّل خطوةً كبيرةً نحو تبديد هذه التوترات. فبعد الاجتماع، غرّد جاويش أوغلو قائلاً إنه اتفق مع بومبيو على خارطة طريق في منبج، وأطلع المراسلين في وقت لاحق عن المزيد [من التفاصيل] حول “النتائج الملموسة” المنبثقة عن القمة “المثمرة والناجحة”. ووفقاً لمصادر أمريكية وتركية مختلفة، تشمل الخطة بدء «حزب الاتحاد الديمقراطي» في الرجوع عبر نهر الفرات، ربما خلال تسعين يوماً إذا سمحت الظروف ذلك. وسوف تتولى القوات الأمريكية والتركية عمليات الدوريات في المنطقة، وتعمل مع أجهزة الأمن والحكم المحلية.
ويرى الأتراك وبعض الأمريكيين أيضاً أن هذه الخطة هي الخطوة الأولى في نوعٍ جديد من التعاون الثنائي في سوريا، بعد فشل جهود مماثلة خلال إدارة أوباما. وفي تغريدته لمّح جاويش أوغلو إلى هذا التعاون الأوسع نطاقاً. ووفقاً لمصادر في كلا الحكومتين، تتمثّل الفكرة في الضغط المشترك على نظام الأسد وإيران، وأخيراً روسيا لقبول حل سياسي من خلال عملية جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، وهو هدف تركي مهم طويل الأجل توافق عليه الولايات المتحدة، وإن كان بأقل عزماً. وعندما يتحدث المسؤولون الأتراك بشكلٍ عام عن “الضغط” على معسكر الأسد، فإن ما يقصدونه عادةً هو احتلال القوات التركية والأمريكية لشمال سوريا بشكلٍ شبه تام تقريباً، وهي المنطقة التي تضم أكثر من 40 في المائة من أراضي البلاد، وعشرات الآلاف من الحلفاء المحليين المسلحين تسليحاً جيداً، وملايين المواطنين السوريين المقيمين هناك أو المشردين بسبب الحرب، من بينهم العديد عبر الحدود في تركيا.
لكن إلى حين بدء تطبيق هذه الخطط بشكل فعلي، شعرت تركيا بأنها ملزَمة بالانخراط مع روسيا وإيران بشأن فض النزاع العسكري بشكلٍ محدود في سوريا، ويشمل ذلك إلى حد بعيد ما فعلته القوات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية مع موسكو. ومع ذلك، يبدو أن الأتراك يعتقدون أن دمشق وطهران ما زالتا عازمتان على تحقيق انتصار عسكري في بقية أنحاء سوريا – وهو سيناريو لا يمكن أن يمنعه سوى التعاون بين الولايات المتحدة وتركيا.
إنّ تحويل النجاح الثنائي التكتيكي في منبج إلى جبهة استراتيجية هو تصوّرٌ مثيرٌ للاهتمام، ولكن هناك العديد من التحديات الجدية التي يجب التغلب عليها. أولاً، يجب أن تبقى الولايات المتحدة منخرطة عسكرياً في شمال شرق سوريا على أقل تقدير، وربما في أماكن أخرى. غير أن ذلك يتطلب التعاون مع «حزب الاتحاد الديمقراطي» في موطنه شرق الفرات – وهو احتمالٌ شائك نظراً إلى أن تركيا تعتبر منطقياً ما زالت في حربٍ مستمرة مع هذه الجماعة. وعلى الرغم من أن القوات التركية وقوات «حزب الاتحاد الديمقراطي» قد حافظتا على وقف إطلاق النار الفعلي على طول الحدود الشمالية الشرقية، إلا أن تركيا سحقت الجماعة في المنطقة الشمالية الغربية من عفرين، ويبدو أنها تستعد للقيام بعملية مماثلة ضد “أبناء عمومة «حزب الاتحاد الديمقراطي»” في شمال العراق.
ثانياً، يبدو أن واشنطن لم تضمن بعد إذعان «حزب الاتحاد الديمقراطي» لخارطة طريق منبج. وإذا تردد الأكراد في قبولها، فمن المرجح أن تتردد أيضاً القيادة العسكرية الأمريكية المسؤولة عن التنسيق معهم ضد بقايا تنظيم «الدولة الإسلامية».
ثالثاً، تبقى الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في سوريا غامضة. فتوقعات الرئيس ترامب بأن القوات الأمريكية ستنسحب في غضون ستة أشهر لا تتوافق مع النهج التركي. وفي الوقت نفسه، يبدو أن بعض المسؤولين في الولايات المتحدة والأردن وإسرائيل يراهنون على طرفٍ آخر حول سوريا وهو روسيا، إذ يرون أنها المفتاح لجعل إيران تنسحب. إلا أنه في نظر أنقرة، إن أي حل يترك نظام الأسد دون قيود لن يؤدي إلى انسحاب إيراني؛ بل على العكس من ذلك، سيشكل مخاطر أكبر على الجميع.
أما بالنسبة إلى الاعتبارات المحلية في تركيا، فسيحاول أردوغان على الأرجح استخدام اتفاق منبج لتلميع مصداقيته القومية في الانتخابات المقبلة. وفي الوقت الذي يواجه فيه منافسة قوية في استطلاعات الرأي، فقد يسجّل أردوغان خطة انسحاب «حزب الاتحاد الديمقراطي» شرق الفرات، الذي اقترحته خارطة الطريق، على أنه انتصارٌ ضد «حزب العمّال الكردستاني»، رغم أنه من المستبعد أن يسبق الانسحاب عملية التصويت حتى في أفضل الظروف.
سافانتي كورنيل: مدير معهد آسيا الوسطى والقوقاز التابع لمجلس السياسة الخارجية الأمريكية، وهو مؤسس مشارك لمعهد الأمن والسياسة الإنمائية في ستوكهولم، عالج العلاقات الأمريكية التركية بالتساؤل بانها وصلت الى نقطة اللاعودة ؟
غني عن الذكر أن تردد وتراجع الولايات المتحدة في الملف السوري كان عاملاً رئيسياً في تزايد الشكوك التركية بشأن نوايا أمريكا. الشد والجزر في العلاقات بين البلدين ليس وليد هذه اللحظة، لكن يمكن القول إن الملف الكردي هو الملف الرئيسي الأكثر إشكالية والأكثر إثارة للخلاف بين الجانبين. بدأ الشك التركي في النوايا الأمريكية بإنشاء كردستان العراق المستقلة في أوائل التسعينيات. وقد تكثفت الشكوك مع حرب العراق في عام 2003، وما تبعها من إنشاء كيان شبه مستقل، ما شكل حديقة خلفية لحزب العمال الكردي العامل في تركيا. وقد وصلت إلى نقطة الغليان مع الصراع في سوريا. في جميع الحالات الثلاث، كانت تركيا قد استوعبت فكرة الشراكة مع أمريكا، ولكن في الوقت نفسه ترى أن أمريكا تقوم بخطوات تقوض مصالح تركيا وأمنها.
هل يوجد مخرج؟
سواء تم التغلب على الأزمة الحالية أم لا، فإن تهديد العلاقات الأمريكية التركية الممتدة منذ زمن بعيد أمر يدعو للجزع. لقد أصبحت قيادة دولة صديقة عضو في حلف الناتو فعلاً تشجع مناهضة أميركيا؛ وتنظر قيادتها إلى أميركا كخصم أساسي لها، متهمة إياه بالعمل على تهديد وجودها. وللأسف، هذا لا يرجع فقط إلى طبيعة زعيم غير متزن. وتتقاسم وجهة نظر أردوغان حول دور أمريكا في سوريا والعراق قطاعات واسعة من الطيف السياسي التركي.
الأتراك لديهم وجهة نظر: يعتقدون أن السياسات الأمريكية في سوريا والعراق أثرت على تهديد مصالح تركيا. ويعتبر من اللامعقول أن تقوم الولايات المتحدة بتدريب “حزب” تابع لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وفي نفس الوقت تتوقع ألا يؤثر ذلك على العلاقات مع بلد تعتبره حليفاً لها. سترى أي حكومة تركية ذلك عملاً عدائياً؛ يُذكر أن أردوغان يحظى بدعم أكثر من 80٪ من الأتراك حول هذه القضية.
لكن الولايات المتحدة أيضاً لها وجهة نظر. حيث تعتبر أن تزايد معاداة الأميركيين لقادة تركيا -أردوغان أولاً وأخيراً -ليس في المقام الأول نتيجة لسياسة أميركا في سوريا، أو حتى لأية أعمال أميركية. بل هي نتيجة عقلية إيديولوجية ترى أن أمريكا قوة للشر في العالم. وليست مشكلة أمريكا أن يظن أردوغان ويرى كل شيء من الاحتجاجات في اسطنبول والانقلابات في القاهرة وأنقرة إلى الحملات ضد أصدقائه القطريين باعتبارها جهوداً لتقويض مكانة تركيا وموقعه في السلطة. إذا كان هذا هو ما أصبحت تركيا عليه، فلماذا إذاً يجب أن ترجع أمريكا إلى أنقرة بشأن مسائل الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط؟
المشكلة، بشكل أساسي، على مستويين. أولا، أن الأهداف الأمريكية والتركية في المنطقة أصبحت تتباعد على نحو متزايد. إذا كان هناك ثقة وحسن نية بين قادة الطرفين، فإنه يمكن التغلب على هذا الاختلاف، أو على الأقل إدارته. وقد أعرب وزير الدفاع جيمس ماتيس عن تفهمه للمخاوف الأمنية لتركيا، ويسعى وزير الخارجية التركي إلى إقناع الأمريكيين بأن بلاده شريك أفضل لأمريكا من وحدات حماية الشعب. إذا ترك هؤلاء القادة وغيرهم مثلهم، فإن لديهم القدرة على العمل وإيجاد حلول. على سبيل المثال، يمكن أن تتوافق واشنطن وأنقرة على إنشاء منطقة أمنية تركية على الجانب السوري من الحدود. ومن شأن ذلك أن يهدئ كثيراً من المخاوف في أنقرة.
لكن على مستوى آخر، تفتقر أمريكا لاستراتيجية شاملة للمنطقة أو لعلاقتها مع تركيا. بدون مثل هذه الاستراتيجية، من المرجح أن ينتقل المسؤولون الأمريكيون من أزمة إلى أزمة، في محاولات لاحتواء الأضرار، في حين أنهم غير قادرين على حل المشاكل من جذورها. وبالمثل، طالما استمر أردوغان والقوى المهمة في القيادة التركية في تصريحاتهم المناهضة للولايات المتحدة، فإن احتمال قيام أي شخص ببذل جهودٍ جادة لإنقاذ العلاقة سوف يتضاءل يوما بعد يوم.
في التحليل النهائي، سيكون من المستحسن أن يكون لدى المسؤولين الأمريكيين نظرة بعيدة المدى: ما مدى أهمية تركيا للمصالح الأمريكية في أوروبا وأوراسيا والشرق الأوسط في أفق مدته 20 عاماً؟ إذا ما رأوا أنها لا تزال تحافظ على القيمة الاستراتيجية الهائلة التي يفترضها الكثيرون، ينبغي أن يركزوا على ضمان ألا يجد الأتراك العاديون سبباً للتساوق مع نظريات المؤامرات التي يرددها بعض قادتهم، وبدلاً من ذلك النظر لأمريكا بشكل إيجابي وبثقة. سيتطلب ذلك إدخال تعديلات على سياسات الإدارة الأمريكية في سوريا. وفي الوقت نفسه، يمكن معالجة حكومة أردوغان بطريقة تعاقدية -كقوة مزعجة تحتاج إلى إدارة بطريقة أو بأخرى مع وضع الهدف الأوسع -سابق الذكر- في الاعتبار.
إصرار الطرف التركي على العمل المشترك في سوريا، من خلال تقديم المشاريع والمبادرات وخطط الحركة، قوبل من الجانب الأمريكي بالتسويف والوعود الكلامية والنكوص المتكرر عن تلك الوعود، ما دفع الطرف التركي إلى طرق الباب الروسي، بعد أن وصل التوتر بين أنقرة وموسكو إلى شفير الحرب، على خلفية إسقاط الطائرة الروسية.

وبعد الاستدارة التركية نحو موسكو، دخلت أنقرة في مسار أستانا كدولة ضامنة لطرف المعارضة، وهو دخول أعطى أستانا ومسارها زخما كبيراً، رغم غموض واشنطن، وحذر الأمم المتحدة وتردد مبعوث أمينها العام للشؤون السورية سيتفان ديمستورا.

التنسيق التركي الروسي النشط، الذي قطع أشواطاً كبيرة على الأرض السورية، شجع بوتين على الذهاب لجهة عقد مؤتمر سوتشي “للحوار السوري السوري!” كخطوة متقدمة، رغم المقاطعة الأمريكية لهذا المؤتمر.

ولطالما ردد رئيس وزراء تركيا السابق، أحمد داوود أوغلو، عبارة: “خسارة تركيا خسارة كبيرة لا تعوض”.. وأدرك الأمريكان مؤخراً أن خسارة تركيا، تعني فقدان البوصلة في معادلة الشرق الأوسط المعقدة، إذ السير مع منظمات إرهابية لا يمكن أن يوصل إلى الهدف المنشود، حتى لو كان الطريق أقصر وأسرع في الوصول.

أدرك الأمريكان أن الخمسة آلاف شاحنة المملوءة بالسلاح والعتاد التي قدموها لميليشيا “ب ي د / بي كا كا” الإرهابية لا يمكن أن تحول تلك المنظمة الانفصالية الإرهابية إلى منظومة تقود دولة، إذ السلاح وحده لا يبني دولة.. نعم قد يساعد السلاح النوعي على كسب معركة أو معركتين، لكنه في المحصلة لا يمكن أن يؤسس لاستقرار، ولا يكفي لإدارة الدولة والمجتمع.

3 ملفات خلافية أساسية
الملف الأول: تأسيس الاستقرار في مدينة منبج
الملف الثاني: صفقة المقاتلات من طراز “إف-35”
ينص الاتفاق بين أنقرة وواشنطن على تسليم المقاتلات من طراز “إف-35” الأمريكية خلال الشهر الجاري، وقد تمت جميع إجراءات الفحوصات الأولية التجريبية على الطائرات التي رسم على أجنحتها العلم التركي. لكن بعض أعضاء الكونغرس قدم مشروع قرار يمنع الحكومة بموجبه من تسليم الطائرات لتركيا، بذريعة شراء أنقرة منظومة الصواريخ الروسية “S400″، بالرغم من انتهاء الصفقة، وقيام تركيا بتسديد الدفعات المترتبة على عملية الشراء.
المقاتلات من طراز “إف-35” ليست صناعة أمريكية خالصة مائة بالمائة، إذ هناك بعض القطع الحساسة تصنع في تركيا أيضاً، وبالتالي فإن ما يقوم به بعض أعضاء الكونغرس ليس أكثر من عملية ابتزاز لتركيا.
جاويش أوغلو أكد أن بلاده ترفض لغة التهديدات من الكونغرس الأمريكي حول هذا الموضوع، وشدد على أن تسليم مقاتلات “إف-35” سيجري في 21 يونيو/ حزيران الجاري، كما كان مخططًا له من قبل، موضحًا أنه ليس هناك أي تغيير في هذا الصدد.
الملف الثالث: ملف تسليم زعيم الكيان الموازي “فتح الله غولن”
قضية تسليم فتح الله غولن زعيم الكيان الموازي، الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط للانقلاب الفاشل بتاريخ 15 يوليو/تموز 2016، شكلت إحدى نقاط الخلاف بين الطرفين.
تقول أنقرة بأنها قدمت للمسؤولين الأمريكان، مجموعة من الأدلة القطعية الثابتة التي تدل على ضلوع غولن وتنظيمه في التخطيط للانقلاب، وطلبت تسليمه بموجب اتفاقية تسليم المتهمين المبرمة بين الطرفين.
وتتهم أنقرة واشنطن بالتلكؤ وعدم مراعاتها للاتفاق بين البلدين، في الوقت الذي قامت به أنقرة بتسليم جميع المطلوبين لواشنطن.
في زيارته الأخيرة كرر جاويش أوغلو مطالبة تركيا باستعادة غولن، من أجل محاكمته، لكن نظيره الأمريكي مايك بومبيو أبلغه بأن مكتب التحقيقات الفيدرالية “FBI”، يجري تحقيقات جدية حول منظمة غولن في الولايات المتحدة.